د. يحيى الوكيل
بقلم: يحيي الوكيل
كتبت من قبل أن ما يحدث من الجزائر وما نراه من التطاول على مصر والمصريين من الصحافة الجزائرية الزرقاء يتعدى مجرد الرغبة فى الانتصار فى مباريات كرة القدم، وأن هناك غرضا آخر بل أغراض أخرى.
فى السطور التالية سأعرض بعض الأحداث واستقرئ دلالاتها، وأترك بعدها للقارئ أن يصل الى ما شاء الوصول اليه من الاستنتاجات.
ضاع فى خضم الاهتمام بمباريات بطولة كأس الأمم الافريقية خبران لهما دلالة فى غاية الخطورة. الأول ما قررته ليبيا من اجراءات متعسفة للتطبيق على دخول المصريين اليها ثم وفى مدى ساعات قليلة فتحت حدودها للجزائريين يدخلون ليبيا بلا تأشيرة أو جواز سفر – فقط بالهوية.
ألا يمثل هذا جزءا من خطة لاحلال الجزائريين محل المصريين فى ليبيا؟
أنا لا أحمل الليبيين أى ذنب، فقد كان فتح الحدود بين ليبيا ومصر والانتقال الحر للأفراد والبضائع بين البلدين من أهداف الأخ العقيد معمر القذافى التى عمل فعلا من أجلها حتى هدم بنفسه البوابة الحدودية الفاصلة بين البلدين من نيف وعشرين سنة، لكن المصالح الشخصية لبعض الأشخاص والهاجس الأمنى الذى وصل الى درجة الهوس أفسدوا كل هذا. لقد ظللنا نُضيق من جانبنا ما انفرج واتسع حتى لم يجد الجانب الليبى مندوحة من أن يحذو حذونا؛ وزدنا بمعاداة – أو لنقل ببرود – لا لزوم له تجاه ليبيا فى اعلامنا الموجه كلما اختلفت الآراء والمواقف السياسية مما لا شك أثر فى القرار الليبى.
لو أن القرار الليبى كان فقط بالتضييق فى اجراءات الدخول لتعم الجميع لما كان له هذا القدر من الخطورة، لكن أن يقترن المنع بالسماح للجزائريين بالتمتع بما كان يتمتع به المصريون – وأنا أعلم أن المصريين إلى قلوب الليبيين أقرب، وأعلم مكانة مصر فى قلب الأخ العقيد معمر القذافى – فلابد أن وراء الأكمة ما وراءها.
من ما عرض لى من الأخبار ومما تتابعت به الأحداث من قبيل مباراة مصر والجزائر الأولى – وأعنى بالأولى تلك التى لُعبت فى عنابة فى الجزائر – فإن تصاعد وتيرة الحرب الاعلامية والأكاذيب الصحفية الجزائرية كانت منذرة بأوخم العواقب واقتضت تدخل الحكماء بين البلدين تحاشيا لحرب عربية-عربية جديدة. كان أول من خطر ببالى ان يتدخل هو الأخ العقيد معمر القذافى لما له من صلات فى البلدين، ولكن بعد أنباء مقتضبة عن اتصالات قام بها الأخ العقيد معمر القذافى بقادة البلدين استعرت الحرب الاعلامية وزادتها مهزلة الخرطوم اشتعالا فلم نعد نسمع عن أى دور ليبى فى المصالحة ثم زادت الأمور غموضا بتجاهل الاعلام تماما لأخبار ليبيا – حتى ما ذكر من توجه السيدة وزير القوى العاملة والهجرة لليبيا لحل بعض المشكلات هناك كان يتم ذكره على الهامش وبدون ذكر للتحرك الموازى الجزائرى.
أكاد أجزم أن الجو بين مصر وليبيا قد تسمم كجزء من خطة جزائرية موضوعة للمساهمة فى النيل من استقرار مصر، وهى بدورها جزء من خطة الغزو الوهابى لمصر – ولهذا الحديث حين.
