بقلم: محمد عبدالمنعم الصاوى
«خير اللهم اجعله خير».. استيقظت من النوم مبتسمًا لأُفَاجَأَ بزوجتى تحاسبنى على هذه الابتسامة متسائلة عَمَّنْ كانت معى فى الحلم، فأسعدتنى كل هذه السعادة.. تحولت ابتسامتى إلى ضحكات سَيْطَرْتُ عليها بصعوبة لأحكى لها ولكم هذا الحُلْمَ الذى أُشَكِّكُ كثيرًا أنها صَدَّقَتْهُ كعادة الزوجات.
إنهن قَلَّمَا يُصَدِّقْنَ الحقيقة، فما بالكم بالأحلام. انتهى الفيلم – الذى تصاعدت أحداثه الأخيرة بسرعة أرهقتنى – برصاصة فى قلب البطلة، والكاميرا تبتعد بهدوء، وحبيبها يلحق بها قبل أن تسقط على الأرض. الشاشة تزداد سوادًا لتبتلع الصورة، وتظهر كلمة النهاية، وبعدها مئات الأسماء من الأبطال والفنانين والفنيين والعاملين فى مختلف التخصصات.
موسيقى نشرة الأخبار الصاخبة: المذيعة تحيى المشاهدين وتقول: انعقد اليوم مجلس رؤساء مصر بحضور أعضائه الخمسة، وقد بحث المجلس تغطية مجرى نهر النيل لحفظ مياهه من التبخر فى محاولة لتقليل الفاقد من المياه.
المشروع يوفر طريقًا جديدًا بعرض ٦٠ مترًا من أسوان إلى دمياط بطول ٨٠٠ كيلو متر، وهو مزود بقطار سريع جدًّا يقطع المسافة من أسوان إلى دمياط فى ٣ ساعات. ناقش الرؤساء الخمسة المشروع بالتفصيل، واستمعوا لعرض مُطَوَّل من وزير النقل، إلا أنهم طلبوا المزيد من الدراسات قبل طرح المشروع على مجلس الشعب لدراسته وإعداده – فى حالة الموافقة عليه – لاستفتاء عام، حيث إنه من المشروعات الكبرى التى لا يجوز تنفيذها إلا بعد موافقة الشعب.
أثناء الخبر أَمْكَنَنِى التعرف على الرؤساء الخمسة الذين جلسوا حول المائدة: الرئيس حسنى مبارك والرئيس محمد البرادعى والرئيس عمرو موسى والرئيس جمال مبارك والرئيسة نادية مكرم عبيد. كِدْتُ أستيقظ من شدة الاندهاش والانبهار بالفكرة. فى الحلم قلت لنفسى: ولم لا؟ فكرة رائعة.. مجلس رؤساء مصر يضم خمسة رؤساء منهم سيدة مسيحية وشاب شديد التميز والتأهيل.
المجلس يتولى الحكم لمدة خمس سنوات.. يتم خلالها تداول رئاسته بواقع سنة لكل منهم. وعملاً بمبدأ «ليديز فرست» تتولى الرئيسة نادية مكرم عبيد السنة الأولى، ثم الرئيس حسنى مبارك لمكانته الكبيرة كآخر الرؤساء الفرديين، ومن بعده الرئيس عمرو موسى أو الرئيس البرادعى (أيهما أكبر سنًّا) ثم يختتم الدورة الرئيس جمال مبارك.
هذا المجلس يتخذ قراراته بطريقة منهجية جدًّا، القرارات الكبرى لا تتخذ إلا بالإجماع، والقرارات الأقل درجة يكفيها أربعة أصوات، وتلك الأقل أهمية تتخذ بالأغلبية فقط (أى ثلاثة أصوات).
مجلس رؤساء مصر سيصبح نموذجًا رائعًا يمكن تسجيل ملكيته الفكرية باسم مصر، لِنَبِيْعَ حقوق تطبيقه فى أى مكان آخر فى العالم مقابل مليارات تدفعها لِمِصْرَ كُلُّ دولة تُطَبِّقُهُ، فنحل مشكلاتنا الاقتصادية والسياسية والثقافية، بل والدينية، وذلك بتمثيل الشعب كله.. رجالاً ونساءً، شبابًا وكهولاً، مسلمين ومسيحيين. معادلة لم يكن أحد يتخيل أن تُحَلَّ ولا فى الأحلام. ولكن ها هو حلمى.. يُحَمِّلُنِى مسؤولية طرحه على الجميع، لعلهم يأخذون به، ويحلون أعقد مشكلات التحول التى تَمَرُّ بها مصر بشكل سلمىٍّ وعملىٍّ جدًّا.
لأول مرة أجد للأحلام قيمة بعد أن كرّهنى فيها ذلك الشيخ الذى يدَّعى القدرة على التفسير، ولا ينجح معى إلا فى إقناعى بأهمية وجود أزرار فى ريموت التليفزيون يمكنها أن تحجب برامج بعينها. يغمض عينيه أو يبحلقها بلا جدوى، فأدرك أن أصغر ممثل مبتدئ يُتْقِنُ دوره أكثر منه.
لعل القناة التى لا تتقى الله فى البسطاء تتوقف عن عرض هذا الافتراء على الدين، ولعل أهل السياسة يدرسون حلمى جيدًا، ولعل زوجتى تغفر لى ابتسامتى أثناء الحلم.
نقلا عن المصري اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=14866&I=371