العيد العالمي (للأأأأأأأأأأأأأأأأأأخ)

ماجد سمير

بقلم: ماجد سمير
وصلني منذ إحدى عشر يومًا عن طريق البريد الإلكتروني والفيس بوك وكذا الموبايل رسائل كثيرة تطالبني بالمشاركة في الاحتفال الأول لعيد "الأخ"، وهو الاحتفال الذي دعا إليه أحد الجروبات الجديدة التي تكونت على الفيس بوك مؤخرًا، سعدت جدًا بالفكرة كونها تحث على التواصل العائلي بشكل جميل، رغم أن الرسائل تؤكد على اختيار يوم 13 فبراير من كل عام موعدًا ثابتًا للاحتفال "بعيد الأخ" المزعوم.
تعجبت جدًا من اختيار الشهر المرتبط في وجدان المصريين بالفقر لدرجة أن الاسم المتعارف عليه للشهر الثاني من السنة الميلادية هو "فئراير"، نسبة للفقر والفلس الذي يعاني منهما المصريين خلال الشهر، صحيح السنة كلها باتت تعاني بشكل مزمن من الجفاف المادي لكن "فئراير" هو الأكثر بين شهور السنة الأثنى عشر فقرًا، فضلاً عن أن رقم 13 هو الآخر شديد النحس ومصر كلهت تقريبًا تتشائم منه، تعجبت من التاريخ فقررت الاتصال برقم الموبايل المتواجد في كل الرسائل التي وصلتني.
بعد أن رن الجرس 13 رنة رد الطرف الآخر مؤكدًا أن اتصالي صحيحًا، وأجبته عن ترحيبي بالمشاركة في الجروب لأني أحب شقيقي جدًا ويسعدني الاحتفال بأخوتنا، فقاطعني الشاب من على الطرف الآخر قائلاً: أخوك أيه يا أستاذ، العيد دا مالوش علاقة بالأشقاء بالمرة، وأضاف متسائلاً بصوت يبدو عليه الضيق الشديد: هو لما حد لامواخدة بيديك على قفاك بتقول إيه؟ فأجبت فورًا: أأأأأأأأأخ.. وأضفت بعد أن وضعت يدي اليسرى على قفايا: أنا عرفت دلوقتي انتوا اخترتوا التاريخ دا ليه، ثم أغلقت الخط بعد أن طلب مني الشاب الدخول على الموقع الخاص بالجروب على الفيس بوك.
الصورة الرئيسية لموقع الجروب الذي يحمل نفس اسم العيد -عيد الأخ- لرجل يرتدي جلباب بلدي رمزًا للمصريين يقف بظهره وعلى قفاه أثار لصفعة قوية حفرت بسببها الأصابع الغليظة مكانًا بارزًا على قفا الرجل، والجملة الأساسية المكتوب تؤكد على أن القفا أصيب بالتهاب.... من الأيام الهباب.
بعد أن أتممت إجراءات الإنضمام للجروب أحسست أن قفايا زاد حجمه واتسعت مساحته طولاً وعرضًا، مثل نحو 80 مليون قفا في مصر، وتذكرت كم الضرب الذي تلقيته على المحروس من العين –قفايا-، فالطبيعي في مصر أن تجد شخص رجل كان أو سيدة يسير في أمان الله وفجأة تسمع صوت لصفعة قوية –طاااااااااااااااخ- والشخص يهتز بشدة كمن أصيب بزلزال.
ولو طبقنا قواعد اللغة العربية المتعارف عليها سنجد أن وضع المصري في الجملة بات منذ نحو عقود متتالية "مفعول به"، ورغم أن موقع المفعول به من الإعراب منصوب كما علمني الاستاذ عبد المنجي أستاذ اللغة العربية بمدرسة الفيوم الاعدادية الحديثة، إلا أن -المفعول به- على المستوى الشعبي أصبح منصوب عليه، وتفوق عدد ليس بقليل من أولي الأمر في مصر على "إن وكان" وأخواتهما وكل كتب النحو والصرف فهم ينصبون المبتدأ والخبر معًا ويرفعون أرقام العلاج على نفقة الدولة وتخصيص أرض توشكي وغيرها من تراب الوطن والاحتفال بكأس الأمم وضرائب المبيعات والعقارية و... و......، فضلاً عن نجاحهم في إضافة النحو لمادة الحساب فبعد النصب والرفع "يضربون" الناتج في جيوبهم.
واستمرار قفايا وققاك وقفانا كلنا في احتمال كل هذا الكم من المعناة لفت نظر تجار الأعضاء البشرية في العالم، وقريبًا سيصبح القفا المصري مطلوب جدًا للتصدير لدول العالم النايم في مياه البطيخ لأنه أحسن قفا يحتمل الصفع في العالم، وسيتحول يوم 13 فئراير من كل عام إلى العيد العالمي "للأأأأأأأأأأأأأأأأخ".