الخبر الثانى شحن الطائرات الجزائرية ب"الأنصار" – وهو لقب للمشجعين الجزائريين تم اختياره بعناية من قبل الجنرالات الوهابيين لما له من وقع على قلوب المسلمين – لمساندة فريق الجزائر فى لقائه مع الفريق المصرى فى الدور قبل النهائى لبطولة كأس الأمم الافريقية، وهو ما يعيد الى الأذهان ما حدث فى الخرطوم وبشكل يكاد يتطابق حيث مارست الصحافة الجزائرية الزرقاء سفالاتها محاولة الوصول بالشحن الى أقصى درجة راجية أن ينتهى بانفجار الأحداث تمهيدا للخطوات التالية من المخطط الوهابى.
لو أن الغرض من ارسال الطائرات محملة من الجزائر لتشجيع فريقها لكان الأولى بهم ارسال تلك الطائرات قبل مباراة ساحل العاج وكانت حظوظهم بالتأهل – حسابيا – قليلة لضعف المستوى الذى كان عليه الفريق الجزائرى ولقوة فريق ساحل العاج؛ هذا بالطبع الا لو كان السيد روراوة رئيس اتحاد كرة القدم الجزائرى على ثقة من نتيجة المباراة قبل لعبها، وأن استقراءه للأحداث قد هداه الى أن الفوز قادم لا محالة على يد الحكم الذى حرم أفيال ساحل العاج من فوز مستحق على ضباع الصحراء بالغائه هدفا صحيحا وعدم احتساب ضربة جزاء.
للأسف، وكالعادة، فمسئولونا عندهم قصور فى استقراء الأحداث – اللهم الا اذا اعتبرنا استقراء للمستقبل ما يصرح به بعض المسئولون خاصة من هو المفترض فيه مسئوليته المباشرة عن العلاقات مع الجزائر من أنه كان يعلم بما سيحدث ولكن بعد الحدث طبعا وبعد أن يكون موقف مصر سيئا أو فى غاية السوء.
ربما أنه استقراء للمستقبل فى الزمن الماضى، أو استقراء للزمن الماضى فى المستقبل!!
المهم أن مسئولينا ابتلعوا طُعم تهدئة الأحداث – تماما كما حدث فى السودان، وخرجت تصريحات كل من هب ودب تزين "لقاء الأشقاء" بالورود قبل أن يُلعب، وضحكوا على أنفسهم وعلينا بالتصريح بأن البلدين اتفقا على أعلى مستوى بعدم ارسال مشجعين بشكل خاص لحضور تلك المباراة – ولو أن هذا حدث فقد غيرت الجزائر فى هذا الاتفاق قبل أن يُغلق خط الهاتف فى بادرة غدر لابد من الانتباه اليها.
سيرسلون قراصنتهم الى أنجولا – التى أرجو أن تنتبه الى الفخ الجزائرى المنصوب لافساد تنظيمها لبطولة كأس الأمم الافريقية، ولا أعتقد أن ذكريات القراصنة وتجار النخاسة البربر ببعيدة عن الأنجوليين. ستكون مهمة هؤلاء القراصنة افساد المباراة بالتأثير على الحكم ان أمكن – ولاختيارهذا الحكم بالذات دلالته من قبل الاتحاد الافريقى، فهو متهم بمجاملة مصر فى مباريات سابقة ولو تكرر منه هذا فلن يحظى بشرف التحكيم فى كأس العالم؛ سيكون دفاعه عن اسمه وسمعته مرهونا بالضغط على الفريق المصرى فى الملعب وسيكون هذا مُنصبا فى مصلحة الجزائر بالطبع.
توقعوا عنفا فظيعا من اللاعبين الجزائريين فى الملعب، عنفا سيباركه الحكم ويدعو اليه القراصنة الجزائريون من المدرجات ان سمحت لهم السلطات الأنجولية بدخول البلاد. توقعوا الأسوأ ان فازت مصر، فلا استبعد اجتياح القراصنة الجزائريين لأرض الملعب والاشتباك مع لاعبينا ثم الادعاء أن لاعبينا قد استفزوهم أو أهانوهم – حدث مثل هذا من قبل وقام البوليس الجزائرى بضرب اللاعبين المصريين فى الجزائر.
ان ما نحتاج لارساله الى أنجولا ليس آلاف المشجعين، بل يكفى مئة مصور اعلامى بكاميرات فيديو تسجل على مدار المباراة ومن قبلها ومن بعده كل ما يفعله كل لاعب من فريق الجزائر على أرض الملعب – حتى الاحتياطيين منهم، وكذلك ما يفعله المشجعون الجزائريون فى المدرجات – قلوا أو كثروا.
