د. وجيه رؤوف
وأعوذ بالله منك إن كنت إرهابياً
بقلم: د.وجيه رؤوف
يموج الشارع المصري في هذه الأيام بالكثير من المتناقضات والسلبيات التي تدعو إلى الأستغراب والدهشة لما وصل إليه حالنا, فالمراقب لحال الشارع المصري يجد الكثير من التصرفات الغريبة سواء في الملبس أو السلوك أو الألفاظ.
وبعد موجة من التحرشات الجنسيه التي ابتليت بها بلدنا سواء في وسط البلد أو غيره وهي موجه ذات إعلان سيء تُظهر البلاد في مظهر البلد المنحل، إلى موجة التعصب الطائفي ضد الأقباط التي جابت البلاد من الإسكندرية إلى كوم أمبو والتي تعطى انطباع عن البلد المتدين المتزمت، والحقيقه أن البلاد لا هي منحلة ولا هي متدينة ولكنها رقصت على السلم ولا تدري هل هي صاعدة أم هابطة، فبلدنا حقيقة لا هو منحل ولا هو متدين ولكنه في وقتنا الحالي ليست له هوية، وقد يراجعني البعض فيقول لي قل ليست هي دولة مدنية وليست هي دولة دينية ولكني مصّر على معنى ليست دولة منحلة وليست دولة متدينة، وذلك لأنه هناك فرق كبير بين الدولة المدنية والدولة المنحلة فالدولة المدنية ليست هي بالضروره الدولة المنحلة والدولة المنحلة ليست بالضرورة هي الدولة المدنية، فإن الدولة التى تعتبر نفسها دينية كإيران تتعامل في الدعارة والرقيق وتعتبر نفسها دولة دينية, إذاً هذا ليس شرطاً فتصنيف الدول لا يخضع لتصنيف الأشخاص والأفراد ولكن السلوك العام للأفراد بالإضافة إلى إعلامها المرئي والمسموع قد يعطي فكرة عن مضمون وشكل الدولة التي نحن بصددها.
إذاً خلاصة القول في هذه النقطة حتى لا أطيل عليكم أن بلدنا في هذه الأيام ينقصها تحديد الهوية، ولا نستطيع أن نضع أمام خانه الهوية شرطة (-)، فمن يقول أن دولتنا دينية حسب المادة الثانية من الدستور لا نستطيع أن نرد عليه ونزكر السلبيات التي تحدث داخلها مثل مشكلة تبادل الأزواج التي حصلت متخفية تحت ستار ديني لأننا لا نستطيع أن نعمم مسلك فردي على عامة الأفراد فنظلم الدولة ونظلم الدين في ذات الوقت، وبنفس المنطق لا أستطيع أن أسلم بتدين شخص على أساس ملبسه وهيئته فمن الممكن والوارد جداً أنه من برة هلا هلا ومن جوة يعلم الله.
ولكن أستطيع أن أحكم على شكل الدولة والطريق الذي تتجه إليه عن طريق إعلامها المرئي والمسموع وعن طريق مراقبة أحكام قضاتها لكي أضع ولو تصور بسيط عن الشكل العام للدولة.
وكمثال على ذلك, حينما يستضيف برنامج الحقيقه طائفة ما من أقليات هذا المجتمع وفي نفس البرنامج يستضيف ضيف من الإتجاه المعارض -والمعارض جداً-، وحينما يكون هذا الضيف وهو صحفي معروف عنه تعصبه الشديد وانتمائه إلى تيار ديني متعصب، بل ومعروف عن هذا الشخص بعينه معارضته لإقامه مؤتمر ضد التمييز الديني في مقر نقابة الصحفيين، بل وقد تسلح سابقاً داخل النقابة بالشوم هو وبعض الغوغاء أمثاله لمنع إقامه هذا المؤتمر، ثم بعد ذلك يُستضاف في برنامج الحقيقة لكي يتحاور مع بعض الأفراد المسالمين من طائفة البهائية أمثال الدكتورة باسمة موسى والسيد أحمد.
أقول أي حقيقه تلك التي يريد أن يعلنها لنا السيد وائل الإبراشى في برنامجه, وأي برامج تلك التي تستضيف ضيوفها لتحكم عليهم بالإعدام داخلها, وأي برامج تنويرية تلك التي تبث نيرانها عبر الأثير لتثير القوم على أناس مسالمين ليتم حرق منازلهم بحجه كفرهم وردتهم, أي جهاز إعلامي هذا الذي بدلاً من أن يستخدم في التنوير ونشر المحبه واحترام الآخر وتقبله يدعو إلى سحل كل من يختلف معه في الفكر أو المنهج أو المعتقد.
