أزمة إسلام أون ﻻين: انتهاك لحرية التعبير وحقوق الصحفيين ورقة موقف مركز هشام مبارك للقانون

عماد خليل

كتب: عماد خليل - خاص الأقباط متحدون
يعتصم منذ 15 مارس الحالي، أكثر من 300 من العاملين والصحفيين بموقع "إسلام أون ﻻين"، وذلك بعد أن أرسلت إدارة الموقع لجنة قانونية للتحقيق مع 250 منهم، لإرسالهم رسالة للشيخ القرضاوي، رئيس مجلس إدارة "جمعية البلاغ القطرية" المالكة للموقع، وقد تطور الاعتصام في ظل تعنت مالكي الموقع، واتخاذهم قرارات وإجراءات استفزازية، منها السيطرة على كلمات مرور (pass word) الموقع، مما دفع المعتصمون لتطوير اعتصامهم، ليصل الأمر لإضراب اثنين منهم عن الطعام، حيث دخل أمس الأحد الموافق 20 مارس، اثنان من الصحفيين إضرابًا عن الطعام والشراب.

ويعتبر موقع "إسلام أون ﻻين" من أشهر المواقع الإلكترونية الإسلامية، ليس في مصر والمنطقة العربية فحسب، وإنما في العالم، وقد تأسس الموقع عام 1999 بتمويل خليجي ( قطري – سعودي ) وإدارة مصرية، وبحسب المعلومات المتداولة، فإن الموقع يتبع جميعة "البلاغ القطرية"، والتي أنشئت عام 1998، ويبدو أن تلك الجمعية قد جعلت من شركة مساهمة مصرية باسم ( ميديا انترناشنول) واجهة لإدارة الموقع بما فيها التعاقد مع الصحفيين.

ورغم أن رئيس مجلس إدارة جميعة "البلاغ"، المالكة للموقع، "الشيخ يوسف القرضاوي"، قد أشيع أنه أصدر قرارات بإقالة المتسببين عن الأزمة، إلا أنه يبدو أن تلك القررات لم تفعَّل بعد، حيث ﻻ يزال الأمر كما هو منذ اندلاع الأزمة.

هذا ويطالب الصحفيون والعاملون بالموقع بوقف تخريب الموقع وإعادة سيطرتهم على الموقع مرة أخرى، ووقف الإجراءات التعسفية ضدهم من قِبل ممثلي مالكي الموقع.

شركاء ﻻ أجراء 
شعار رفعه المعتصمون من العاملين والصحفيين بمدينة 6 أكتوبر غرب القاهرة، بمقر موقع "إسلام أون ﻻين"، وهو شعار يعكس إلى حدٍ كبير ارتباط العاملين بالموقع برسالة الموقع وأهدافه، وتخوفاتهم من الإجراءات التعسفية التي اتخذتها الجمعية المالكة للموقع، وتأثيراتها السلبية على مشروع "إسلام أون ﻻين".

معركة"السيرفر" وتقييد حرية التعبير والنشر... فتش عن الرقابة
يُذكر أن تصريحات مسئولي جميعة "البلاغ" على قناة "الجزيرة"، والتي أكدوا فيها أنهم قرروا استعادة سيطرتهم على الموقع، والتي سبقتها أيضًا تصريحات منشورة بجريدة "الشرق الأوسط" أكد مسؤلو الجمعية فيها أن الهدف من السيطرة على السيرفر هو أن يتم النشر من مقر الجمعية بقطر وليس من القاهرة، تعكس النية المبيتة لفرض رقابة على محتوى موقع "إسلام أون ﻻين"، أي الرقابة على إدارة تحرير الموقع من قِبل الإدارة والمالك للموقع في قطر، وهو الأمر الذى يعد بلا شك تقييدًا لحرية التعبير، وانتهاكًا لحقوق الصحفيين وحق النشر، كما أنه يُخالف المواثيق الدولية والدستور والقانون المصري، إذ أن مالكي الموقع بهذه الإجراءات قد ﻻ يختلفون كثيرًا عن حال الصحف المصرية في حقبة الستينات عندما كان هناك رقيب مهمته مراقبة هذه الصحف.

التهديد والتحقيق بسبب إرسال الشكاوى والبيانات 
إن ما قام به العاملون والصحفيون بموقع "إسلام أون ﻻين" من إرسال شكاوى وبيانات لرئيس مجلس إدارة جميعة "البلاغ القطرية"، إنما يدخل في نطاق حقهم المشروع في التعبير عن آرائهم، وﻻ يجوز بأي حال من الأحوال معاقبتهم، وعلى ملاك الموقع التحقيق في أسباب الشكوي وليس معاقبه مرسيلها.

انتهاك ملاك الموقع للأصول المهنية للصحافة والنشر
مثلت الإجراءات التى قام بها ملاك موقع "إسلام أون ﻻين" انتهاكًا خطيرًا للأصول المهنية المراعية لمهنة الصحافة، وعلى رأس هذه الأصول المهنية؛ مبدأ الفصل بين الإدارة والتحرير، أو الفصل، وبشكل خاص الفصل بين التمويل والتحرير، فهذه القاعدة الذهبية وضعت من أجل الحفاظ على استقلال الصحفيين عن مالكي وسائل الاعلام.

