ماهر الجاولي
بقلم: ماهر الجاولي
يبدو أقباط مصر – مؤخرًا – في حالة مزاجية يُرثى لها، ربما يعذرهم البعض في حين يسخر من تفكيرهم البعض الآخر. وهم – أي أقباط مصر المحروسة – ما بين حالة من البأس والصمود وحالة أخرى من الذاتية المفرطة، مرورًا بحالات أخرى من التشنج والهياج اللامنطقي واللامعقول.
ونظرًا لما يعانيه الأقباط المسيحيين في مصر من مشاكل عدة متشابكة، شأنهم شأن الكثير من إخوانهم الأقباط المسلمين، مثل ارتفاع تكاليف المعيشة بما لا يتناسب مع الأجورالمتدنية، إضافة إلى تردي مستوى الخدمات في كافة مناحي الحياة وعلى جميع الأصعدة، والمتمثل في نظام تعليم ضحل ونظام صحي سقيم ونظام اجتماعي مزمن ونظام اقتصادي مختل، لذا كان من الطبيعي أن يتأثر القبطي المسيحي نتيجة كل هذه السلبيات المتشابكة التي شكلته في قوالب متعددة. فها هم مسيحيين مقهوريين نتيجة الظلم الواقع عليهم من الدولة والتي تكيل لمواطنيها بمكاليين مكيال فائض لمواطنيها من المسلمين، ومكيال آخر ناقص لرعاياها من المسيحيين، مما أنتج مواطنين لا يتمتعوا بأدنى حد من حقوق المواطنة؛ الأمر الذي ولَّد الشعور بالظلم والقهر، هذا الشعور بات ينخر في العظام حتى أمسى الأقباط المسيحيين أرقامًا في التعداد القومي يخشى حتى التصريح به.
أما النوع الثاني من مسيحيي مصر المحروسة، فهم ضحايا محبي الزعامة الصورية وأصحاب المصالح الخاصة، وأصدق دليل على قولي هذا تلك المذبحة التي دارت رحاها في نجع حمادي وراح ضحيتها شباب بريء غض، وتثبت الشواهد المبدئية – وربما النهائية – إلى تورط شخص ذو مصالح خاصة وراء تلك الأحداث المأسوية. كما أن أحداث مرسى مطروح الأخيرة هي – أيضًا – نتيجة تحريض أحد الشيوخ الذي سعى إلى بطولة زائفة معتقدًا إنه يقدم خدمة لدينه والدين منه بريء..
وتتمثل حالات الذاتية المفرطة لدي أقباط مصر في الآوانه الأخيرة في عصيان أحد المقربين السابقين من الزعامة الدينية الحالية وانقلابه على أبيه الروحي زاعمًا معالجة الخلل في قوانين الكنيسة القبطية، لكنه – في الواقع – يمزق جسد الكنيسة محاولاَ اقتناص النفوس الساذجة التي – ربما – صدقت مزاعمه وإرهاصاته.
وما بين حجري رحي من ظلم الدولة واضطهاد بعض أفرادها شبه المعلن، وبين بطولات وهمية لأبطال من معادن هشة، يتعرض الأقباط لحالات من التشنج والهياج، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، ذاك الرجل القبطي المنبوذ الذي لم يتجاوز تعليمه إحدى الشهادات المتوسطة، لكن لسانه تجاوز حدود اللياقة والأدب، حيث يقبع في ركن إحدى المقاهي في بلدته في صعيد مصر عارضًا شهادته وافترائته ضد أبناء دينه، بغرض الانتقام ممن سلبوه مقعده في البرلمان يوم أن تحالف مع ألد أعداء عشيرته.
والمضحك والمبكى ـ في آن واحد ـ ما قام به مؤخرًا أحد المحامين بالتربص بأحد نجوم الكرة، مهددًا أياه بفضحه إعلاميًا وقضائيًا جراء الاستشهاد ببعض أيات السيد المسيح، الأمر الذي جعل نجم الكرة الأشهر يركع طالبًا العفو والغفران على ذنب لم يقترفه أو يجنيه، وتناسى ذاك المحامي المغوار يوم أن ارتعضت فرائصه خوفًا ورعبًا في مناظرة مع الشيخ البدري أمام شاشات الفضائيات.
وإني – بمناسبة يوم الفداء العظيم - أقتبس قول الجند الذين كانوا يستهزأون برب المجد عند لطمه قائلين: "تنبأ من لطمك"، أجدني بكل صدق وإخلاص أنبه عموم أقباط مصر المحروسة قائلاً لهم: "تنبهوا، من يلطمكم..."
http://www.copts-united.com/article.php?A=16073&I=400