سحر غريب
كتبت: سحر غريب - خاص الأقباط متحدون
حالة من الغليان، إن جاز التعبير، تسيطر الآن على أوساط الشارع المصري بمختلف طبقاته وتوجهاته، فقد انسقم الناسُ إلى فريقين، فريق مؤيد لترشيح البرادعي نفسه رئيسًا لمصر، وفريق آخر يعترض عليه وعلى سياسة التغيير التي ينادي بها، ومن هذا المنطلق، فقد قررنا أن نحاور المواطن المصري البسيط، اللاهث وراء لقمة العيش، الذي لا يعنيه من هو البرادعي، أو ما هي أجندته السياسية، أو تغييره للدستور، بل كل ما يعنيه هو من يوفر لها أساسات العيش الكريم، فترى من يريد المواطن المصري، وما الذي يريده على وجه التحديد؟..
وللإجابة على هذه التساؤلات، قمنا بعمل هذا التحقيق من داخل مترو الأنفاق، ومن بين المواطنين على اختلاف مستوياتهم.
بدايةً كان الحديث مع رشا إبراهيم، وهي فتاة من مواليد عام 1985، وتعمل موظفة بمستشفى حكومي، ولا تمتلك بطاقة انتخابية، ولا تنوي امتلاكها إطلاقًا.. وتحصل رشا على راتب شهري قدره 200 جنيه، ولم تكن رشا تعرف من هو البرادعي، على الرغم من محاولتي لفت نظرها إليه، لكنها لم تستوعب من هو، وماذا يعمل، ولكنها وفي ظل هذا الغلاء، وانخفاض الأجور، تفضل التغيير وتأيده، وقالت بالحرف: "أنا عاوزة رئيس يديني مرتب أكبر عشان أعرف أتجوز".
أما مروة عاصم، وهي طالبة في كلية التمريض، ولا تملك أيضًا بطاقة انتخابية، فقد قالت "مين البرادعة دا" عندما سألتها عن شخصية البرادعي، وعندما وضحت لها أنه المرشح المحتمل القادم للرئاسة، ردت قائلة: "أنا مش هانتخب غير مبارك لأن اللي نعرفه أحسن من اللي مانعرفوش، إيش عرفني البرادعي دا هايعمل فينا إيه"، واتفقت معها في الرأي مدام هدي.. التي وافقت على نشر الإسم الأول من اسمها على مضض.
وأكدت عائشة، وهي من مواليد 1985، وتعمل مُطورة برامج إلكترونية، أنها تعرف البرادعي من خلال موقع "الفيس بوك"، ومن خلال حديث أصدقائها في العمل عنه، والذين يعتنقون فكرة التغيير، ويرون في شخص البرادعي الأمل المُنتظر، وأكدت على رغبتها في رؤية البديل، وترى عائشة أن التغيير ينبع من الذات أولاً.
ولم تكد تمر لحظات حتى بدأ الحوار يأخذ شكلاً جماعيًا، أدلت فيه كل راكبة داخل عربة السيدات برأيها الخاص، وقد اشتدت حرارة الحوار عندما قالت الآنسة مروة رأيها، وهي من مواليد 1981، وبالمناسبة كانت هي الوحيدة التي تمتلك بطاقة انتخابية من الذين أجرينا الحوار معهم، وقد اختارت مروة الرئيس حسني مبارك للاستمرار في الحكم، ورشحت عمرو موسي لترشيح نفسه خليفة للرئيس مبارك، لأنها ترى من وجهة نظرها أنه أقدر شخص على حكم مصر، ورفضت تمامًا فكرة تولي البرادعي حكم مصر، بفكره الأمريكي المستورد، على حد وصفها، وتقتنع مروة بأن البرادعي ضعيف، فهو لم يستطع بحنكته السياسية أن يمنع غزو أمريكا للعراق، فكيف سيستطيع أن يحافظ على مصر من أي غزو أجنبي، كما أن رأيه في تفعيل قانون دور العبادة الموحد للمساواة بين الجامع والكنيسة، لم يعجبها، لأن المسلمين في مصر أغلبية، ومن حقهم في نظرها بناء عدد كبير من المساجد، وعندما سألتها عن رأيها فيما حدث في سويسرا من منع بناء مآذن الجوامع رفضت ذلك بشدة وقالت: "من حقنا نزعل ونقاطع سويسرا".
أما على الجانب المؤيد للبرادعي، فتقف نسرين عامر، من مواليد 1980، وهي خريجة كلية التجارة، وعملت لفترة في مجال السياحة، والتي أكدت أن القادم لن يكون بأي حال من الأحوال أسوأ من الوضع الحالي، وأن البرادعي شخصية محترمة عالميًا، ولكن الإشاعات تحاك حوله الآن، وتحاول تحطيم سمعته السياسية، وقالت: "لماذا كرَّمه الرئيس مبارك إذن من قبل مادام هو السبب في غزو العراق؟"، وأكدت أنها من مريدي البرادعي، وأنها تتابع أخباره عن طريق النت والقنوات الفضائية.
أما بالنسبة للرجال، فقد أكد نادي، وهو من مواليد 1988، ولاعب رياضي بلعبة حمل الأثقال، وخريج إحدى المعاهد، أنه يرشح مبارك للرئاسة، ويرشح جمال لخلافته، لأن جمال وأخيه في نظره قد أنقذوا "لاعيبة الكرة" في مباراة مصر والجزائر في السودان، وأكد على أنه لا يعرف البرادعي وغير مُهتم بمعرفته.
ثم طلب شاب يدعى أحمد مصطفى أن يشارك في الحوار برأيه، وهو خريج حقوق منذ ثلاث سنوات، ويعمل في الشئون القانونية لإحدى الشركات، والذي يؤكد على أن "الواسطة" هي السبب في تعيينه، وأكد أحمد أنه سيرشح مبارك لأنه "خايف على مصر من بعده"، ويرى أن مبارك هو صمام الأمن والأمان لهذا البلد، وعندما طلبت منه اختيار البديل لمحمد حسني مبارك لأن الرئيس بشر ومسيره أن ينتقل يومًا، فأكد رفضه التام لاختيار جمال مبارك، لأنه يرفض تكرار تجربة سوريا في التوريث، ويرى أحمد أن الرئيس بشار الأسد في نظره ذو شخصية ضعيفة، وقد استطاعت إيران تحريكه بسهولة، وقد اختار عمرو موسى ليخلف مبارك، وذلك في حالة وفاة الرئيس فقط.
وبلقائنا مع عم عادل الزبال، وهو رجل تستطيع بصعوبة بالغة تحديد عُمره الذي لا يهتم بمعرفته، ولكنك سترى فيه وجهه علامات البؤس والرضا في آن واحد، ويحصل على 350 جنيهًا شهريًا، وله من الأبناء أربعة، منهم طفل مُعاق يُدعى إسلام، والذي لا يجد العلاج له، حيث إن الطفل مُصاب بشلل رباعي وتخلف تام ويتمني علاجه على نفقة الدولة أسوة بالسادة الكبار، فقد قال عم عادل "كلهم حلويين البرادعي ومبارك وابنه"، ويُشفق عم عادل على الرئيس مبارك من هموم شعبه الكثيرة وقال: "هو هايعمل إيه ولا إيه؟ الله يكون في عونه".
وهكذا فإن الشارع المصري مازال على جموده ورضاه بالواقع الذي يعيش فيه رغم وجود بعض الأصوات القليلة الرافضة، فمن سيفوز في حرب التغيير: هل سيفوز البرادعي أم سيبقى الوضع على ما هو عليه؟
http://www.copts-united.com/article.php?A=15037&I=375