ميرفت عياد
تحقيق: ميرفت عياد - خاص الأقباط متحدون
بدأ مشروع ترميم مقبرة الملك توت عنخ آمون بالبر الغربي بمدينة الأقصر وذلك بالتعاون مع معهد "بول جيتي" للترميم وسيستغرق المشروع خمسة أعوام وذلك لحماية جدرانها من بعض البقع الغامقة اللون كما أن ترميمها سيُعيد إليها رونقها الأصلي منذ اكتشافها قبل أكثر من 87 عامًا، هذا ما صرح به فاروق حسني وزير الثقافة.
ومن جانبه أضاف د. زاهي حواس أمين عام المجلس الأعلى للآثار أن المشروع سينفذ على مرحلتين، تشمل المرحلة الأولى الدراسات اللازمة لمعرفة الحالة الراهنة للحوائط والرسومات الخاصة بالمقبرة، أما المرحلة الثانية فتشمل أعمال الترميم الفعلي للمقبرة والتسجيل العلمي لها، ويعتبر مشروع ترميم مقبرة الملك توت عنخ آمون هو من أحدث المشروعات التي ينفذها المجلس الأعلى للآثار بالتعاون مع معهد "بول جيتي" الذي تم التعاون معه في آواخر الثمانينات لترميم المناظر الخاصة بمقبرة الملكة نفرتاري زوجة الملك رمسيس الثاني، هذا بالإضافة إلى العديد من المشروعات، منها فتارين العرض الخاصة بالمومياوات الملكية المعروضة بالمتحف المصري، والجو المحيط بقاعة العرض الخاصة بهم، ومشروع مراقبة الجو في منطقة أهرامات الجيزة وأبو الهول.
ومن جانبه أعرب "جيمس وود" رئيس معهد "جيتي" عن سعادته بالتعاون مع المرممين والأثريين المصريين لمرة أخرى لترميم أحد أهم المواقع الأثرية في مصر، حيث إنه بمقارنة مقبرة الملك توت عنخ آمون والمقابر الأخرى في وادي الملوك، فإن مقبرة الملك توت عنخ آمون تعتبر من أبسط المقابر هناك والمزينة بنقوش ومناظر جنائزية ولكن لوحظ ظهور بعض البقع الداكنة على أسطح هذه المناظر منذ عصر "هيوارد كارتر" ولكن لم يتم التعرف أبدًا على مصدر وطبيعة هذه البقع وهذا سيكون أحد محاور أعمال الترميم.
وأوضح "تيم والين" مدير معهد "جيتي" أن مشروع الترميم سيشمل إجراء أبحاث علمية شاملة ودراسات دقيقة لمعرفة أسباب مشكلة ظهور هذه البقع بالإضافة إلى توفير برنامج وخطة كاملة طويلة المدى لضمان الحفاظ على هذه المقبرة.
كنوز توت عنخ آمون في جولة عالمية
وعلى صعيد آخر، أضاف دكتور زاهى بأن عدة مدن وولايات أمريكية تشهد زيارة الفرعون الذهبي "توت عنخ آمون" لها لعرض أهم قطع من مقتنيات مقبرته قبل عودته نهائيًا إلى مصر، حيث بدأت هذه الجولة في ديسمبر عام 2005، فكانت المحطة الأولى في مدينة بازل السويسرية، ثم انتقل بعد ذلك إلى مدينة بون الألمانية، ومنها إلى أربع مدن أمريكية، انتقل بعدها إلى معرض لندن ليُعرض بعدها في مدينة فيينا النمساوية، ليعود مرة أخرى ليُعرض بالولايات المتحدة الأمريكية خلال الفترة من منتصف نوفمبر 2008 وحتى نهاية ديسمبر 2012.
وصرح دكتور زاهي بأن المعرض يضم 149 قطعة أثرية من مقتنيات المتحف المصري وأنه يأتي استجابة للطلب المقدم من مؤسسة الفنون والمعارض الدولية بولاية أوهايو الأمريكية، والجمعية الجغرافية الوطنية، ومؤسسة " AEG " للمعارض بلوس أنجلوس بشأن إقامة المعرض المشار إليه بعد انتهاء عرضه بالنمسا ليعرض تحت عنوان " توت عنخ أمون - الملك الذهبي والفرعون العظيم" بعدد سبع مدن بالولايات المتحدة الأمريكية.
