د. نجيب جبرائيل
بقلم: د. نجيب جبرائيل
طيلة أكثر من خمسة عشرة عامًا تضحكون على الأقباط، ومنذ عام 1995 في الانتخابات البرلمانية أعلن المستشار/ محمد محمد محمد جويلي "نائب شبرا ورئيس لجنة الاقترحات والشكاوى بمجلس الشعب" أنه تقدم بمشروع قانون موحد لبناء دور العبادة، وأنه على مدار ثلاث دورات برلمانية كان هذا النائب يوزع ضمن برنامجه الانتخابي مشروع هذا القانون، وباعتباري من سكان شبرا كنت أحصل على نسخة منه إذ كان يوزع في الكنائس.
ثم في عام 2007 وفي شهر نوفمبر بالتحديد حيث عقد المجلس القومي لحقوق الإنسان أول مؤتمر للمواطنة وأعلن نائبه الدكتور كمال أبو المجد -على مرأى ومسمع العشرات من المنظمات الحقوقية ونشطاء حقوق الإنسان وبحضور ممثلين عن وزارة العدل والحكومة والداخلية- أن المجلس قد تقدم إلى مجلس الشعب بمشروع قانون موحد لبناء دور العبادة، وقد تلت الدكتورة/ ليلى تكلا "عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان" نصوص هذا القانون، وهذا الكلام موثق بجلسات المؤتمر، وظل المجلس القومي لحقوق الإنسان يردد في جميع مؤتمراته وورش عمله أن هذا المشروع مودع لدى مجلس الشعب.
ثم بعد أحداث نجع حمادى المؤلمة خرج علينا الدكتور/ حمدى زقزوق "وزير الأوقاف" ليعلن في الصحف القومية أن مشروع قانون بناء دور العبادة الموحد سوف يُناقش في الدورة البرلمانية القادمة لمجلس الشعب، بل أن عشرات المناظرات واللقاءات والكتابات في الفضائيات والصحف الرسمية والمستقلة والمعارضة كانت تناقش موضوع قانون بناء دور العبادة الموحد ومتى سوف يناقشه مجلس الشعب.
ومنذ شهر كنت أحد ضيوف برنامج "اتكلم" على القناة الأولى في التليفزيون المصري مع المذيعة لميس الحديدي، وكان معنا الدكتور/ محمد الحفناوي "أمين المهنيين وعضو لجنة السياسات بالحزب الوطني"، وكنا نناقش متى سوف يصدر مجلس الشعب القانون الموحد لبناء دور العبادة المودع لديه منذ أكثر من ثلاث دورات.
من كل تلك المعطيات والمؤكدات وما سلف ذكره وما أعلنه المسئولين سواء في الحكومة أو في البرلمان، يؤكد بما لا يدع مجالاً لأدنى شك أن هذا القانون ضمن أجندة المجلس لكن الخلاف الوحيد حول توقيت مناقشته.
لكن الطامة الكبرى حدثت منذ أيام قليلة حين تحدث رئيس مجلس الشعب الدكتور/ أحمد فتحى سرور مع المذيع اللامع عمرو أديب في برنامج القاهرة اليوم، ليلقى بالصدمة الكبرى على أكثر من خمسة عشر مليون قبطي، حينما قال بالحرف الواحد ردًا على سؤال عمرو أديب متى سوف يصدر قانون بناء دور العبادة الموحد، فرد رئيس المجلس "عليكم أن تستعجلوا الحكومة في مشروع هذا القانون إذ أن هذا المشروع لم يأتي إلى المجلس مطلقًا ولم تقدمه الحكومة مطلقًا إلى المجلس، وتُسأل عن ذلك الحكومة"، أي أن سيادته ينفي نفيًا تامًا أي وجود لهذا المشروع في المجلس.
إذًا مَن نصدّق ومَن نكذّب؟.
هل تصريح رئيس مجلس الشعب يأتى ليؤكد سلسة الخداعات التي تقوم بها الدولة في تعاملها بهذا المنطق مع الأقباط؟ هل ما زالو الأقباط في ذهن الحكومة أم في ذاكرتها؟ وهل يمكن ان نتصور بعد ذلك أن نطلب من الأقباط أن يصدقوا وعود الحكومة؟ وهل يمكن للحكومة أن تغضب إذا ما هبت رياح وعواصف الأقباط العاتية في الداخل والخارج مطالبين بحقوقهم المسلوبة في المواطنة؟ وهل يمكن أن يلومنا أحد إذا ما قيل عن الأقباط أن من حقهم إذا عجزت الدولة عن إعطائهم مواطنتهم أن يطالبوا حكومتهم بتنفيذ التزاماتها الدولية التي وقّعت عليها؟
أعتقد أنه ربما يكون من ضمن الأسئلة التي سوف يواجهها الوفد المصري الموجود الآن في المجلس الدولى لحقوق الإنسان في جنيف للرد على انتهاكات مصر لحقوق الإنسان، كيف ومَن يصدق الأقباط (الحكومة أم البرلمان)؟
ثم نتساءل.. هل تتصور الحكومة أن الأقباط ساذجون إلى هذه الدرجة؟ طبعًا لا.. بل أنتم سوف تكونوا الساذجون، وإذا لم تصدق ذلك فعليك أن ترى ما قام به الأقباط وجموعهم للمطالبة بحقوقهم في واشنطن وسيدني وملبورن وهولندا وفرنسا وكافة المدن الأمريكية والأوربية، ونحن لا نلوح بالتهديد إذ ليس ذلك من سماتنا، ولكن نصر على حقوقنا حقوق المواطنة فهي حقوقا لا تموت ولا تنقضي بالتقادم، ولا يمكن للحكومة أن تغتصبها، ومن العيب أن نتغنى بدولة المؤسسات والأقباط يتجرعون الوهم، ثم نعود ونقول كل شيء وردي وأن ما حدث هو عمل فردي.
أعدكم أنني سوف أقف قريبًا ومعي العشرات من النشطاء -مسلمين وأقباط- أمام مكتب الدكتور نظيف "رئيس وزراء مصر وحكومتها" لكي أطالب بتقديم هذا المشروع، وأجعلها وقفات مكوكية بين الحكومة والبرلمان، إذ لا يبتعدا سوى بضعة أمتار، حتى نعرف من هو الصادق ومن هو الكاذب ثم نعلن الحقائق على مرأى ومسمع الحاضر والغائب.
رئيس الاتحاد المصرى لحقوق الانسان
Nag_ilco@hotmail.com
http://www.copts-united.com/article.php?A=14201&I=357