مايكل فارس
الأقباط متحدون تدق ناقوس الخطر.. الأمن المصري يحاول إجهاض محاكمة الكموني.
• ماجد حنا: الأمن المصري نادم على تقديم السفاح للمحاكمة.
• صفوت جرجس: هناك محاولة لإخفاء المحرض على الجريمة.
• كمال غبريال: العالم يعرف جنون البقر ومصر تعرف جنون الأقباط.
• رامي حافظ: التاريخ سيذكر ويحاسب المسؤلين على المجازر التي تمت ضد الأقباط في عهدهم ولم يقدمموا فيها أحدًا للمحاكمة العادلة.
تحقيق مايكل فارس - خاص الأقباط متحدون
خبر كالصاعقة نشرته جريدة "الشروق" تحت عنوان "مصدر أمني: الكموني ارتكب مذبحة نجع حمادي تحت تأثير الخمر ومن باب (الروشنة)".
وقال المصدر إن الكموني فور القبض عليه ووقت استجوابه أمام القيادات الأمنية التي حضرت بقنا، كان أشبه بالمختل عقليًا، وأنه ليلة الحادث تعاطى المخدرات مع المتهمين وشربوا الخمور، وذهبت عقولهم فقرروا أن يرتكبوا الحادث كنوع من التجديد أو «الروشنة»، وأن المتهمين لم يقصدوا القتل وإنما تعكير صفو الأقباط ليلة عيد الميلاد.
ونظرًا لأن عقولهم كانت مغيبة بفعل الخمر والمخدرات، فلم يتحكموا في الأمر وتطورت دعابتهم للأنبا كيرلس إلى جريمة بشعة.
وأضاف المصدر أن هناك من قد لا يصدق هذا الكلام ولكن في عملنا الأمني فنحن تعودنا على التحقيق في جرائم ترتكب ولا يكون لدى الجاني أي تفسير لها ولا يكون لها منطق ولكنه ارتكبها ولا يوجد دافع قوي وراء ارتكابها.
إلى هنا والكارثة أصبحت مكتملة وأصبح دور الأمن لا تقديم الجناة، بل خلق مبررات لتبرئتهم في قضايا معينة، وهي قضايا قتل الأقباط والاعتداء على ممتلكاتهم، وأصبح وصف "مجنون" هو الوصف الرسمي لقاتل القبطي.
ومن ضمن الوقائع التي تم فيها إلصاق تهمة الجنون على قتلة الأقباط، إحالة المتهم الذي قام بذبح المواطن القبطي "عبده جورج يونان" إلى الطب النفسي للكشف على سلامة قواه العقلية، وكذلك مجنون الأسكندرية وسمالوط، وأصبح كل من يعتدي على الكنائس مجنونًا، حتى لا تتم محاكمته محاكمة جنائية عادلة، وهو الأمر الذي أدى لارتكاب الكثير من الحوادث الطائفية دون تقديم جانٍ واحد إلى القضاء وحبسه.. لذا كان لزامًا علينا الخوض في هذا التصريح لمعرفة ملابساته والوقوف على حقيقة لفظ "مجنون"!!.
وفي هذا السياق، أكد السيد/ ماجد حنا ولسن المحامي، وعضو هيئة الدفاع عن شهداء نجع حمادي، أن هذه التصريحات كاذبة وعارية تمامًا من الصحة، لأن تحقيقات النيابة لم تذكر نهائيًا أن الكموني ومن معه كانوا قد تناولوا أي مُسكرات أو أي مخدارت قبل ارتكاب الجريمة.
وإذا كان هناك مصدر أمني قد صرَّح بذلك، فعلينا أن نكشف عن هذا المصدر وأهدافه ونواياه الحقيقية من هذا التصريح، وإلا فلنكشف الستار سويًا عن هل هناك مُحرِّض من عدمه، وهل هناك مُشارك من عدمه في هذه القضية الحساسة التي أثرت في المسلمين قبل الأقباط.
وأضاف ولسن: أؤكد أن الأمن لو أكد تلك الأقوال، فإنه بذلك يكون مشاركًا في تلك الجريمة، لأن هذه الأقوال لم تذكر في محاضر الضبط أو النيابة، لذا فالمقصود منها هو زحزحة الاتهام عن هذا القاتل السفاح، "الكموني".. فلابد أن يكون هذا المصدر مشاركًا بالجريمة أو مُحرِّضا عليها.
وطالب ولسن بالتحقيق مع هذا المصدر لأن المقصود به التأثير على حسن سير العدالة وأن نعود بذلك إلى البداية.
