صفوت سمعان
بقلم: صفوت سمعان يسى
قصة قرية المريس التي تقع غرب الأقصر هي قصة مثالية لفلاحين بسطاء ولكنهم فصحاء ويتملكون حس ونبض سياسي ووطني لم أره في أناس يمتلكون تعليمًا عاليًا، وهذا ما شجعنى ان أقف معهم وأتولى ملفهم فلقد أحسست أن أرضهم هي أرضى وبيوتهم البسيطة هي بيوتي وأن قضيتهم هي قضيتي.
فمنذ ان صدر القرار 264 لسنة 2007 بالاستيلاء على قريتهم بمساحة تقريبية تتعدى 500 فدان مرحلة أولى من أخصب الأراضى الزراعية وبيوت تحوى عشرة الآف ساكن شاملة المدارس والنوادى والمعاهد لصالح مشروع إنشاء مارينا مراسى يخوت وبواخر سياحية وهم يعيشون فى قلق لأبعد الحدود فلقد سلبت حكومتهم اعز شىء يملكونه وهو عرضهم فالأرض بالنسبة لهؤلاء الفلاحين البسطاء هى عرض كما أفقدتهم حكومتهم أثمن شىء يعيشون عليه وهو السلام والأمن، فهم ينتظرون وقوع البلاء فى اى وقت فلقد صادرت أحلامهم البسيطة لصالح مستثمرين غزاة طمعوا فى أرضهم فلقد أصبحت الكحكة فى يد اليتم عجبه كما يقول المثل، كما أنهم يقفون أمام آلة جبارة لا قبل لهم بها ولا ترحم تتمثل فى محافظ الأقصر الذى تقف الدولة بكافة أجهزتها خلفه فلا صوت يعلو على الهدم والإزالة والمصادرة وقد سخرت حكومتنا الرشيدة كافة وسائل الأعلام للتمجيد بالانجازات ونسيت فى غمرة سعادتها بالتطوير ان التطوير هو تطوير ارض وشعب لا بالاستيلاء على الأرض وطرد الشعب فحكومتنا تصدعنا ليل نهار بأنها مع وتعمل لصالح الشعب بينما على ارض الواقع تفعل عكس ما تقوله - فهى حكومة رجال الأعمال والمستثمرين ويا ليتهم أفلحوا .
فأهالى قرية المريس لم يقفوا سلبيين إزاء ما يحدث وإنما تصرفوا كمصريين متحضرين وطرقوا كل الطرق القانونية، فهم رفعوا قضيتهم فى القضاء الإدارى، وتم رفضها بالرغم من ان تقرير مفوضى الدولة المكون من اكبر مستشارين صدر لصالحهم ولكن تقرير المفوضين إستشارى قد يؤخذ به أو لا، وقد صدر الحكم استنادا لقرار رئيس الوزراء بالنزع للمنفعة العامة، فما كان منهم إلا استئنافه بالقضاء الأدارى الأعلى بمصر طاعنين على الحكم على اعتبار عدم انطباق شروط النزع الأربعة عليهم واستناد الحكم على قرار رئيس الوزراء هو خاطىء فلابد ان يصدر قرار النزع بموافقة مجلس الوزراء مجتمعا لا منفردا بقرار من رئيس الوزراء شخصيا فقط !!!
اما الأغرب من ذلك القنبلة التى فجرها الدكتورشوقى السيد أستاذ القانون الدستورى عن عدم دستورية قرار نزع ملكية 500 فدان بقرية المريس بالأقصر، لإقامة مرسى للبواخر السياحية، مشيرا إلى أن قرار نزع الملكية الخاصة بهدف ضمها لملكية الدولة يجب أن يكون مقترنا بالمنفعة العامة، قائلا "إن إقامة مرسى سياحى هو مشروع بعيد كل البعد عن المصلحة العامة. كما أكد المستشار الخضيرى والمستشار مكى والدكتور شوقى أن قرار نزع الملكية فى حالة عدم التصديق عليه وعدم عمل كشف حصر وتعويضات بالمنزوعة أراضيهم خلال عامين من صدوره يعتبر قرارا لاغيا ولا يمكن تنفيذه مرة أخرى، ( قانون المنفعة العامة رقم 12 شهر 10/ 1990) وهذا ما ينطبق على قرية المريس حيث لا يمكن قانونا تنفيذ القرار السالف ذكره ( فبراير 2007 حتى فبراير 2010 ) اى أكثر من ثلاثة سنوات.