تغيير السياسة التحريرية تقتضي مناقشة إدارة التحرير وﻻ تجيز فصل الصحفيين
 لم تتضمن التشريعات القانونية أي نص يبيح لمالكي وسائل الإعلام عند تغيير السياسة التحريرية لهذه الوسائل أن تقوم بفصل العاملين والصحفيين بسبب تغير السياسة التحريرية، بل تلزم الأصول المهنية لمهنة الصحافة مناقشة إدارة التحرير في السياسة التحريرية قبل إقرارها، وقد تضمن قانون تنظيم الصحافة المصري والحاكم للعلاقة بين موقع إسلام أون لاين والصحفيين العاملين به، نصوصًا تضمن للصحفين الحق في فسخ التعاقد بإرادة منفردة والتعويض (المادة 13 من القانون 96 لسنة 1996)، بينما لم يعطِ المشرِّع هذا الحق للمؤسسة الإعلامية.

فصل تعسفي أم قرار بإغلاق الموقع بمصر
إن المتابع الجيد لأزمة "إسلام أون ﻻين" لن يستطيع أن يعرف حقيقة الإجراءات التي تتخذها جميعة "البلاغ القطرية"، فهل هي قرارات فصل تعسفي، أم قرار بالإغلاق لمقر الموقع بمصر؟.. فتصريحات مسئولي البلاغ من أن ليس لديهم عاملين بمصر تتناقض مع اللجنة القانونية التي تسببت في الأزمة.
إن ملابسات أزمة "إسلام أون ﻻين" تدل بلا شك على نية مالكي الإدارة – حتى الآن – في نقل مقر "إسلام أون ﻻين" من القاهرة إلى قطر، وهو ما يقتضي إغلاق المقر بمصر أو على الأقل تصفيته وإغلاقه بشكل جزئي، بما يعني الفصل التعسفي لمئات العاملين بالموقع.

وقد نظم قانون العمل المصري في المواد من 196 وحتى 201 الإجراءات القانونية لطلب الإغلاق الكلي أو الجزئي، فقد أعطى لصاحب المنشأة في حالة الضرورة الاقتصادية، حق طلب الإغلاق الكلي أو الجزئي للمنشأة (المادة 196 من قانون العمل)، وقد ألزم القانون أن يتقدم صاحب العمل بطلب إلى لجنة يذكر فيه أسباب غلق المنشأة أو تقليص نشاطها وأعداد وفئات العاملين الذين سيتم الاستغناء عنهم( المادة 197 من قانون العمل)، ويجب على صاحب العمل إخطار العمال والمنظمة النقابية التابع لها العمال بنيته للإغلاق أو تقليص النشاط وقبل التنفيذ (المادة 198، 199 من قانون العمل).

كما أن قانون تنظيم الصحافة 96 لسنة 1996 قد ألزم في حالة رغبة المؤسسة الإعلامية بفصل الصحفي، أن تُخطر نقابة الصحفيين(المادة 17)، فضلاً عن نصوص قانون العمل التي لا تجيز لأصحاب العمل فصل العامل إلا لأسباب جدية، وكلها أمور ﻻ يتوافر أي منها في العاملين بموقع إسلام أون ﻻين.
ولما كانت شركة "مالتي ميديا انترناشونال" ومعها جمعية "البلاغ القطرية" لا تواجه ضرورات اقتصادية تبيح لها طلب غلق الموقع أو تصفيته، فإنها تتحمل مسئوليتها عن هذه الإجراءات، فضلاً عن أن كل إجرءاتها بهذا الخصوص باطلة وغير شرعية وغير قانونية، ومن ثم فإن أي إجراء من قِبل ملاك موقع إسلام أون ﻻين لإنهاء علاقة العمل مع الصحفيين والعاملين هو فصل تعسفي وانتهاك لحقوقهم وفقا للمواثيق الدولية والقانون المصري، ويُعد انتهاكًا خطيرًا لحقوق العمال.

هذا وقد أعلن مركز "هشام مبارك للقانون" عن كامل تضامنه مع العاملين والصحفيين بموقع "إسلام أون ﻻين" في مطالبهم العادلة والمشروعة، ويطالب المركز بأن يتحمل جميع الأطراف مسئولياتهم تجاه تلك الأزمة وخاصة:
إدارة موقع إسلام أون ﻻين: عليها التوقف عن انتهاك حرية التعبير والنشر وحقوق العمال وإعلان موقفها بشكل واضح من الأزمة والاستجابة لمطالب العاملين والصحفيين بالموقع.

نقابة الصحفيين: عليها الوقوف بجانب الصحفيين وتبني موقفًا واضحًا من انتهاكات مالكي موقع "إسلام أون ﻻين" وتمثيل مصالح أعضائه من صحفيي "إسلام أون ﻻين".
منظمات المجتمع المدني: عليها التضامن مع مطالب الصحفيين والعاملين بموقع "إسلام أون ﻻين"، والضغط لحصول الصحفيين على حقوقهم.