فهل الأمن نادم على تقديم هذا السفاح العِربيد للمحاكمة الجنائية؟ فإذا كانوا نادمين، فهل يأتي الأمن الآن ليقول تلك الأقوال ليُظهر أمام العالم كله ندمه على العدالة، فلو فعل الأمن ذلك سيصبح حقا "أمنًا غبيًا".
ويرى ماجد أن هذا المصدر من المحتمل أن يكون مصدرًا مدسوسًا في القضية من جانب البعض لخدمة قضيتهم.
وأضاف صفوت جرجس، مدير المركز المصري لحقوق الإنسان، أن تبرير الحكومة للكموني أنه كان مخمورًا يوضح بعض النقاط:
ا – محاولة تحويل سير القضية من قضية قتل مع سبق الإصرار والترصد إلى قتل خطأ.
2 – محاولة إخفاء المحرض على الجريمة.
3 - مصطلح جديد بعد تشبع الرأي العام والعالمي ورفضهم لمصطلح مختل عقليًا.
وتساءل:
- "هل المخمور يميز تصرفاته تجاه المواطنين؟ ولماذا عند الكنيسة؟ ولماذا ليلة عيد الميلاد؟.
- وكيف جرى وراء الضحايا من شارع لآخر؟.
- وهل خلت الشوارع من المارة؟!.
- وهل تم إجراء تحليل له بعد القبض عليه أثبت أنه كان مخمورًا؟.
- ولماذا لم يُصرَّح به في حينه أم أن هذا تبرير فقط لتبرئته؟.
وتساءل أيضًا:
- كيف ميز وقت الجريمة وساعة خروج الأقباط من الكنيسة؟.
- ولماذا ظهر هذا التبرير الآن، فهل جراب التبريرات الحكومية أصبح خاويًا؟.
- والأهم: لمصلحة من يحاول البعض تغيير سير القضية؟، هل أخذًا بمبدأ لا يؤخذ دم مؤمن بدم كافر؟، أم لإخفاء حالة الاحتقان الطائفي الموجودة في المجتمع المصري والتي وصلت إلى أشدها لدرجة اغتيال الأقباط ليلة عيد الميلاد وأمام الكنيسة؟.
وأضاف أن في هذا التبرير استفزازًا لمشاعر الأقباط وتعميقًا للشعور بأن الحكومة ضدهم، هذا من جانب، ومن جانب آخر، لم تقبل الحكومة أو المجتمع المصري فكرة أن قاتل مروة الشربيني مختل عقليًا، ولم تهدأ حتى تمت معاقبته بأقصى عقوبة، وهى السجن مدى الحياة، وهذا يصل بنا إلى أن الحكومة تدرك جيدًا المقصود بمصطلح "مختل عقليًا" والذي استخدمته من قبل في بعض الأحداث تجاه الأقباط، ونذكر منها:
- حادثة الأسكندرية الشهيرة.
- وحادثة قتل 3 بالمنوفية العام الماضي.
وهنا أعتقد أن كون الضحايا أقباطًا، فهذا أمر لا تشعر الحكومة معه بحرج لتبرير الجريمة، فتارة توصفها كحادث فردي، وتارة مختل عقليًا، والآن في حالة سكر.
وإني أتساءل هنا: "هذا التبرير لتبرئة من؟، الحكومة أم الأمن أم المحافظ أم لإخفاء المحرض الحقيقي؟".
وفي النهاية، فإنني أطالب الحكومة برفع يدها عن هذه القضية وعدم طرح أي تبريرات للقاتل وأن تدع القضاء يقول كلمته.
وأضاف كمال غبريال المفكر الليبرالي، أن العالم كله يعرف "جنون البقر"، ولكن في مصر نعرف "جنون الأقباط"، فعندما يمرض شخص بهذا المرض، يقوم في الحال بقتل الأقباط، وهذا ما اعتدنا عليه من تبريرات حكومية تجاه قتلة الأقباط.
وأكد أنه يعتقد أن هذه الجريمة تحديدًا سوف يُجري بها محاكمة عادلة، حيث إنها تمثل أهمية كبرى للرأي العام، فأصبحت أكبر من أن يتم التعتيم عليها، فجميعُنا، مسيحون ومسلمون غاضبون جدًا ومستاءون مما حدث.
وتعجب غبريال من التصريح الذي يؤكد أن القاتل قتل الأقباط من قبيل "الروشنة"، وهنا لدينا ملاحظات:
- أولاً: إنه حتى لو تناول مخدرًا، فهذا لا يُذهب العقل تمامًا، لأنه لو أذهبه، فإنه ما كان أبدًا ليقوم بقتل اقباط أمام كنيسة عمدًا.
