حسنى مبارك هل تسمعني (المكالمة الثانية)

سعيد فايز

بقلم: سعيد فايز
مقدمه

أولاً: أحب أن أعرفك بنفسي ، اسمي سعيد فايز مصري الجنسية، فأنا من رعايا الدولة التي أنت رئيسها، أعمل بمهنة المحاماة. وبالمناسبة أنا مسيحي الديانة – أعلم أنك تتعجب لذكري ديانتي.. فأنتَ لم تسَل عنه لأنك تعتبر نفسك رئيس كل المصريين كما تقول دائمًا، ولكني أذكر ديانتي لحكمة سوف تظهر بين كلامي وفى ثنايا حديثي – وقبل البدء في الحديث، أعلم ضيق وقت فخامتك لذا سوف ألتزم بالرسائل المباشرة لعدم هدر الوقت .
ثانيًا: أعلم أني أخاطب رئيس الجمهورية لذلك سوف ألتزم الآداب العامة في الحديث دون أن أصبح منافقًا.
ثالثًا: سيدي الرئيس، أود أن أتحدث معك اليوم بثلاث صفات وهي كوني مصريًا، كوني محاميًا، وأيضًا كمسيحي.

كمحامٍ أتحدث:
أنا وأنت يا سيادة الرئيس، نؤمن أن الدولة التي لا تحترم القانون، من المستحيل أن تخطوه في طريق الديمقراطية. فمن المعلوم أنه كلما كانت الدولة أكثر تقدمًا ورقيًا كان أفراد شعبها أكثر احترامًا للقانون، ولكني كمحامٍ أجد وبكل حزن القانون يُهان في بلدي.
أجده يُهان تارة من هذا الجهاز العجيب الذى يُدعى أمن الدولة.. هذا الجهاز الذي يضع أقدامه فوق القانون.. بل إنه يستتر بقانون، هو بحق أسوأ ما وُجد على الإطلاق (قانون الطوارئ) حتى أن هذا الجهاز يعبث بيده الطويلة والثقيلة أحيانًا (القانون سابق الذكر) داخل جسم الدولة من مؤسسات وأناس أصحاب قرارات، ليُملي عليهم قراره الأخير، والمفرد، والمجبور مسبقًا.

فمثلاً: يا سيادة الرئيس في أحداث دير أبو فانا أو الأحداث الطائفية في بني سويف أو فرشوط أو نجع حمادي، حتى في الاعتداءات على البهائيين والشيعية وفي حادث الاعتداء على اللاجئين السودانيين، وجدنا هذا الجهاز العجيب يتدخل بقوة وينسف القانون ويطبق قانونه الخاص.

- أبوفانا: وقف أمن الدولة حائلاً بين الجناة والقانون، وتم إجبار الكنيسة على الصلح، ووجد المعتدى عليهم أنفسهم بين مطرقة جهاز أمن الدولة وسندان الجناة، أو الاختيار الصعب (الصلح العرفي)، والذي لا يثمر عن أي شي أكثر من:
1-  ضياع حقوق المجني عليهم.
2- واستقواء المعتدي، فهو لم يُحاسَب على ما ارتكبه من جُرم لنجد أنفسنا وقد خلقنا جيلاً من البلطجية ومعتادي الإجرام.
3- وتم إجبار الدولة عن طريق الصلح العرفى هذا، وبذلك نجد أن الدولة تتخلى عن دورها طواعية لترتد إلى نظام القبيلة مرة أخرى.
ليبقى بعد كل هذا شرخًا في النظام الاجتماعي (فهناك أناس فوق القانون)..  تجبَّر الجاني وازداد إجرامه (فلن يُحاسَب بل إن كل ما في الموضوع جلسة صلح).
حسرة ومرارة لدى المجني عليهم، فهم لا حول لهم ولا قوة، بل ظهر يسندهم ويكسر الانتماء ويصبح على طوال الخط شاعرًا أنه مضطهد ومكروه في بلده، ومن بلده.
فقل لي يا سيادة الرئيس، هل يُعقل بعد كل هذا أن يبقى وطن، أو يتقدم وطن؟.. أترك الإجابة لكَ ولا أريد أن أسمعها بل أريد أن يسمعها ضميرك داخلك.

أجد القانون يُهان تارة أخرى في سندان العدالة..
وذلك من بعض المحامين وبعض أعضاء النيابة وبعض من يجلس خلف منصة القضاء ليحكم بين الناس بالعدل.
أنتَ تعلم يا سيادة الرئيس أن أجهزة الدولة المختلفة تم اختراقها من قِبل أصحاب الفكر الوهابي أو التيار السلفي كما أسميته في خطابك الأخير.
فتارة نجد قاضيًا يرفض شهادة المسيحي.. فينقض مبدأ المساواة الذي نص عليه الدستور، وتارة أجد أحد أعضاء النيابة العامة يقول لي باللفظ الواحد "أتريد أن أطبق القانون؟ وأخالف شرع الله؟".. فكيف يا سيادة الرئيس تنادي أنتَ بمبدأ المواطنة، وأجد نفسي وأنا مجبر أن يطبق عليَّ دين ليس هو ديني، وأيضًا يلغي القانون ليطبق بدلاً منه فكرًا خاصًا هو مفهوم هذا العضو لدينه من وجه نظره، وتارة أجد بعض المحاميين يقومون برفع القضايا من أجل تقييد بعض الحقوق لأنها لا تناسب صحيح الدين الذي يعتنقه، وحينما يسأل لِمَا تقوم بهذا، ولِمَا تنصِّب نفسك قيِّمًا على الناس؟ فتكون الإجابة، إنى أبتغي رضاء الله وأحافظ على الدين من يد صغار النفوس – أتخاف على دينك من صغار النفوس، ألم يتعهد الله بحفظه كما تؤمن أنت؟، لِمَا تنصِّب نفسك على كرسي الله وتمسك صولجان لا لشيء إلا لكسر القانون لصالحك أنت؟.
أجد القانون يُهان في يد السلطة التنفيذية (الشرطة)..
الشرطة هي أصلاً في خدمة الشعب، وقد أصبح الآن يا سيادة الرئيس هدفها الأول هو إذلال الشعب، فكم من مرة سمعنا ورأينا جلاديين التعذيب.. بل إن الكارثة في ضابط أدين بجريمة تعذيب وسجن، وحينما خرج أصدر السيد وزير الداخلية أمرًا بعودة هذا الضابط إلى عمله مرة أخرى.
بلطجة، ذل للمواطنين، ضياع للحقوق.. هذا ما تقوم به السلطة التنفيذية، أصبح الشرطي يُنصِّب نفسه عدوًا للمواطن بدلاً من أن يحميه ويسهر على راحته، ضاعت لغة القانون وظهرت لغة القوى، والكرسي.
كما ترى يا سيادة الرئيس، أنا لم أكلمك في نصوص القانون والدستور، لا مادة المواطنة ولا المساواة ولا غيرهما، ولكني أكلمك في تطبيق القانون الذي وضعه الدستور هدفًا لوجود الدولة والنظام الذي أنت تعتلي فيه الكرسي الأول.

سيدي الرئيس، القانون ثم القانون ثم القانون.. فهو سندانك لتحقيق العدل والتقدم والراقي . عليكَ بكل من يُخالف القانون أو يُعطل سريان أحكامه. 

saidfayaz@yahoo.com