مايكل فارس
تقرير: مايكل فارس - خاص الأقباط متحدون
مصرع وفقد 1030 مهاجر مصري خلال عام 2008.
دماء المصريين التي سالت في البحار والأنهار كان سببها الأول والأخير هي الهروب من الجوع والفقر ومن إهدار حقوق آدميتهم.. هؤلاء الذين فضلوا التضحية بحياتهم على أمل فرصة للهرب من مصر (المحروسة) هرباً من (أم الدنيا) للذهاب إلي بلاد تعامل الكلاب معاملة أفضل من معاملة المصريين في بلدهم.
صدر اليوم تقرير من مركز الأرض لحقوق الإنسان رقم (67) من سلسلة الحقوق الإقتصادية والإجتماعية تحت عنوان "الموت هو الأمل الوحيد للحياة"، ويهدف التقرير للتعرف على حجم وأسباب ظاهرة الهجرة غير القانونية من وجهة نظر المهاجرين غير القانونين طبقاً لما نشرته بعض الجرائد المصرية خلال عام 2008.
وقد بلغت حوادث الهجرة غير القانونية (76) حادثة اسفرت عن غرق (503) مواطن وفقد (527) آخرين، ويبين التقرير ان (2941) مواطن تعرضوا للنصب من قبل عصابات تسفير الشباب، كما تنوعت المحافظات التي يهاجر شبابها، وقد بلغت عدد الحوادث التي كان بعض شبابها من محافظتي الدقهلية والغربية (12) حادثة، المنوفية وأسيوط (8) حوادث، الفيوم (7) حوادث، الشرقية (6) حوادث، المنيا (5) حوادث، سوهاج والقليوبية والإسكندرية (4) حوادث، البحيرة وكفر الشيخ (3) حوادث، الإسماعيلية وبني سويف حادثتين، دمياط وبورسعيد والقاهرة وقنا حادثة واحدة، بينما بلغت عدد الحوادث من محافظات مختلفة (5) حوادث.
وكانت أهم البلاد التي يتوجه إليها المهاجرين هي إيطاليا حيث تكرر رغبة الشباب المقبوض عليهم في حوادث الهجرة في التوجه إلى إيطاليا (39) مرة، اليونان (16) مرة، ليبيا (11) مرة، تركيا مرتين، وكل من هولندا ورومانيا والنرويج ومالطا والإمارات مرة واحدة.
وتركزت المحطات التي يهاجر منها المواطنين إلى مواني مصرية وليبية وقد احتلت المواني الليبية (17) مرة، الاسكندرية (8) مرات، السلوم (6) مرات، وكل من مطروح ومركز البرلس ورشيد ودمياط مرتين، وكل من ادكو وبلطيم مرة واحدة.
ويبين التقرير أن هناك مهاجرين آخرين خلاف المصريين من بعض دول إفريقية وشرق ووسط أسيا تعرضوا لعمليات النصب وغرق بعضهم وقد بلغت رحلات الهجرة غير القانونية التى كان فيها أجانب (9) رحلات.
وبلغ عدد الأشخاص من جنسيات أخرى بخلاف المصريين (100) مهاجر من بين أكثر من ألفين مهاجر، هذا بخلاف (3) من نيجيريا، (32) من جنسيات أسيوية وإفريقية، (25) من الهند، (12) من البنجلاديش، (26) من نيجيريا ومالي.
ويبين التقرير دور وزارة القوى العاملة واتحاد عمال مصر الغائب في حماية المهاجرين والعاملين بالخارج أو معالجة مشاكل العمال المهاجرين، ويدلل التقرير على إهمال وزارة الخارجية عبر سفارتها في حماية حقوق العاملين المصريين بالخارج والدور المتعسف لأجهزة الأمن في القبض على المهاجرين ودور رجال الأعمال الغائب في حل مشكلات المجتمع.
وناقش التقرير مبادرة بعض رجال الأعمال التي أطلقها عبر الصحف لحل مشاكل المهاجرين غير القانونين ليؤكد التقرير بأن تلك المبادرة لم تمنع ازدياد الظاهرة خلال عام 2009.
