مجدي يعقوب.. رحلة عطاء بلا حدود

بقلم: زاهي حواس

هو بحق واحد من علامات مصر المضيئة.. لما قدمه لأهل بلده وناسه تطوعا واختيارا..

إنه جراح القلب المصري العالمي الدكتور مجدي يعقوب.. ولقد كان لقائي الأول معه على عشاء جمعنا ورجل الأعمال المهندس سميح ساويرس، والفنان العالمي عمر الشريف الذي أخذ يحكي عن معرفته بالدكتور مجدي يعقوب في لندن منذ سنوات عديدة، وكان الدكتور مجدي يستمع إلى عمر الشريف.. وابتسامة هادئة تعلو وجهه.. ثم بدأ في الحديث عن مستشفى القلب بأسوان آخر محافظات مصر الجنوبية، التي يُجري فيها هو وفريق عمله.. عمليات القلب المفتوح للمصريين من مختلف الأعمار في صرح طبي لا يوجد له مثيل في أي مكان آخر في مصر..

ولقد جاء اختياره لهذه المحافظة النائية بناء على دواعٍ إنسانية بحتة، وهي إتاحة الرعاية الطبية في تلك الأماكن النائية التي يصعب وجود مثل هذا النوع من العناية الطبية فيها.. ويعاون الدكتور مجدي يعقوب فريق من الأطباء الأجانب المتطوعين لعلاج مرضى القلب، وكذلك فريق مصري من شباب الأطباء يتدربون مع هذا الجراح العظيم الذي كرمته ملكة إنجلترا فمنحته لقب «سير» نظرا لعلمه الذي خدم به الإنسانية كلها.

وهذا الرجل عندما تجلس معه وتستمع منه تجد نفسك أمام شخصية عظيمة تتواضع أمام العلم والمعرفة تواضعا ينم عن حقيقة لا زيف فيها وهي أن أمثال هؤلاء العلماء عندما خاضوا في علم من علوم الحياة أدركوا مدى الإعجاز الإلهي في خلقه وكونه، فتواضعوا وأدركوا أن ما وصلوا إليه لا يعد سوى قطرة من علم عظيم لا يعلم مداه إلا الخالق سبحانه وتعالى...

وعلى العكس من هذا نجد كل مدع للعلم والمعرفة متغطرسا متكبرا بمعلومة حشرها في رأسه وظن أنها منتهى العلم، فقتله كبرياؤه وأعماه عن إدراك العلم الحقيقي. وأمثال الدكتور مجدي يعقوب يجب أن نكرمهم ونتحدث عنهم لا مدحا في الرجل وهو في غنى عنه، وإنما كقدوة لشبابنا وأبنائنا ليروا أمثلة صالحة كي يقتدوا بها في حياتهم بدلا من تركهم فريسة لنماذج فاسدة يقتدون بها في الحياة.

ألا يكفي أن نذكّر أبناءنا أن الدكتور مجدي يعقوب يقطع آلاف الأميال مسافرا لكي يقضي في غرفة العلميات أكثر من عشر ساعات لإنقاذ حياة طفل صغير يخطو خطواته الأولى في الحياة بقلب عليل، وهو في ذلك لا يأخذ أجرا أو حتى كلمة شكر من أم الطفل أو أبيه..!

لا بد وأن نذكر أيضا أن هذا المستشفى العظيم في أسوان في سبيله إلى التوسع الآن ليكون أعظم صرح لعمليات القلب المفتوح في مصر يتم الصرف عليه من خلال المؤسسة الخيرية لرجل الأعمال سميح ساويرس الذي لا يتأخر عن التبرع والمساهمة في كل عمل جيد ومفيد ليس فقط في مجال رعاية المرضى وإنما في أوجه أخرى منها على سبيل المثال تغطيته لنفقات تحويل طريق، وبنية أساسية من خطوط مياه وكهرباء بعيدا عن أرض أثرية بمحافظة أسوان، وتبلغ التكلفة نحو 20 مليون جنيه مصري..!

وإذا كنا قد تحدثنا عن سميح ساويرس لا بد أن نذكر مقولته إن ما يفعله هو ورجال الأعمال لا يمكن أن ينظر إليه بعين التبرع أو التطوع وإنما هو الواجب المنوط بهم نحو بلادهم وأوطانهم التي من دونها ما كانوا رزقوا الثروات التي يجب أن توجه إلى مناحي المنفعة العامة، وهو بحق نموذج مشرف للرأسمالية الوطنية ذلك المصطلح الذي يشكك فيه كثيرون بسبب نماذج سيئة من رجال الأعمال الذين يكنزون الثروات وينفقونها ببذخ في غير أوجه المنفعة العامة..

أتمنى أن يظهر لنا مليون مجدي يعقوب من أبنائنا، ومليون آخر من سميح ساويرس.. أما عمر الشريف فسيظل الشخصية التي لا تتكرر.. ولن تتكرر!

نقلا عن الشرق الأوسط

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع