مؤسسة حقوقية تصدر تقريرًا حول حرية الإبداع والتعبير للنصف الثاني من 2009

د. ماريانا يوسف

كتبت: ماريانا يوسف – خاص الأقباط متحدون
أصدرت موسسة حرية الفكر والتعبير تقريرها أمس الثلاثاء عن حرية الإبداع والتعبير خلال النصف الثاني من علم 2009، يهدف هذا التقرير إلى رصد وتوثيق أهم المعالم المتعلِّقة بأوضاع حالة حرية الفِكر والإبداع في مصر، ويتناول توثيقًا لأوضاع حرية الفِكر والإبداع في مصر وأهم التطورات التي شهدتها خلال تلك الفترة.

حرية الإبداع والتعبيريقدم الجزء الأول من التقرير رؤية قانونية حول مدى الضرورة الاجتماعية الملزمة لتجريم بعض أشكال الإبداع، باعتبار هذه الضرورة هي إحدى الضمانات الدستورية المتعلِّقة بحرية الفِكر والإبداع، وذلك في ضوء أحكام المحكمة الدستورية العليا، إضافةً إلى عرض بعض الأمثلة لقضايا تناولها التقرير في متنه.
رصد التقرير ٥٥ حالة تعدي على حرية الفكر والإبداع، تنوعت ما بين أعمال الرقابة على السينما والمسرح والتليفزيون والفضائيات والصحف والمطبوعات.
كما رصد نحو ١٨ محاكمة للمبدعين والمفكرين و١٢ حكم، تنوعت الأحكام والمحاكمات ما بين دعاوى لوقف أعمال سينمائية أو إرجاء منح الترخيص بتصوير سيناريو، هذا بالإضافة إلي المطالبة بوقف قنوات فضائية، وحجب المواقع، والمطالبة بسحب جائزة الدولة التقديرية، ورفض تداول الصحف في مصر.

بينما تناول الجزء الثاني من التقرير الأحكام القضائية التي تداولت بالمحاكم في تلك الفترة والخاصة بحرية التعبير، ومنها على سبيل المثال:
1- الحكم في قضية فيلم "المشير والرئيس":

حيث أصدرت محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في ٢٤ نوفمبر ٢٠٠٩ حكمها في الدعوى رقم ٢٨٤٣ لسنة ٦٢ ق والدعوى رقم ٣٠٢٢ لسنة ٦٢ ق بإلغاء قرار الإدارة المركزية للرقابة على المصنفات الفنية بوزارة الثقافة بإرجاء منح الترخيص بتصوير فيلم "الرئيس والمشير" إلى حين موافقة المخابرات العامة والمخابرات الحربية، والتي كان قد أقامها كُلٌّ من المخرج خالد يوسف والكاتب ممدوح الليثي ضد كلٍّ من وزير الثقافة ووزير الدفاع وجهاز الرقابة على المصنفات الفنية، وقد طالبا الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبى المطعون فيه الصادر من وزيري الثقافة والدفاع، بالامتناع عن إصدار ترخيص بتصوير فيلم "الرئيس والمشير"، وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار.
واستندت المحكمة في حكمها على أنَّ "حرية التعبير هي مِلاك الحُرية الإنسانية وقوامها".

2مترو- الحكم في رواية "مترو":
أصدرت محكمة جنحِ قصر النيل حكمها في القضية رقم ٤٧٣٢ لسنة ٢٠٠٨ في يوم ٢١ نوفمبر ٢٠٠٩ بمعاقبة كلٍّ من مجدي محمد عبد الستار الشافعي "مؤلف رواية مترو" ومحمد الشرقاوي صاحب دار ملامح للنشر "ناشر الرواية"، بتغريم كلٍّ منهما خمسة آلاف جنيه ومصادرة النسخ المضبوطة من الرواية.
وقد استندت المحكمة في حكمها إلى "أن المحكمة قد ثبت في يقينها أنَّ هناك بعض الالفاظ الخادشة للحياء تضمنتها الرواية مما يتناقض مع القيم الأخلاقية للمجتمع المصري".

