هاني دانيال
بقلم: هاني دانيال
لفت نظري خبر منشور في إحدى الصفحات الرياضية بجريدة الأهرام يوم الثلاثاء 9 فبراير الجاري، والتي تتعلق بسعي لجنة المسابقات باتحاد الكرة المصري توقيع عقوبة على كلٍّ من نادي الزمالك ونادي إنبي بسبب نزولهما إلى الملعب متأخرين عن موعد اللقاء 10 دقائق، والسبب كما ورد بالأهرام أنهما صمما على الصلاة قبل النزول للملعب وبدء اللقاء!.
لا أريد توقع رد فعل لجنة المسابقات بشأن ما حدث، وهل سيتم بالفعل توقيع العقوبة على الفريقين، أم سيتم الاكتفاء بما نشر و"قرصة الودن"، وعفا الله عما سلف!، ولكنني أتوقف عند مدلولات أخرى.
لأول مرة يتم نشر مثل هذه الأخبار، وربما يفسر لنا ذلك لماذا تذاع مباريات الدوري المصري متأخرة عن المواعيد المقررة لها سلفًا، ولماذا تبدأ مباريات الكرة في كل دول العالم في المواعيد المحددة، ويتم نقل المباراة قبل موعدها بدقائق، بينما في مصر يتم بث المباريات في توقيت مختلف تمامًا عن الموعد المحدد، والمباراة تنطلق متأخرة عن موعدها المحدد سلفًا دون احترام للمشاهد ودون احترام للوقت!
لا أعرف هل ما قام به كل من نادي الزمالك وإنبي أمر معتاد في الملاعب الرياضية المصرية أم أن ما حدث هو مجرد حدث عابر حدث لأول مرة ولن يحدث مرة أخرى؟، وربما ستجد لجنة المسابقات نفسها في ورطة إذا فكرت في أن تفرض عقوبة عليهما، خاصة وأن الصلاة أمر طبيعي لكل شخص، أضف إلى ذلك أن بعض لاعبي الفريقين من منتخب الساجدين، وأكد المدير الفني له أكثر من مرة أنه يضم اللاعبين الملتزمين، ومن ثم ربما ما حدث يشير إلى أن فرق الدوري ستحرص قبل كل مباراة على الصلاة لإثبات حسن النوايا، ولفت أنظار الجهاز الفني لمنتخب مصر لهم، والإشارة إلى أنهم ملتزمون مثل الآخرين، ويستحقون نظرة منه!
لا أريد التعليق على هذا الخبر المستفز من زاوية قد تشير للبعض أنني ضد الصلاة، أو قد تشير إلى أنني أتعمد التربص بمثل هذه الأخبار، أو قد تشير إلى أننى أصطاد في الماء العكر، وأنتظر مثل هذه الأخبار لأعلق عليها، وربما قد يشطح آخرون إلى بعيد، ولكني أتحدث من وجهة نظر واحدة.... احترام الوقت، احترام اللوائح، احترام العقول!.
أعرف أن معظم مباريات الفريق الوطني كانت تتم في توقيت مماثل لهذا التوقيت الخاص بمباراة الزمالك مع إنبي، فهل كان يمكن تأخير بدء المباراة للرغبة في الصلاة، أم أن هذا من المستحيل لأنه قد يعقبه عقوبات وإظهار المنتخب بشكل من الاستهتار أو منح فرصة للتنكيل باللاعبين وإظهارهم بصورة تبرز أنهم لا يحترمون الوقت، ويفضلون الصلاة على احترام الوقت؟، بالطبع كان من المستحيل فعل ذلك، وإلا كان مظهر المنتخب الوطني سيختلف تمامًا عما ظهر به!.
أتذكر أن هناك مقولة شهيرة في الوسط الرياضي ـ لا أعرف مصدرها الحقيقي ـ منسوبة للنجم الكبير الراحل صالح سليم بشأن هاني رمزي نجم الأهلي والمنتخب الوطني السابق، حينما استبعده أحد المدربين من الأهلي لأنه مسيحي الديانة، فما كان من صالح سليم إلا وقال له "هل تريد لاعب كرة أم شخص يقود الصلاة"، وهذا يوضح كيف تسير عقول المصريين مع الكرة والدين في حين أن الرياضة لها وجوه مختلفة عديدة لا نراها ونكتفي بوضع تصور مختلف تماما عنها!.
الآن نحن في انتظار قرار لجنة المسابقات لكي نتعرف على رد فعلها لما حدث، وهل هناك لوائح تنظم فرض عقوبات على أي فريق لا يحترم المواعيد الموضوعة، ام سيتم محاسبة اتحاد الكرة ولجنة المسابقات لعدم مراعاة مواعيد الصلاة أثناء وضع جدول مباريات الدوري؟، وإذا كانت هناك عقوبات على الفريق بسبب عدم احترامه للمواعيد المقررة، هل يشفع له أن سبب التأخير هو الصلاة؟!.
الموضوع قد يبدو بسيطًا، ولكنني فضلت التوقف عنده باعتباره يقدم لنا ملاحظة مهمة قد تعبر عن حال المجتمع المصري اليوم، وربما قد ترسم مستقبله خلال 10 سنوات قادمة، باعتبار أن الصلاة وإظهار التدين من مقومات الانضمام للمنتخب الوطني وحصد البطولات، وعدم الاعتراف بالموهبة وبذل الجهد والعرق، والاكتفاء بالصلاة والحصول على بركة من الله تبارك اسمه.
عزيزي القاريء.. أنا أسف على إزعاجك بما دار بداخلي، ربما تكون مجرد هواجس وأحلام، ولكني أرجوك أن تساعدني في الشفاء منها أو قد تساهم معي في محاربة خفافيش الظلام من أجل هذا الوطن الذي أنجب من قبل طه حسين والعقاد والإمام محمد عبده مرورًا بأسماء كثيرة.. لا يكفي هذا المقال لذكرها وانتهاء بأحمد زويل ومصطفى النشرتي ومحمد البرادعي مع حفظ الألقاب لهم جميعًا.
http://www.copts-united.com/article.php?A=13968&I=352