القس. رفعت فكري
بقلم: القس.رفعت فكري
بدعوة من مجلس كنائس كل أفريقيا AACC ذهبت مع الشيخ سمير فهمي شيخ الكنيسة الإنجيلية الأولى بأسيوط إلى العاصمة الكينية نيروبي لحضور مؤتمر قادة الكنائس في أفريقيا وذلك في الفترة من 7-12 فبراير 2010 , وحضر المؤتمر قادة من مختلف الدول الأفريقية مثل غانا والسودان ونيجريا وتنزانيا وأنجولا وغيرها ودارت مناقشات المؤتمر حول التخطيط الاستراتيجي , وأسس الإدارة المالية , ودور الكنيسة في إجراء تغيير في المجتمع من خلال خدمتها المؤثرة , والعلاقات الإسلامية المسيحية , وغيرها من الموضوعات الهامة ,
وما كان لنا أن نكون في كينيا دون أن نزور مركز الرجاء , فلقد سمعنا عن مركز الرجاء الطبى لعلاج المصابيين بمرضى الأيدز والذي أنشأه الأسقف المصري نيافة الأنبا بولس في نيروبي عام 2004 , فقررنا كمصريين أن نتقابل مع الأنبا بولس الرجل المصري الأصيل ونزور هذا المكان الهام , وبالفعل ذهبنا ظهر يوم السبت 13 فبراير إلى مقر الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وتقابلنا مع الأنبا بولس الذي رحب بنا ترحاباً شديداً كعادته مع جميع من يلتقي بهم وأخذنا نيافته وتجول بنا داخل المستشفي الذي رأيناه يضم أحدث الأجهزة الطبية , ووجدنا داخل المستشفي كتيبة مخلصة من الأطباء المصريين والأفارقة الذين يعملون بجد واجتهاد من أجل علاج المرضى والسهر على راحتهم , المكان كله في الخارج والداخل يضج بالحركة والكل يعمل عملاً دؤباً كخلية النحل .
وتحدث معنا الأنبا بولس عن خدمته في نيروبي وخارجها وكيف أهتمت الكنيسة القبطية بعلاج المرضى الأفريقيين فأنشأت مستشفى فى نيروبى , وخاصة علاج مرضى الإيدز الذى يفتك بالملايين من الأفارقة , فقد خصص المستشفى القبطى قسما من أقسامه لعلاج هذا المرض وتعليم الأفارقة حياة القداسة المسيحية وشريعة الزوجة الواحدة حتى يتم القضاء على هذا المرض الذى ينتشر عن طريق ممارسة الجنس خارج إطار الزواج , وكيف أن هذه المستشفى نالت سمعة كبيرة فى أفريقياً مماجعلها هدفاً لزيارة الشخصيات المهمة وقد زارها أعضاء من الكونجرس الأمريكى وأشادوا بعمل القائمين فيها مما أدى إلى تقديم امريكا المساعدات الإنسانية والطبية حتى تستمر هذه المستشفة للقيام بعملها وأداء مهمتها الإنسانية المسيحية , ويتردد على هذا المركز يومياً أكثر من 250 مريضاً ويحتوى المركز على 60 سريراً وغرفتين للعمليات وغرف للأشعة .
وقد أنشأ الأنبا بولس مركز الرجاء الطبى لعلاج المصابيين بمرضى الأيدز المنتشر فى أفريقيا حيث يبلغ عدد المصابيين بهذا المرض 27 مليون منهم 25 مليون مصاب فى أفريقيا ويبلغ المتوفيين فى هذا المرض 15 مليون أفريقى - هذا إلى وجود عدد ضخم من الأيتام ينتج عن موت الآباء بهذا المرض وعددهم 11 مليون يتيم وقد بدأ المركز القبطى الذى أنشأة الأنبا بولس Hope Center كخدمة مقدمة من الكنيسة القبطية الأرثوذكسية لشعب كينيا عام 2004 م وقد لاقي هذا المركز نجاحا فى مراكزه المتعددة وقد أفتتحت ثلاث فروع جديدة نتيجة لزيادة المرضى المحتاجين للرعاية الطبية - وتتم الخدمة الطبية على يد أطباء متخصصين فى علاج الأمراض المتوطنة فى أفريقيا.
ولأجل الخدمة الأمينة المتفانية التي يقوم بها الأنبا بولس دُعي نيافته إلى البيت الأبيض في مايو 2007 حيث استقبله الرئيس الأمريكي آنذاك جورج بوش وعبر له عن تقديره للجهود العظيمة التي يبذلها في علاج مرضى الأيدز في القارة الأفريقية , ومنح الرئيس الأمريكي الأنبا بولس شهادة تقدير لإحرازه أفضل نتائج ناجحة للقضاء على مرض الإيدز .
ونيافة الأنبا بولس يختلف كلية عن ذلك رجل الدين الذي كتب عنه الدكتور القس جون ستوت فقال " كان هناك قس ريفي جاءته امرأة لا مأوي لها تطلب منه المساعدة، فوعدها بأنه سيصلي من أجلها (ولاشك أنه فعل ذلك بإخلاص ولأنه كان منشغلاً وكان يشعر بعجزه)، فكتبت له بعد ذلك هذه القصيدة وسلمتها إلى الضابط الإقليمي للملجأ:
كنت جائعة،
فشكلت مجموعة ممن يهتمون بالشفقة لبحث مسألة جوعي.
كنت مسجونة،
فزحفت بهدوء إلى كنيستك الصغيرة وصليت لأجل إطلاق سراحي.
كنت عريانة،
وفي ذهنك ناقشت أخلاقية مظهري.
كنت مريضة،
فجثوت وشكرت الله لأجل صحتك.
كنت بلا مأوى،
فوعظتني عن الملجأ الروحي الذي تؤمنه محبة الله.
كنت وحيدة بلا نصير،
فتركتني وحيدة لتصلي لأجلي.
إنك تبدو قديساً جداً، وقريباً جداً من الله،
لكنني مازلت جائعة جداً أقاسي الوحدة وأعاني من البرد الشديد".
ما أكثر الذين يقدمون خدمة روحية ولكنهم يغفلون الخدمة العملية الإنسانية , ولكن الأنبا بولس هو نموذج حي لرجل الدين الذي يربط بين الخدمة الروحية والخدمة العملية في نفس الوقت , إنه نموذج رائع لرجل الدين الذي حول الإيمانيات من مجرد أمور نظرية ووضعها في إطار عملي يخدم الإنسان بغض النظر عن لونه وجنسه ودينه ومعتقده . حقاً إنه رجل يحمل بين ضلوعه قلباً حانياً متسعاً بلا جدران !!
http://www.copts-united.com/article.php?A=14446&I=362