ويؤكد التقرير على غياب البرامج أو الرؤية لدى المجالس المتخصصة أو الحزب الحاكم وطالب التقرير أعضاء مجلس الشعب بضرورة الرقابة على إعمال الحكومة والمشاركة بطرح مشروع قانون لمعالجة مشاكل الشباب ووقف محاولات هروبهم باعتبارهم جزء من ثروتنا البشرية!!.
وينتقد التقرير توجه الحكومة لاكتفاءها بالتعامل الأمني مع الظاهرة دون معالجة مشاكل المجتمعات المحلية وتحسين أوضاع حقوق الإنسان.
كما ينتقد التقرير دور الإتحاد الأوروبي السلبي ويتضح ذلك بعد اعتماده في 18 يونيو 2008 توصية جديدة حول المعايير والإجراءات المشتركة لإعادة الأجانب من الإتحاد الأوروبي الذين لا يملكون أوراق رسمية بالإقامة، وتجيز تلك التوصية اعتقال المهاجرين غير القانونيين مدة تصل لـ 18 شهر، وبدلاً من أن تكفل حكومات الإتحاد الأوروبي حماية حقوق المهاجرين والإلتزام بتطبيق مواثيق العمل الدولية... تطالب توصياتها الجديدة باعتقالهم في تحدي لنصوص اتفاقية حقوق المهاجرين!!
والجدير بالذكر أيضاً أن معظم دول الإتحاد الأوروبي لم تصدق على الإتفاقية الدولية لحماية جميع العمال المهاجرين وأفراد عائلاتهم والتي تكفل حقوقهم الإنسانية بما فيها الطعن على قرارات اعتقالهم أمام القاضي الطبيعي، وبدلاً من احترامها والتزامها بتطبيق نصوص الإتفاقية تصدر توصية باعتقالهم، وكأنها لا يكفيها انتهاك حقوقهم الإنسانية فتتراجع عن الإلتزام بالنصوص القانونية لحمايتهم والتي أقرتها نضالات العمال وممثليهم عبر التاريخ الطويل لمكافحة الإستغلال والقهر.
ويتناول التقرير أسباب تزايد الهجرة غير القانونية في مصر، والذي يؤكد على ارتباطها بتدهور أوضاع حقوق الإنسان، وتقليص أسواق العمل في بلدان الخليج، وتزايد الآثار السلبية لتطبيق سياسات التحرر الإقتصادي خاصة في الريف، وتزايد احتياجات أسواق العمل الأوروبية لمزيد من العمالة غير الرسمية المحرومة من حقوقها التأمينية والإجتماعية والصحية والعمالية، أضف إلى ذلك انتشار الجرائم الإلكترونية بعد ثورة الإتصالات وسهولة عمل شبكات التسفير، بالإضافة إلى تأثير علاقات القربى والجوار في تنامي الظاهرة خاصة في الأماكن الريفية، وعجز الحكومة المصرية خلال الـ 30 عاماً الماضية عن توفير فرص العمل اللائقة بل تعديها على حقوق العمال وإخلالها بالتوازن الإجتماعي وانتهاكها للحقوق المدنية وإهدارها أقل الضمانات للعيش الآمن الكريم.
وقد ساهمت تلك السياسيات في ارتفاع مستويات الفقر بين المصريين، فأكثر من 40% يقل دخلهم عن 2 دولار في اليوم، وازدادت نسب البطالة لأكثر من 11% بين مجموع العاملين، وازداد الفساد بالجهات الحكومية وأهدر مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين، مما أصاب الشباب وصغار المنتجين باليأس والإحباط وأدى ذلك لتزايد غنى الشرائح الإجتماعية القريبة من السلطة.
ويؤكد التقرير أن حوالي 20% من المصريين يحصلون على حوالي 50% من الدخل القومي.
http://www.copts-united.com/article.php?A=1478&I=40