توت عنخ آمون .. الصورة الحية للإله آمون
ويشير دكتور "خالد غريب" مدرس بكلية الآثار إلى أن الملك توت عنخ آمون يعود إلى الأسرة الثامنة عشر وكان فرعون مصر من 1334 إلى 1325 ق.م. في عصر الدولة الحديثة، وكان عمره وقتها تسع سنوات، ويعنى اسمه باللغة المصرية القديمة "الصورة الحية للإله أمون"، كبير الآلهة المصرية القديمة. عاش توت عنخ آمون في فترة انتقالية في تاريخ مصر القديمة حيث أتى بعد إخناتون الذي حاول توحيد آلهة مصر القديمة في شكل الإله الواحد، وتم في عهده العودة إلى عبادة آلهة مصر القديمة المتعددة.
و يُعد الفرعون الذهبي من أشهر الفراعنة، لأسباب لا تتعلق بإنجازات حققها أو حروب انتصر فيها، وإنما لأسباب أخرى من أبرزها اكتشاف مقبرته وكنوزه بالكامل دون أي تلف، إضافة إلى اللغز الذي أحاط بظروف وفاته في سن مبكرة وعمره لم يتجاوز العشرين عامًا، خاصة مع وجود آثار لكسور في عظمي الفخذ والجمجمة إلى جانب زواج وزيره من أرملته وتنصيب نفسه فرعونًا، الأمر الذي جعل الكثيرين يظنون أنه لم يمت وإنما تم قتله في عملية اغتيال.
ويذكر دكتور "غريب" أن الدكتور زاهي حواس صرّح في 8 مارس 2005 أنه بفضل استخدام التصوير الثلاثي الأبعاد على مومياء توت عنخ أمون، قد تم التأكد من أنه لا توجد أية أدلة على أن الفرعون الذهبي قد تعرض إلى عملية اغتيال، وأضاف أن الفتحة الموجودة في جمجمته لا تعود لسبب تلقيه ضربة على الرأس كما كان يُعتقد في السابق، وإنما تم إحداثها بعد الموت لغرض التحنيط، وأكد أن سبب الوفاة هو تسمم الدم نتيجة كسر في عظم الفخذ تعرض له توت عنخ أمون قبل موته.
اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون
ويوضح د دكتور "غريب" أن مقبرة الفرعون الذهبي "توت عنخ آمون" تم اكتشافها في عام 1922، من قِبل عالم الآثار البريطاني والمتخصص في تاريخ مصر القديمة "هوارد كارتر"، عندما كان يقوم بحفريات عند مدخل النفق المؤدي إلى قبر الملك رمسيس الرابع في وادي الملوك بالبر الغربى بالاقصر، فلاحظ وجود قبو كبير واستمر بالتنقيب الدقيق إلى أن دخل إلى الغرفة التي تضم ضريح توت عنخ آمون، وكانت على جدران الغرفة التي تحوي الضريح رسوم رائعة تحكي على شكل صور قصة رحيل توت عنخ آمون إلى عالم الأموات، وقد أحدث هذا الاكتشاف ضجة إعلامية واسعة النطاق في العالم، نظرًا للتوصل إلى مومياء الفرعون الصغير كاملة المحتويات، وبكامل زينتها من قلائد وخواتم والتاج والعصي وكلها من الذهب الخالص والأبنوس.
