د. ماجد عزت اسرائيل
بقلم: ماجد عزت إسرائيل
ومع بداية صيف 1956م قرر الأب متى المسكين العودة إلى دير الأنبا صموئيل، بعد أن وجد معارضة شديدة من رئيس دير السريان بتحريضه لرهبان الدير على عدم الاعتراف على يده ورصد تحركاته، ويعلق على ذلك في مذكراته قائلاً: "وتفاديًا لصراع أعلم أنه سيخرجني حتمًا عن رسالتي الروحية قررت مغادرة الدير لرجوعي إلى الدير الذي ترهبنت فيه أولاً".
على أية حال، بعدما أدرك الأب متى المسكين حتمية مغادرته دير السريان حرصًا على سلامته الروحية وسلامة علاقاته مع رهبان الدير ورئيسه قرر الرحيل، بعد أن ودع الأسقف وقطع على رهبان الدير حرمًا أن لا يأتي أحد خلفه، ويذكر هنا قائلاً: "وركبت الأتوبيس الصحراوي إلى القاهرة، بشعور عصفور انفك من الفخ وخرج يرفرف بجناحيه في سماء الحرية، وذلك بقصد التوجه لدير الأنبا صموئيل".
وبعد وصوله إلى القاهرة قرر استئذان رئيس دير الأنبا صموئيل "القمص مينا المتوحد" ومقره مصر القديمة، وأثناء انتظاره لمقابلته حضر عدد اثنا عشر راهبًا من أولاده من دير السريان، وحاول إقناعهم بالعودة إلى دير السريان وأنه يريد التوحد وأن دير الأنبا صموئيل فقير ولا يقدر أن يحتمل كل هذا العدد، إلا أنهم قالوا له بصوت واحد: "نعيش معك ونموت معك".
وبعدها حضر القمص "مينا المتوحد" وبارك الجمع وأعطى حل بالرحيل إلى دير الأنبا صموئيل، ويذكر القمص متى هنا قائلاً: "ذهبنا جميعًا إلى الدير، وبدأت في الحال بتعميره لأنه كان مهدمًا تمامًا ولا توجد به قلاية واحدة، وأصدقائي من الإسكندرية لما سمعوا بالخبر بدأوا يرسلون أموالاً كثيرة لي....".
على أية حال، استطاع الأب متى المسكين بين عشية وضحاها أن يعيد تخطيط و رسم وبناء الدير على أسس علمية، أو إذا جاز لنا التعبير تعمير الدير من خلال رؤية مستقبلية له؛ لدرجة أن قدرت تكلفة عمارته ما يقرب من ثلاثة آلاف وخمسمائة جنيه مصري في سنة 1956م؛ وهذا المبلغ كان في ذات الفترة كبير، واستغرق العمل نحو سنتين ونصف بنى خلالهم ما يقرب من ثلاثين قلاية ودورات للمياة بالحجر المنحوت في الصخر.
ولكن سرعان ما تبددت الأمور عقب نياحة (وفات) البابا "يوساب الثاني" البطريرك رقم (115) (1946-1956م)، ويذكر القمص متى المسكين الأحداث هنا قائلاً: "وبعد أن انتهيت من البناء وقبل أن نسكن في القلالي، كان القمص مينا المتوحد قد انتخب بطريركًا -البابا كيرلس السادس، البطريرك رقم (116) (1959-1971م)– لأن المطارنة رفضوا ترشيح الراهب مكاري (الأنبا صموئيل) والراهب أنطونيوس (البابا شنودة الحالي) وكانوا قد أضافوا اسمي إلى هذين الإسمين في قائمة من أطلقوا عليهم اسم "الرهبان الجامعيين".
على أية حال، في 27 يناير 1960م أصدر البابا كيرلس السادس قررًا بنزولنا جميعًا من دير الأنبا صموئيل إلى دير السريان، ورفض كتابة خطاب بتوجهنا للدير بل اكتفى بإرسال مندوبًا بطريركيًا معنا لدير السريان، ولكنه أدرك منذ الوهلة الأولى عدم الترحيب بهم، فلم تطل الإقامة بالسريان أكثر من سبعين يومًا، ويعلق الأب متى المسكين هنا قائلاً: "تركنا الدير جميعًا -في شعور غامر بالفرح والحرية- بعد أن أخذنا الحِل من نيافة الأسقف بالرحيل إلى القاهر، وكان ذلك في يوم سبت لعازر في 9 أبريل 1960م".
http://www.copts-united.com/article.php?A=13754&I=347