مجدي جورج
بقلم: مجدي جورج
بمناسبة اليوم العالمي للمرأة 8/3 تلقيت رسالة من موقع الحوار المتمدن كغيري من كتابه للكتابة عن هذا الموضوع وبرغم أن همومى كمصري عموماًُ وكقبطي خصوصاً لا تنتهي فلو وزع هذا الهم على العالم كله لكفى ذلك العالم وفاض عنه إلا اننى وجدت انه من الضروري أن أدلوا بدلوى في هذا الأمر خصوصاً أن معاناة المرأة في بلدنا مصر هي معاناة دائمة ومستمرة منذ زمن طويل .
فالمرأة التي هي الأم والأخت والزميلة والصديقة والزوجة والابنة كان لها باع طويل وحضور قوى فى جميع المجالات في مصرنا القديمة وقبل غزو العرب لمصر حيث كانت تصل إلى أعلى المناصب حتى ان مصر القديمة كانت تحكم فى بعض الاوقات بواسطة سيدات ذكرهم التاريخ بكل فخر واعتزاز وكانت السيدة تقف بجوار الرجل وتناضل معه كتفا بكتف فى كل المجالات.
ولكن كل هذه المكانة التى للمرأة ضاعت مع وصول جحافل الغزاة البدو الى بلادنا فهؤلاء البدو الرحل كانوا محملين بثقافة وفكر مختلف حول المرأة فالمرأة منذ صغرها كان يمكن ان يتم وئدها ودفنها حية فى الرمال واذا أفلتت من هذا المصير الجهنمي فإنها تظل حبيسة الجدران حيث ان ثقافتهم كانت تقول لهم ان المرأة لا تخرج الا ثلاث مرات الاولى من بطن امها والثانية من بيت ابيها الى بيت زوجها والثالثة من بيت زوجها الى القبر وكانت المرأة بالنسبة لهم مساوية للحمار والكلب فهي تفسد صلاة الرجل. بل وصل تحقيرهم للمرأة ان أطلقوا عليها لفظ الموطوءة وما توطئ هى الأرض التي تداس بالأقدام .
وفى بلدى الحبيب مصر اطلقوا على المرأة لفظ الحرمة فغير المتعلم يعرف زوجته بأنها الحرمة او الجماعة او ام العيال والمتعلم يعرفها ويقدمها للآخرين بأنها حرمه المصون . ففى بلادنا من العيب ان تنادى على المرأة باسمها وقد تدخل فى مشاكل جمة بسبب هذا الامر لذا يفضل ان تنادى على المرأة باسم احد أبنائها فوجه المرأة وصوتها وحتى اسمها فى بلادنا عورة ولا يجب ان يطلع عليه او يعرفه احد .
ولفظ حرمة وحريم كما تقول بعض الدراسات اتى من لفظ حرم فالحرمة هي حرمة الرجل وكأنه أسد يحرس منطقة معينة ولا يجوز لأحد الدخول الى حرمه والاعتداء على حريمه ومن هنا جاء تسمية الحرملك وهو المكان الذي خصص فى القصور العثمانية لسيدات السلطان وجواريه ولا يجوز للرجال الغرباء ان يقتربوا من هذا المكان .
وإذا وصلنا للعصر الحالي نجد ان المرأة المصرية تعانى معاناة شديدة فبعد بعض المكاسب الهامة التى حققتها فى بدايات القرن العشرين وخروجها من عصر الحريم ومشاركتها للرجل فى اغلب المجالات نجد الوضع الان قد انقلب وبدأت المرأة تفقد كل هذه المكتسبات وتتراجع كثيرا عن ذى قبل بسبب الظلاميين الذين لا يرون فى المرأة الا شيطان يجب إخفائه وإبعاده وان أمكن حبسه بعيد عن اعين الرجال الغرباء . واذا كانت المرأة المصرية عموما تعانى الان بشدة من تراجع وضعها فأن المرأة القبطية تعانى الان معاناة مزدوجة فهى تعانى لكونها امرأة في مجتمع ذكوري وهى تعانى أيضا لكونها مسيحية في مجتمع متأسلم يرفض ويحض على كراهية الأخر المختلف معه دينياً. واذا كانت المرأة المسلمة تأتى في الرتبة الثانية بعد الرجل المسلم فان المرأة المسيحية تأتى في المرتبة الرابعة ففي القمة ياتى الرجل المسلم وبعده المرأة المسلمة وثالثا الرجل القبطي وفى أخر السلم تأتى المرأة القبطية في المرتبة الرابعة .
المرأة والفتاة القبطية هي اول ما يقع عليها التمييز والاضطهاد والتحرش فى الشارع وفى العمل وفى كل مكان حيث من السهل التعرف عليها فورا لذا لابد لنا من الوقوف بجوارها لأنها حائط الصد الأول ضد جحافل الظلامييين الذين يريدون السيطرة على بلادنا وإرجاعنا مرة اخرى الى عصور الحرملك .
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=15230&I=380