د. يحيى الوكيل
بقلم: د. يحيى الوكيل
حكومتنا الرشيدة تتفضل علينا كل عام بيوم إجازة في الخامس والعشرين من شهر أبريل، ولو سألت العديد من الناس عن مناسبة هذه الإجازة لفشل معظمهم في معرفتها.
لمن لا يعلم فهي ذكرى رفع العلم المصري –فقط رفع العلم المصري– على مدينة العريش عام 1982 من ضمن مراحل انسحاب إسرائيل من سيناء التي احتلتها بعد هزيمة مهينة عام 1967.
أبواق الحكومة مصممون على الاحتفال بهذا اليوم لأن السيد الرئيس هو من تفضل فرفع بيده العلم، وأبواق الحكومة حريصة على إضافة هذا الانجاز لسيادته كما لو أنه حرر سيناء بكاملها وحده بداية من حرب الاستنزاف وهو نفاق لا أعتقد أن سيادة الرئيس بحاجة إليه.
ولكن، ماذا يمثل هذا اليوم حقًا للمواطن المصري –على الأقل ذلك المواطن الذي يعلم بمناسبة الاحتفال بغير الأخذ في الاعتبار من لا يعرفون وهم الأكثرية؟
صدقوني لا يجد الكثيرون في هذا اليوم مناسبة لاحتفال تعطل فيه أجهزة الدولة كلها، بل وهناك مَن يجده تذكيرا بكارثة 1967 وضياع سيناء وما استلزمه أعادتها من استنزاف لثروات مصر وزهرة شبابها، وما أفرزته تلك الهزيمة من مخزيات اجتماعية واقتصادية نعاني منها حتى اليوم.
على النقيض من ذلك لا تعترف الدولة بإجازة أحد القيامة والذي يحتفل به أقباط مصر والعالم، ويمثل اليوم لهم أهمية روحية بالغة. بقية الشعب المصري أيضًا يحتفل بهذا اليوم، ولكن على طريقته.
فيوم أحد القيامة محصور بين يومي إجازة، فيسبقه السبت والذي تحصل عليه معظم جهات العمل الخاصة والحكومية ويليه شم النسيم وهو إجازة رسمية معتمدة.
شعبنا الطيب يقوم "بإعطاء نفسه إجازة" في يوم أحد القيامة، ومن لا يصدقني فليتوجه إلى أية مصلحة حكومية أو جهة ما للحصول على خدمة أو إنهاء إجراءات وسيجد أكثر من نصف الموظفين غائبين عن مكاتبهم.
شعبنا ينهل من حكمة آلاف السنين و خبرته في التعامل مع حكومة الفرعون عندما يأخذ هذه الإجازة غير الرسمية، فهي توفر له أربعة أيام متصلة من الإجازة متيحة له الفرصة للترويح أو السفر للأقارب أو حتى تكثيف الاستذكار للطلبة المقبلين على امتحانات نهاية العام، فلا معنى أبدا لقطع هذه الأجازة الطويلة نسبيًا للذهاب للعمل ليوم واحد في منتصفها.
لن تقف الكرة الأرضية عن الدوران إن أبدلنا إجازة الخامس والعشرين من أبريل التي لا يحتفل بها أحد بأحد القيامة، بل سيحمد الناس –كل الناس– لمن يتخذ هذا القرار بصيرته وحكمته.
لقد ألغينا الاحتفال بأيام مثل هذا اليوم أو أهم، كإلغاء الاحتفال بيوم 23 ديسمبر بعد أن انصلحت علاقاتنا بإنجلترا و فرنسا، وألغينا الاحتفال بجلاء القوات البريطانية عن مصر وإنهاء الاحتلال الانجليزي –بشكل كامل وليس جزئيًا– في 18 يونيو و غير ذلك من مثال؛ وبعض هذه الأمثلة في رأيي أهم بكثير كمناسبة للاحتفال من يوم الخامس والعشرين من أبريل.
الفوائد التي ستعود من اعتماد يوم أحد القيامة عيدا رسميا للدولة عديدة، ولن تزيد عدد أيام الإجازات الرسمية أن ألغينا أجازة الخامس والعشرين من أبريل.
أول هذه الفوائد –و ربما أهمها– الفائدة الاجتماعية والسياسية العائدة من الاعتراف الرسمي بالعيد الأهم لأقباط مصر –أحد عنصري الأمة المصرية-، واحتفال كل المصريين بهذا العيد معًا كما يحتفلون بأعياد المسلمين الدينية معًا.
من الفوائد الأخرى الفائدة الاقتصادية العائدة من تنشيط السياحة الداخلية والتي تفيدها الأجازات الطويلة، ومنع "التزويغ" في هذا اليوم، وكذلك تخفيف العبء على المرور خلال أربعة أيام وتقليل التلوث الناتج عن عوادم السيارات، وغير ذلك من الفوائد العديد.
كل المطلوب إعمال العقل لاستيعاب الحكمة من إعلان أحد القيامة عيدًا رسميًا للدولة، والعقل زينة.
http://www.copts-united.com/article.php?A=16409&I=409