أهمية كنوز الملك توت عنخ آمون
ويؤكد دكتور "غريب" أن مجموعة الملك توت عنخ آمون ترجع أهميتها إلى العديد من الأسباب، أولها، أن تلك الأمتعة ترجع إلى الأسرة الثامنة عشرة، أزهى عصور مصر القديمة، حيث انفتحت البلاد على أقاليم الشرق الأدنى القديم، بفضل الحملات العسكرية والعلاقات التجارية، من تصدير واستيراد للمواد والمنتجات المصنعة، ونشاط أهل الحرف والفنانين. السبب الثاني أن كنز توت عنخ آمون هو أكمل كنز ملكي عُثر عليه، ولا نظير له. إذ يتألف من ثلاثمائة وثمان وخمسين قطعة تشمل القناع الذهبي الرائع، وثلاثة توابيت على هيئة الإنسان، أحدها من الذهب الخالص، والآخران من خشب مُذهب. أما السبب الثالث، فهو وجود أمتعة الحياة اليومية، كالدمى واللعب، ثم مجموعة من أثاث مكتمل، وأدوات ومعدات حربية، فضلاً عن رموز أخرى وتماثيل للأرباب تتعلق بدفن الملك وما يؤدى له من شعائر. هذا بالإضافة إلى السبب الرابع وهو أن هذا الكنز نعلم منه حياة الملك، مثل حبه للصيد وعلاقته السعيدة بزوجته "عنخ آسن آمون" وحاشيته الذين زودوه بالتماثيل التي تقوم بإنجاز الأعمال بالنيابة عن المتوفي في العالم الآخر.
أهم محتويات مقبرة توت عنخ آمون
وتضيف دكتورة "داليا حفني" أستاذة بكلية الآداب، قائلة إن أهم محتويات المقبرة تتمثل في كرسي العرش الوحيد الذي وصل إلينا من حضارة المصريين القدماء والأسرة و العجلات التى تجرها الخيول وأدوات القتال من سيوف وخناجر، والتابوت الذهبي للملك الذي يزن أكثر من 110 كيلو جرامًا، والقناع الذهبي المرصع بالأحجار شبه الكريمة الذي كان يُغطي وجه المومياء، كما يوجد تابوتان آخران من الخشب المغطى بالذهب، وهناك 314 تمثالاً كانت توضع في المقبرة لكي تقوم بالعمل بدلاً من الملك في العالم الآخر، كما يوجد 32 تمثالاً للملك وآلهة العالم الآخر من الخشب المذهب.
كما عُثر أيضًا في المقبرة على كثير من الصناديق المزخرفة بالمناظر الحربية ومناظر الصيد والترفيه والمقاصير الكبيرة من الخشب المذهب ونقشت عليها مناظر من كتب العالم السفلي تصور علاقة الملك مع الشمس والمعبودات المختلفة، وكذلك مجموعة من 143 قطعة من الحلى الذهبية المرصعة بأحجار شبه كريمة أغلبها يمثل معبود الشمس بأشكاله المختلفة والقمر أيضًا، فهناك الأساور والأقراط والخواتم والصدريات والدلايات، بل هناك درع صنع للملك من الذهب ورصع بالأحجار والزجاج الملون وزخرف بأشكال المعبودات التي تحمي الملك وترعاه في حياته وبعد وفاته، كما عثر هناك على مجموعة هائلة من الأواني التي صنعت من "الألبستر"، أهمها بالطبع ذلك الإناء الذي يمثل علامة الوحدة بين شطري البلاد يربطهما معبود النيل.
وتنهي دكتورة داليا حديثها معبرةً عن أن مجموعة مجوهرات "توت عنخ آمون" تعد من أشهر وأندر مجوهرات ملوك مصر الفرعونية، حيث تضم هذه المجموعة عددًا كبيرًا من القلادات والأقراط والتيجان، من بينها القلادة الصدرية المزخرفة والمصنوعة من الذهب والفضة والعقيق الأبيض والأحمر وحجر الكالسيت واللازورد والفيروز وحجر الأوبسيديان والزجاج الأبيض والأسود والأخضر والأحمر والأزرق، والتكوين الزخرفى لهذه القلادة شديد الدقة، حيث يتكون الجزء السفلي منها من زخارف نباتية وزهرية، في حين يتكون الجزء الأوسط من شكل زخرفى على صورة صقر مصنوع من الذهب المرصع وباسط جناحيه بالإضافة إلى الرمزين النباتيين "زهرة اللوتس" للوجه البحرى و"نبات السَّعاد" للوجه القبلي.
http://www.copts-united.com/article.php?A=13803&I=348