لابد من توثيق الهمجية الجزائرية بشكل كامل هذه المرة، وفضح هؤلاء القراصنة البرابرة أمام العالم أجمع – بدون النظر الى الفوز أو الخسارة فى المباراة.
أعود الى دور البيدق الجزائرى فى خطة الغزو الوهابى لمصر، ودوره بسيط: استعداء العرب علينا من المغرب بينما تقوم بهذا الدور حماس والجزيرة من المشرق؛ وقد رأينا قبلا كيف نجحت الخطة بشكل جزئى مع السودان وبشكل أكبر مع ليبيا.
لقراصنة الجزائر ارتباط وثيق بالارهاب الوهابى والذى عصف بالجزائر لما يزيد عن العقد من القرن الماضى وطال حتى رأس الدولة بعدما أراق دم المثقفين والأبرياء من شعب الجزائر؛ وأنقل لكم هنا مقتطفات من اعترافات ارهابى جزائرى منقولة من صحفهم:
قالت صحيفة "الشروق اليومي" إن قرار إحالة "متهم متورط بالإرهاب، أظهر الكثير من التفاصيل عن الجرائم البشعة التي ارتكبها الإرهابيون سنوات العشرية السوداء، والتي تنوّعت بين الذبح والاختطاف والاغتصاب الجماعي وإبادة قرى بأكملها."
وأضافت الصحيفة "التفاصيل المروعة التي سردها المتهم (ش محمد) المكنى القعقاع.. تتضمن تخريب المنشآت العمومية من جسور وسكك حديدية وأعمدة الكهرباء، ليزداد نشاط الجماعة بشاعة ودموية بفتاوي "أبو المنذر" مفتي المسلحين، فقاموا بين سنوات 1996و2005 باغتيال حوالي 50 عسكريا بالجيش والحرس البلدي والاستيلاء على زيهم وأسلحتهم وسرقة أدويتهم وتفجير إقاماتهم."
وتابعت "قتلوا العديد من المواطنين، وعلى سبيل الحصر قتل 19 طفلا تتراوح أعمارهم بين الثلاث والأربع سنوات، الخطف والاغتصاب الجماعي لـ30 فتاة وقتلهن، منهن واحدة لا تتعدى 14 من عمرها، فمثلا 13 إرهابيا اغتصبوا فتاة لا تتعدى 19 من عمرها، وفتاة أخرى اختطفوها رفقة سبع أخريات قتلهن في عملية إرهابية راح ضحيتها 48 مواطنا."
هذه مجرد عينة من اسهامات الجزائريين فى الحضارة الانسانية، ومثل هؤلاء هم من يحرقون حتى المدن الفرنسية ان فازوا أو خسروا.
الارهاب الوهابى إذن متأصل ومتجذر فى الشخصية الجزائرية خاصة الجيل الحالى من الشباب الذين عاصروا تلك المجازر، فلم اذن المهادنة؟
يعلمنا علم الاستراتيجية أن الحرب هى امتداد للسياسة بوسائل أخرى، وقد طور الوهابيون هذه النظرية لتكون أن السياسة هى الحرب بوسائل أخرى فكفوا عن العمليات العنيفة فى كل من مصر والجزائر وبدءوا فى زعزعة استقرار البلاد – خاصة مصر – بوسائل أخرى، فتارة يُعرضون إفكا وبهتانا بسمعة مصر فى العالم – وهو دور الجزائر - وأخرى يقتلون مرابطينا على الحدود برصاصات غدر فى الظهر وغير ذلك يقتلون اخوانهم الخارجين من الصلاة من بيت للرب مذكور فى القرآن نفسه.
انهم يريدونها لبنان أخرى، ولكن لهذا حديث آخر.
ما يهم الآن أن نتخذ من الخطوات ما يحفظ لنا حقنا ويوثق الاعتداء الجزائرى – وهو آت لا محالة ولو لفظا.
كفوا عن تكرار أخطائكم، ولا تخترعوا أخطاء جديدة أيضا فسمعة مصر هى فى النهاية سمعتى وسمعة أهلى وأولادى ولن أسمح لكم أو لغيركم أن تتسببوا فى الاساءة اليها
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=13314&I=337