- ثانيًا: هل قتل الأقباط نوع من "الروشنة"؟.. إن هذا يحمل في طياتيهِ دليلاً على أن دم الأقباط قد أصبح أرخص شئ في مصر،"ببلاش"، فالشخص يخشى أن يقتل قطة حتى لا تأتي جمعية الرفق بالحيوان للقبض عليه، ولكن ساد انطباع لدى المسلمين المتعصبين أن دم الأقباط بـ "بلاش"؛ لذا فالتصريح بأن قتلهم "روشنة"، فهذا يُدين الدولة ويُدين المسؤلين، ويُدين الـ80 مليون مصري.
ويتوقع غبريال أن هؤلاء الجناة الثلاثة سيأخذون حكمًا بالإعدام لكي يظهر أمام العالم، وأمام الرأي العام أن القصاص من الجناة قد تم، ولكن الحقيقية أنهم كبش فداء للجناة الحقيقين، وسيتم التستر عليهم بإعدام هؤلاء الثلاثة، ومن أهم هؤلاء الجناة الذين يجب التحقيق معهم في هذه القضية الأنبا كيرلس، قبل عبد الرحيم الغول، فالأنبا كيرلس له علاقات غير سوية بالحزب الوطني وأعضاء مجلس الشعب لدرجة أن البابا حاول أن يحاكمه ولم يستطع، والغول نفسه ساعده بعربات محملة بشخصيات كثيرة ليمنعوا أخذه إلى القاهرة لمحاكمته.
وأضاف رامي حافظ المدير التنفيذي للمعهد الديموقراطي المصري للتوعية بالحقوق الدستورية والقانونية:
"ان ما قيل ما هو إلا لُعبة سهلة في أيدي الحكومة لإثبات أنه "مجنون"، والحكومة تفعل ذلك لتصفية القضية، لعدم الإعلان عن الجناة الحقيقيين، وهذا الاتهام قيل عن للجاني الذي اعتدى على راهبة الأسكندرية، فقالوا عليه حينها "مجنونً"، وكذلك عندما يحرق شخص كنيسة، يُقال عليه "مجنونً"، ولكن الآن ميزة المجتمع المدني أنه يؤرخ ويسجل هذه الحوادث وسيفضح هؤلاء المسؤلين المتورطين ولن ينسى لهم التاريخ ما ارتكبوه في حق الأقباط والوطن، فالتاريخ لا ينسى أحدًا، وسيأتي اليوم الذي ستتم فيه محاسبة هؤلاء، حتي وإن لم يُعاقبوا جنائيًا سيعاقبون تاريخيًا؛ حتمًا سيذكر التاريخ فساد المسؤلين، وأنه أثناء توليهم مناصب، قد ارتكبت مجازر ضد الأقباط، وحدثت مئات الفتن الطائفية، وعلى الرغم من ذلك، لم يقدم جانٍ واحد للمحاكمة، ولم يتم سجن أحد، بل إن كل المتهمين قيل عنهم إما مجانين أو غير متزنين عقليًا لتتم تبرئتهم.
ويري رامي أن قتل الأقباط فشل آخر يُضاف لفشل الدولة المصرية وانعدام سلطة القانون بها، حيث لا توجد سيطرة أمنية، كما أن السلطات مترهلة ودولة محكومة بهذا الفساد، ولا تستطيع عمل شيء حتى حيال المشاكل الاجتماعية.
وأشار إلى أن حل هذه المشاكل يكمن في البدء في بناء مؤسسات حقيقية في مصر، وإبعاد كامل للكنيسة والأزهر عن السياسة، وضرروة ألا تكون هناك أي علاقة لرجال الدين بالسياسة.
وأضاف أن مشكلة الأحزاب أيضًا في مصر هي الاعتماد على الكهنة والشيوخ في حل المشاكل، فيُحضرون شيخًا وقِسيسًا لحل الأزمة الطائفية، ولكن المفترض بهم أن يأتوا بمسؤل أمني يُخبرنا عن سير تحقيقات النيابة وما تم التوصل إليه.
وأشار إلى أن الكموني هو أداة لتحقيق مصالح شخص آخر، وهو كبش فداء، تم التضحية به لمصلحة هذا الشخص، وهذا دليل على ابتعاد الناس عن السياسة، الأمر الذي جعل شخصيات أنصاف مثقفة وأنصاف قيادات بل أنصاف بشر يتصدرون المشهد العام والعمل السياسي في مصر، ونحن نعلم أن أعضاء مجلس شعب وراء قضية نجع حمادي، ولكن الدولة في مصر تريد حماية مصالحها ورجالها بعيدًا عن الأمن المجتمعي والحفاظ على القانون.
http://www.copts-united.com/article.php?A=14368&I=360