لصوص الملايين

بقلم: عبد النبي عبد الباري

إن من‮ ‬يتابع الحوادث التي‮ ‬تنشرها الجرائد في‮ ‬الفترة الأخيرة‮ ‬يلاحظ تغيرا ملحوظا في‮ ‬نوعيتها خاصة تلك المتعلقة بجرائم السرقة،‮ ‬فلم‮ ‬يعد اللصوص هم تلك الطبقة من محترفي‮ ‬كسر الأبواب وتسلق المواسير وخاطفي‮ ‬السلاسل الذهبية والمحافظ،‮ ‬بل طبقة جديدة تماما‮ ‬يصح ان نطلق عليها طبقة‮ »‬لصوص الملايين‮« ‬علي‮ ‬غرار أصحاب الملايين،‮ ‬وأصبحنا نقرأ عن المحافظ إياه الذي‮ ‬تضخمت ثروته وأصبحت ملايين بطريق‮ ‬غير مشروع أو نائب رئيس الهيئة الخدمية إياه الذي‮ ‬تورط في‮ ‬رشوة بربع مليون جنيه أو وكيل الوزارة إياه الذي‮ ‬حقق ما‮ ‬يقرب من المليون نتيجة لصفقة حرام.

والمحامي‮ ‬المشهور الذي‮ ‬يتلاعب بمصائر الآلاف من المواطنين الكادحين في‮ ‬محاولة لتهريب ملايين الجنيهات لحساب موكله الذي‮ ‬أصبح أكثر شهرة،‮ ‬ناهيك عن الحاج الملتحي‮ ‬فلان والحاج الملتحي‮ ‬علان الذين كانت صورهم وأسماؤهم تملأ صفحات الجرائد والذين استأمنهم الناس الغلابة علي‮ ‬أموالهم علي‮ ‬أمل ان‮ ‬يحققوا لهم ربحا حلالا‮ ‬يعينهم علي‮ ‬مطالب الحياة فاغتصبوا تلك الأموال وتركوا أصحابها‮ ‬يشدون الشعور ويلطمون الخدود‮. ‬والخطير في‮ ‬الأمر أن هؤلاء اللصوص من ذوي‮ ‬الكروش الكبيرة والمناصب الخطيرة وهم أيضا ذوو عقول كبيرة تستطيع أن تكشف ببراعة الثغرات الموجودة في‮ ‬القانون وتستغلها في‮ ‬تحقيق مآربها‮.‬

إن السرقة والرشوة والنصب والاحتيال كلها أفعال تحرمها الأديان وتحرمها القوانين الوضعية،‮ ‬ومع ذلك فقد‮ ‬يضطر موظف‮ ‬غلبان الي‮ ‬أخذ رشوة أو تاجر صغير الي‮ ‬التحايل علي‮ ‬رفع أسعار بضاعته أو تلجأ أرملة محتاجة الي‮ ‬السرقة وكلهم مدفوعون بالرغبة في‮ ‬إيجاد رغيف الخبز الذي‮ ‬يسدون به رمق من‮ ‬يعولون‮.‬ ولكن لماذا‮ ‬يلجأ الكبار الي‮ ‬هذه الجرائم،‮ ‬لماذا‮ ‬يسرقون وينهبون ويرتشون بالملايين؟ لان كيلو اللحم حلواني‮ ‬ثمنه أكثر من أربعين جنيها وصينية عيش السرايا بالقشدة أكثر من خمسين جنيها وقطعة الجاتوه‮ - ‬يا عيني‮ - ‬يفوق ثمنها العشرة جنيهات،‮ ‬وهؤلاء القوم بياكلوا حلاوة،‮ ‬وبياكلوا جاتوه،‮ ‬ياكلوا كل اللي‮ ‬يحبوه،‮ ‬فما المانع ان‮ ‬يأكلوا أموال الناس؟ 
 
نقلا عن الوفد

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع