اللافتة.. المعنى والسؤال

محمد عبد الفتاح السرورى

بقلم: محمد عبد الفتاح السرورى
في مدينة الأسكندرية وفي حي العطارين العريق كانت البداية الفكرة ... وبداية السؤال؟!

من لافتة زيتية عمرها يتعدى المائة عام... مكتوب عليها أو على ما تبقى منها "مكتبة إخوان الصفا وخلان الوفا" ... فكان طرح التساؤل: "من كتب هذه اللافتة منذ أكثر من مائة عام ونحن نعلم جميعًا مدى غموض جماعة "إخوان الصفا وخلان الوفا" في تاريخ وفكر الإسلام..
 
ومن حي العطارين العريق إلي حي المنشية الشهير كانت رحلة أخرى... رحلة مع لافتات المحال التجارية التي ترتكها الجاليات الأجنبية التي كانت تعيش في هذه المدينة ... رخلة مع سيدرس (وفيلكس لاهون) و(بلليجريني ونعوم) ....

وعلى ذكر (سيديرس 1870) .... فهذا المحل كان محلاً لبيع الأقمشة وكان صاحب هذا المحل (الخواجة) يقف على باب المحل بالبدلة كاملة لكي يهنئ كل سيدة تقوم بالشراء من عنده كما ذكر ذلك الدكتور محمد عوض الخبير بالتراث السكندري وتغير الحال وتبدلت الأحوال وعلت مكان لافتة سيديرس لافتة أخرى مكتوب عليها "الهانم للطرح والعبايات" ... إنها التغيرات الاجتماعية التي طالت كل شئ بما فيها لافتات المحال التي تمثل تراثا لا يجب أن يموت.

لافتة أخرى لكم للاسف لم أستطيع تصويرها وتوثيقها نظرًا لوجودها على جدار مدخل قسم شرطة الرمل، وتعد هذه الرخامية جزءً من تراث وزارة الداخلية في مصر.. إنها رخامية (محل البوليس 1903) ... كان المصريون عام 1903 يقولون على رجال الشرطة (البوليس)، وكانت هذه هي الكلمة متداولة آنذاك وتذكرت على الفور عمنا (نجيب محفوظ) حينما كان يتحدث لم يكن يقول إلا (كلية البوليس)... بطبيعة الحال لم أستطع التقاط صورة لهذه الرخامية الرائعة حيث إن الموضوع يحتاج لتصاريح وخلافه مما يخرج من نطاق القدرة، هذا على افتراض النجاح في ذلك.

لا يمكن أن نبرح هذه النقطة إلا بعد أن ننبه ونحذر ونلفت النظر إلى رخامية تراثية رائعة ضائعة أو مهملة .... ونقصد بها هذه الرخامية التي كانت تتصدر مدخل مستشفى دار إسماعيل في الأسكندرية واسمها الرسمي "عمارة الخديوي الصحية"، تعد هذه الرخامية وثيقة بالفعل مدون عليها تاريخ افتتاح المستشفى وتخصصاتها، وتفضل جناب الخديوي بافتتاحها، لكن طالت يد التجديدات مدخل المستشفى فضاعت أو ألقيت هذه الوثيقة في المخازن أو تحطمت، لا يعلم الا لله بهذا الأمر فهل من يجيب؟!

تعد لافتات المحال وخاصة ما يخص الجاليات الأجنبية منها وثائق تاريخية لا يجب التفريط فيها أو تحطيمها أو العبث بها، فإذا كان ولابد من التجديد، فهذا لا يمنع من الحفظ والصون لهذه الأجزاء التي تشكل جزءً من تاريخ النسق الاجتماعي والتجاري وتوثيقًا لطبيعة المرحلة التي صنعت فيها.

ومنعا للتكرار وحتى لا نقع في فخه، نسوق التحكيم بعد المتغيرات التي طرأت على لافتات المحال ونترك الأمر لحصافة القارئ وفطنته..
البنك السلطاني العثماني صار مبنى الشهر العقاري.
الفريد مجدلاني لتصليح الأسلحة صار المحتشمة لملابس المحجبات.
سيدريس (كما ذكرنا) صار الهانم للطرح والعبايات.
صيدناوي – عدس – ريفولي صار كارفور ...
ولا زالت اللافتات شاهدة على ما حد وما يحدث