3- الحكم في قضية تداول جريدة "أخبار الكشافة":
أصدرت محكمة القضاء الإداري بالقاهرة حكمها في الدعوى رقم ٨٥٠٦ لسنة ٦٣ ق في يوم ١٩ ديسمبر٢٠٠٩، المقامة من أشرف سيد أحمد عبد العليم ضِد كلٍّ من جهاز المطبوعات والصحافة الخارجية، والمجلس الأعلى للصحافة، ووزير الإعلام، ووزير الداخلية بوقف تنفيذ قرار جهاز المطبوعات والصحافة الخارجية برفض تداول جريدة (أخبار الكشافة) داخل البلاد وإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوعها، حيث أكدت المحكمة في حيثيات حكمها على أن حرية الصحافة تمثل المظهر الأسمى لحرية التعبير.

4- قضية منح جائزة الدولة التقديرية لكل من سيد القمني وحسن حنفي:
بدأت محكمة القضاء الإداري في ٣ نوفمبر ٢٠٠٩ النظر في الدعوى رقم ٤٨٥٧٥ لسنة ٦٣ ق، المقامة من الداعية يوسف البدري ضِد كلٍّ من وزارة الثقافة وأمين عام المجلس الأعلى للثقافة وشيخ الأزهر، وطلب في ختام عريضة دعواه إلزام شيخ الأزهر بتقديم ما تحت يد مجمع البحوث الإسلامية من تقارير حول كتابات سيد القمني وحسن حنفي، وكذا رأي المجمع الشرعي فيما تضمنته آراء وأفكار سيد القمني في مقالاته وأحاديثه المُسجلة من الفضائيات في حق الإسلام والمسلمين، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار منح جائزة الدولة التقديرية لسيد القمني وحسن حنفي بما يترتب على ذلك من آثار أخصها سحب الجائزة بِشِقَّيها "المادي والمعنوي" الممنوحة لهما، وأخيرًا إلغاء هذا القرار واعتباره كأن لم يكن.
وقد تحددت جلسة 3 نوفمبر 2009 لنظر الدعوى والتي تم تأجيل النظر فيها ثانية إلى جلسة ١٩ يناير ٢٠١٠ لاتخاذ إجراءات التدخل الانضمامي.

5- قضية وقف تداول جريدة "صوت الديمقراطية":
أقام خالد صلاح -بصفته رئيس مجلس إدارة جريدة "صوت الديمقراطية"- الدعوى القضائية رقم ١٤٥٨٥ أمام محكمة القضاء الإداري ضد كلٍّ من وزير الإعلام، ووزير الداخلية، ومدير إدارة الرقابة على المطبوعات والصحف الأجنبية بصفته، طالب فيها بالحكم له بوقف تنفيذ وإلغاء قرار وقف جريدة صوت الديمقراطية ومنعها من التداول داخل مصر بما يترتب على ذلك من آثار أخصها أحقيتها في التداول داخل البلاد.
واستند المدعي في طلباته إلى أنَّ القرار المطعون فيه مخالف للدستور وللقانون، وعلى وجه الخصوص نص المادة ٤٧ من الدستور التي تنص على أنَّ "حرية الرأي مكفولة، ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير في حدود القانون".
وقد تداولت القضية بالجلسات وبجلسة 27 اكتوبر الماضى قررت محكمة القضاء الإداري تأجيل نظرها لجلسة 19 يناير 2010 أيضًا.

6- دعوى غلق القنوات السلفية:
أقام المحامي حسنين عبد الحليم عمران الدعوى القضائية رقم ٥٦٧٢١ لسنة ٦٣ ق ضِد وزير الإعلام أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، طالبًا من خلالها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار وزير الإعلام ببثِّ القنوات الفضائية التي تروج للفكر السلفي الإسلامي أيًا كان عددها، وعدم التصريح للقائمين عليها بالبث مرة أخرى، مؤكدًا أن مثل تلك القنوات أحدثت بلبلة وحيرة بين الناس وفُرقة بين المسلمين.
متهمًا وزير الإعلام بإساءة استعمال السلطة لسماحه لبث تلك القنوات التي تبث الأفكار المظلمة، وقد تداولت الدعوى بالجلسات وبجلسة ١٥ ديسمبر تم تاجيل النظر فيها إلى 9 مارس 2010.