كما تعاطفت معهم الإعلامية اللامعة بثينة كامل ورئيسة حركة مصريون ضد الفساد وصورت معهم حلقة كاملة كما أعطت جائزة مكافحة الفساد لابن من أبناء المريس، كما حضر إليهم الأستاذ جورج اسحق منسق حركة كفاية والأستاذ سمير عليش من حركة صوتى مطلبى وإسراء عبد الفتاح من حركة 6 ابريل متضامنين معهم فى محنتهم والوقوف بجانبهم .
ومع ذلك لم يكتفى أهل المريس البسطاء بذلك بل جمعوا أكثر من ثلاثة الآف توقيع وأرسلوها لأكبر مهندس إستشارى الدكتور ممدوح حمزة الذى يتمتع بجدعنة وشهامة المصريين وتفضل مشكورا بعمل دراسة هندسية متكاملة لمشروع بديل،وهذه الدراسة تكلفت أكثر من 2 مليون جنيه تطوع بها مجانا تعاطفا معهم بينما الدراسة المقدمة للحكومة المصرية تكلفت أكثر من 20 مليون جنيه !!!
ولقد حضر الأستشارى ممدوح حمزة للأقصر وتقابلت معه ومعى مجموعة من كبار مثقفين هذه القرية ودرسنا مميزات وعيوب المشروع المقدم من الحكومة وعاينا على الطبيعة المشروع البديل بالشرق وعن وجود معوقات من عدمه، وبعد ذلك سافر الدكتور حمزة إلى مصر وعلى وعد بإرسال الدراسة والمشروع لنا، وفعلا بعد ثلاثة أسابيع اتصل بى قبل سفره لندن واخبرنى ان الدراسة جاهزة سيرسلها مدير مكتبه لى وعند وصولها إقراؤها وإذا كانت لكم إضافات أو مقترحات ابلغونى وكان طلبه الوحيد لى إلا تنشر الصحافة والأعلام ذلك حتى يهيئ جو هادئ ولا يسبب إحراجا للحكومة ومحافظ الأقصر فى حال قبول المشروع، وتم تقديم المشروع للمحافظ رسميا بمندوب من مكتب حمزه يوم 28 / 2 /2010 لدراسته وإعطاء الرد.
وتتلخص عيوب مشروع سمير فرج كالآتى :-
1- موقع الميناء : المقترح فى البر الغربى يتعارض مع ميراث الحضارة المصرية القديمة التى اعتبرت البر الشرقى هو بر الحياة والبر الغربى هو بر السكون والهدوء والحياة الأخرى بعد الموت ,حيث يساعد الميناء المقترح بقوة على اجتذاب العمران إلى الضفة الغربية خاصة مع وجود كوبرى الأقصر مخالفاً الموروث الحضارى .
2- نزع الملكية : لإنشاء المشروع يلزم نزع ملكية 500 فدان من الأراضى الزراعية وتعويض الأهالى ولا يتوقف الأمر عن هذا الحد بل نتوقع نزع ملكية مزيد من الأراضى.
3- الطابع الأجتماعى : إن نزع ملكية الأراضى سيخلق عداء جماعى للمشروع لشدة ارتباط الأهالى بأرضهم الأصلية علاوة على مهاجمة المشروع للمجتمعات المستقرة وخلق مجتمعات غير مستقرة اجتماعيا بسبب نقل الأهالى (عدم اتزان اجتماعى).
4- التكدس : تكدس سياحى هائل فى منطقة واحدة ومحدودة 8,2 كم مربع بما يتعارض مع المفهوم الأمنى والبيئى والسياحى وما يتطلبه من خدمات من مياه , كهرباء وطاقة ,صرف صحى وخدمات ترفيهية خارج السفن (معارض - بازارات - ...الخ) وعلما بان هذا التكدس سيخلق بؤرة تلوث بيئى فى المنطقة .
5- انطباع السائح : المشروع المقترح ميناء أصطناعى يقلل من الانطباع المتوقع للرحلة النيلية التى غرضها الأساسى هو أشعار السائح ببكارة الطبيعة وعبق التاريخ وأصالة الحضارة فى أرضها بدون رتوش حضارية حديثة هذا المشروع سيفقد المنطقة بكارتها ويفقد الرحلة خلوتها .