وأسفاه يا مصر أن يصل حال مثقفيك إلى هذا الدرك وأن تسقط أجهزة إعلامك هذه السقطه الشنعاء, إن تواطؤ جهاز الإعلام ومقدم هذا البرنامج في إثاره الجموع على البهائيين في قرية الشارونية لهو مشاركة في الجريمة بحق البهائيين, وكمثال لقد تم إعدام السيد محمد عبد السلام فرج صاحب كتاب الفريضة الغائبة برغم أنه لم يقتل أحداً وكانت جريمته الوحيدة هي تأليف هذا الكتاب الذي كان يدعو المؤمنين إلى الخروج عن الحاكم وقتله، وقد تم اعتبار هذا الكتاب هو المُحرض الرئيسي لاغتيال رئيس الدولة محمد أنور السادات.
إذاً ليس القتل ولا الحرق فقط هي الجريمة ولكن المحرضين أمثال الصحفي الأصولي ومقدم البرنامج الذي كان يعيد ويزيد في اسم القرية, وكان من المفروض على أجهزه الدولة أن تسارع بالقبض على هؤلاء والتحقيق معهم بتهمه تكدير الأمن العام وإثارة فتنة طائفية بالبلاد.
ولا أعلم حقيقة تلك النبرة الجديدة التي ظهرت في البلاد وتتحدث عن مشاعر المؤمنين وما يثير حفيظة المؤمنين, فذاك يقول أن احتفال البهائيين يثير حفيظة المؤمنين وذاك يقول أن رؤية جرس وصليب الكنيسة يثير مشاعر المؤمنين وثالث يقول أن رؤية المسيحيين يقيمون قداس يثير مشاعر المؤمنيين!!
أي مشاعر تلك التي تتلكك لكي تُثار على خلق الله الآمنين؟؟!!
إن هؤلاء البهائيين يعيشون وسطنا منذ زمن لم نرى منهم إساءة ولم نرى منهم عملاً واحداً إرهابياً، فلماذا الإستقواء والإستعلاء على خلق الله, لقد قرأت كلمة جميلة لا أتذكر الآن قائلها, هذه الكلمة أو الحكمة تقول: يمكنك أن تعبد الحجر على شرط أن لا تقذفني به.
كلمة جميلة ومعبرة... فإذا كنت تعبد الله وتسيء إليّ وإلى مجتمعك وإلى الإنسانية.. فماذا نفعني تدينك؟؟ بل على العكس لقد كان وبالاً عليّ فخير لي أن أعاشر ملحداً مسالماً عن معاشرة مؤمناً قاتلاً.
أما عن عدم الإعتراف بعقيدة البهائي فهذه حرية فكر وحرية معتقد وكل إنسان سيحاسب من عند الله، أما لو حاسبتم البشر عن معتقداتهم وفكرهم خليتوا إيه لله، هتحاسبوا البشر وربنا يقعد فاضي يتفرج عليكوا؟!! (أستغفر الله العظيم).
وعموماً سأطرح مثالاً: إذا كنتم لا تعترفون بالمعتقد البهائي فهذا لا يعطيكم الحق بإهدار دمائهم، فاليهود اللذين لا يعترفون لا بالمسيحية ولا بالإسلام لم نراهم يوماً يهدروا دماء المسيحيين والمسلميين باسم الدين.
وبالقياس... أنُصبح نحن أبناء مصر أسوأ من قتلة الأنبياء؟, وهل إذا سمحت دول الفرنجة بحرية ممارسة مختلف العبادات أفنصبح نحن مهد الديانات من نحجر على حريه الفكر وحريه المعتقد؟!!
وأسفاه...
ولكنني إلى أن تحدث صحوة فكرية لهذا الشعب تفيقه وتعلمه احترام الآخر ومعتقده فسوف أمد يدي إلى كل إنسان قائلاً:
أهلا بك إن كنت مسلماً أو مسيحياً أو يهودياً أو بهائياً أو حتى بوذياً, وأعوذ بالله منك إن كنت إرهابياً.
دمتم في سلام الله وأمنه
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=1517&I=41