فيما تناول الجزء الثالث من التقرير رصدًا لعملية الرقابة على السينما والتليفزيون والفضائيات..
1- الرقابة على السينما:

الرقابة على السينماانتقد التقرير تدخل رجال الدين في صناعة السينما، حيث قام الأنبا بيشوي بإرسال رسالة إلى جهاز الرقابة يطالب فيها بمنع الفيلم الأسباني (أجورا) إخراج (أليخاندرو أمينابار) والذي كان من المقرر عرضه في ختام بانوراما الأفلام الأوروبية -الثلاثاء ٢٢ ديسمبر ٢٠٠٩- لتناوله مصرع الفيلسوفة المصرية هيباتيا على أيدي الغوغاء بالإسكندرية في القرن الرابع الميلادي، بعد أن اعتبرها بابا الأقباط وثنية وتمارس السحر.
من جهة أخرى حذفت الرقابة على المصنفات الفنية العديد من المشاهد من فيلم (مجنون أميرة)، والذي يتناول جانبًا من حياة الأميرة ديانا، ومنها مشهد الأميرة ديانا أمام حارسها الشخصي وليم في إسطبل الخيل وممارستها الجنس معه، بالإضافة إلى حذفها أيضًا لمشهد يجمع الأميرة ديانا والتي تقوم بدورها المطربة (نورا رحال) وإبراهيم والذي يقوم بدوره الممثل (مصطفى هريدي)، وهو ما دفع مصطفى محرم "مؤلف الفيلم" إلى اتهام الرقابة بالتعنت مقابل سماحها بعرض مشاهد أكثر جرأة في أفلام أخرى.

2- الرقابة على التليفزيون:
أصدر اللواء أحمد أنيس "رئيس الإذاعة والتليفزيون" قرار بحذف مشاهد تدخين الشيشة والسجائر والمخدرات من المسلسلات في رمضان، وهو القرار الذي صدق عليه وزير الإعلام أنس الفقي، وبناءً على هذا القرار تم حذف ٧ مشاهد من مسلسل الباطنية من تأليف مصطفي محرم وإخراج محمد النقلي، أغلبها مشاهد لشباب يتناولون المخدرات ويدخنون الشيشة، وكذلك 5 مشاهد من مسلسل "أفراح إبليس".

3- الرقابة على الفضائيات:
تناول التقرير رصدًا لبعض الآليات التي تنتقض حرية الرأي والتعبير عبرالفضائيات، منها على سبيل المثال ما قامت به قناة دريم يوم ٥ أكتوبر ٢٠٠٩ من قطع للبثَّ المباشر على الكاتب الصحفي أحمد المسلماني أثناء تقديمه برنامج الطبعة الأولى، وكان المسلماني قد أعلن عن انتقاله إلى فاصل ومن َثم يكمِل برنامجه، إلا أنه لم يرجع للشاشة بعد الفاصل.
من جهة أخرى فوجئ الشيخ خالد الجندي، بقرار أنس الفقي "وزير الإعلام" بمنع بث قناة (أزهري) التي كان قد بدأ في التجهيز لها منذ أكثر من عام، فقرر الشيخ خالد الجندي أن يبدأ بثَّ المحطة في ميعادها ولكن من الأردن تفاديًا لقرار المنع.
أما الإعلامي حمدى قنديل فقد تعرض لإلغاء اتفاق كان قد ُأبرِم بينه وبين قناة المحور، حول برنامج "قلم رصاص".

أما الجزء الرابع من التقرير فرصد الرقابة على الصحافة والمطبوعات فضم على سبيل المثال إلغاء عقد ندوة للكاتب عبد الحليم قنديل بنقابة الصحفيين في أغسطس الماضي، وبالمثل ألغي مؤتمر تضامني للدكتور نصر حامد أبو زيد كما قام المسئولين عن الإعلانات بالأهرام بتشويه عناوين صحفية الدستور الصادرة في 22 يوليو 2009 لانتقادها سياسة الحكومة.