6- تخطيط المارينا : الميناء المقترح بواسطة جامعة عين شمس وقد يكون الذى خططه مصمم معمارى وليس مهندس موانى,حيث إن المشروع له مدخل واحد للخروج والدخول وهذا لا يكفى عدد السفن المقترحة خاصة فى حالة الحوادث )مثل الحريق). وحالة حدوث شحوط أو غرق مركب مما يؤدى إلى غلق البايكه المتواجد بها عدد من السفن وتعطليها عن إتمام رحلاتها .
- وجود الميناء على المجرى الرئيسى للنيل يسبب الارتباك فى الملاحة خاصة عند المناورة للدخول أو الخروج. - التكلفة الباهظة لإنشاء الميناء. - التطهير المستمر المتوقع لقناة الدخول لوجودها فى منطقة اطماء (قرب الشاطئ). - التغيرات المورفولوجية المتوقع حدوثها فى ما حول منطقة الميناء - المسافة البينية بين السفالات المتوازية العائمة يجب زيادتها إلى 52 م حتى تكون مناورة المراكب ممكنة طبقا للمواصفات حيث إن المسافة بين المركبتين 15 م وهذا غير مطابق للمواصفات وبتعديل ذلك تقل طاقة المارينا لتصبح 150 مركب .
7- النشاط التجارى : التصميم المقترح يؤدى إلى خنق النشاط التجارى لمدينة الأقصر لنقل 16ألف سائح إلى الجهة الأخرى من النيل
8- تصميم مغلق لا يسمح بالامتداد : لعدم وجود ظهير صحراوى سواء لامتداد المشروع أو تعويض الأهالى بأرض صحراوية لاستصلاحها بالقرب من سكنهم وان وجدت فهى تخضع للمنطقة والمحمية الأثرية .
9- عزوف شركات التأمين :ورفع قيمة التغطية التأمينية نظرا لزيادة نسبة المخاطر فى المشروع لتكدسهم فى مكان واحد مما يمثل عبئا ماليا على نشاط السياحة النيلية
وتتلخص ومزايا مشروع ممدوح حمزة كالآتى :-
عبارة عن إنشاء عدد من المراسى على الشاطئ الشرقى لمجرى النيل جنوب كوبرى الأقصر وفي نفس جانب مدينة الطود المزمع إنشائها ويتكون المشروع من :
1- ثلاث مجموعات من المراسى بسعة إجمالية 180 مركب .
2- إنشاء طريق خدمة على شاطئ النيل بطول 7 كم وعرض 10 م موازى لشاطئ النيل لخدمة المراسى الجديدة ويتصل بمدينة الطود المقترحة بممشى ونفق مشاه أسفل الطريق الرئيسى.
3- يلزم إنشاء هذا البديل استخدام 25 فدان فقط (وهي حاليا ملك الدولة) وتتكون من شريحة طولية موازية للنيل.
4- أرصفة ثابتة بطول2240 م .
5- أرصفة عائمة بطول 8260 م.
6- أنفاق المشاه ستكون فى حد ذاتها معرض
(Vertical Egyptian Gallery) .7 - مناطق انتظار للأتوبيسات السياحية والتاكسيات.
8- عمل محطة لتموين السفن0
9- عمل محطة للصيانة السريعة للسفن
ومن مميزات هذا المقترح إمكانية تنفيذه على مراحل ويمكن البدء بمرسى واحد مما يجعل رأس المال المدفوع مناسباً للسيولة المتوفرة . تفوق المشروع :
1 - موقع الميناء : يتفق البديل المقترح مع منهجية تطوير مدينة الأقصر حيث يقع فى الضفة الشرقية وفي نفس جانب مدينة الطود السياحية الجارى إنشائها، مما يخلق التكامل بين السفن السياحية العائمة ومدينة الطود الجارى إنشائها حيث ان كلاهما سيعود بالنفع علي الأخر (1+1=2).
2 - المساحة المطلوبة : المشروع لا يحتاج إلى نزع ملكيات ولكن إلى خلق مسار موازى لشاطئ النيل ,لا يتجاوز 25 فدان وتتكون من شرائح طولية كافة الملكيات الموازية لشاطئ النيل فى المنطقة .
3 - الطابع الأجتماعى : الأراضى المستخدمة لا تتجاوز 25 فدان موزعة على شرائح طولية بعرض 15 متر موازية لنهر النيل والبديل المقترح يقع فى البر الشرقى حيث النشاط التجارى والخدمى للسياح وبذلك يخلق طابع من التأييد الشعبى للمشروع
4- الناحية المالية : لا يحتاج إلى ميزانية ضخمة لتعويض الأهالى نظرا لأنها ارض ملك الدولة وبالتالى توجيه الوفرة لصالح ميزانية المشروع البديل المقترح .
5 - التكدس : يتمتع البر الشرقى بخدمات أمنية كاملة من قبل الدولة مع سهولة السيطرة الأمنية عن طريق عدم تركيز السياح فى مكان واحد وتقسيمهم علي ثلاث مراسي ,حيث إن السفن تدخل بدون زحام نظرا لوجود عدة مداخل بعيداً عن المجرى الرئيسى للنيل .
6 - انطباع السائح : يتمتع السائح بجمال وطبيعة النيل والتاريخ أثناء نزوله للشاطئ أو صعوده للباخرة عكس الميناء الأصطناعى.
7 - تخطيط المراسى : يتكون المشروع من 3 وحدات منفصلة للمراسى وهى: مرسى هابو : مخصصة لرسو 90 مركب - مرسى الرامسيوم : مخصصة لرسو 50 مركب. مرسى الدير البحرى : مخصصة لرسو 40 مركب. وتتكون المراسى من ألسنة ثابتة متعامدة على الممشى متصل بها أرصفة عائمة يتغير منسوبها طبقاً لتغير منسوب النيل
8 - الامتداد المستقبلي : يمكن الامتداد في الاتجاهين حيث ان التصميم مفتوح.
9 - التصميم المفتوح : لا يوجد مشاكل رسو السفن حيث إن السفن يمكنها الدخول بدون ترتيب وبدون انتظار وبعدد لا نهائى من المخارج .سوف يتم التعامل مع المراسى مثل المطارات عن طريق إنشاء برج مراقبة لا يعلو كثيراً حتى لا يعوق الرؤية .
10- الممر Promenades : خلق ممشيان على ضفتى الطريق والممشى اتجاه منتجع الطود واتجاه النيل .
إذن البديل المقترح من مكتب حمزة ومشاركوه يتناغم مع مشروع الطود السياحي ستصل الفنادق العائمة إلى مرسى جديد متسع يتكامل مع خطة التنمية ومن ثم يزداد عدد السائحين وتزداد نسبة إشغال الفنادق والفنادق العائمة في المنطقة. ويعد مركز النقل الذي يخدم كل من منتجع الطود ومرسى الفنادق العائمة فرصة ذهبية لربط المنطقتين معاً وتوفير وسائل مواصلات ملائمة للسائحين كذلك إمكانية عمل أتوبيس نهرى يربط مناطق تجمع السفن السياحية بمناطق الزيارات والأماكن الأثرية مثل معبد الأقصر ومعبد الكرنك فى جو نيلى بديع مع بانوراما الآثار ومما يخفف الضغط المرورى على شوارع الأقصر 0
النتيجة :
إن الموقع المقترح البديل الجديد يتناسب مع فكر المحافظة فى تنمية منطقة الطود، أما الحل المقدم من جامعة عين شمس على النقيض ولا يتناسب مع تنمية منطقة الطود
ولكن محافظ الأقصر بعد كل ذلك صرح برفض المشروع وانه سوف ينفذ ويستولى على المريس لإقامة مارينا البواخر وانه سينفذه وسينفذه وهدد بمن سيقف فى طريقه !!!
وفى المقابل صرح أهالى المريس بعد كل الإجراءات المتحضرة التى قاموا بها والموقف الرافض المتعنت ضدهم أنهم لن يتركوا أرضهم وإذا أرادات حكومة نظيف ان تأخذها منهم فلتأخذها وهم أموات عليها .
الم اقل سابقا أنها دولة تكره مواطنيها وتتعنت ضدهم وكأنهم جاءوا من كوكب أخر. ولذلك سوف يعقد يوم الأربعاء 17/2/2010 ندوة بنقابة الصحفيين الساعة السادسة مساء وسيحضر مئات المتعاطفين والمهمومين بهذا الشأن وهى دعوة عامة للجميع للحضور.
باحث ومدير تقصى الحقائق بمنظمة الاتحاد المصرى لحقوق الإنسان – ومسئول عن ملف قرية المريس
للحصول على تقرير ومشروع الدكتور ممدوح حمزة
safoutsamaan@yahoo.com
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=14212&I=357