"أماني" العروسة ماتت في الفرح

الوطن

 اتخذ رب المنزل "محمد أمين"، قرارًا بالسفر من محافظة أسوان هو وأسرته صوب القاهرة، بعد نقاش استمر لساعات اتخذ، حيث كان يخشى المظاهرات والاشتباكات المستمرة التي اندلعت في القاهرة، منذ ثورة يناير، حيث حذره الكثيرين من السفر، إلا أن مرض "خالة" الأولاد كان سببًا وجيهًا للمغادرة لعدة أيام، ثم العودة بعدها، استعدادًا لتجهيزات فرح ابنتهم الكُبرى "أماني".. "أصلها كانت على وش جواز خلاص" كلمات تقولها الوالدة بمرارة، قبل أن تنخرط في بكاء الحُرقة على فراق فلذة كبدها.

 
فى إحدى ليالي الخميس من شهر أبريل، ترك "أمين وزوجته" أولادهم برفقة ابنتهم الكبرى "أماني"، فيما نصح الزوج ابنته بأن تعتني بنفسها "خلي بالك من العيال.. وكُلي أي حاجة لحد لما أروح أزور خالتك ونيجي عشان احتمال نرجع النهاردة أسوان تاني".. وبينما هم بين أركان المستشفى رن هاتفه، رد ليجد خال الأولاد يخبره "لازم تيجي دلوقتي بسرعة.. عشن بنتك تعبانة"، اعتقد "أمين" في البداية إنها تعاني من صُداع، إلا أن رن تليفونه مرة أخرى، صار سببًا في تغلغل القلق فى أعماقه ليخبره المُتصل "أمانى انضربت بالرصاص واحنا هنوديها المستشفى دلوقتي.. تعالي بسرعة"، ترك الرجل الأربعبني كل شيء وما لبث أن سارع في الذهاب إلى مستشفى الجيزة الدولي، ليجد الطبيب يُخبره "البقية في حياتك"، لم يُصدق الرجل كلماته "ماتت.. أيه اللي بتقوله ده.. دي لسه كانت معايا من ساعة"، فيما ارتكنت الزوجة على إحدى الحوائط استندت عليها حتى فقدت وعيها وارتطمت بالأرض، في خطوات مرتعشة، دخل "أمين" إلى إحدى غرف المستشفى ليجد ابنته، غارقة في دمائها وملابسها مُلطخة بالدم، أخبره خال الأولاد عما حدث "كان فيه فرح تحت البيت.. وقام واحد ضرب نار بالآلي"، إحدى الرصاصات اخترقت أسفل ذقن "أماني" وخرجت من رأسها، لتُفجر نافورة دماء، مازالت آثارها مُلتصقة في ذاكرة شقيقها الأصغر "مصطفى" الذي يعاني من حالة نفسية سيئة جراء ما أصاب شقيقته الكبرى.
 
من أسوان إلى القاهرة، كان "محمد أمين" يأتي دومًا، أملًا في أن يقتات فُتات الأموال، من عمله في "النقاشة"، إلا أن كسرًا أصاب رسغه، أعجزه عن العمل لسنوات، ليعمل بنصف طاقته مُستخدما يده اليُسرى.. تحقيقات النيابة استغرقت أكثر من 8 شهور، ومفاوضات أهل الجاني ظلت مستمرة هي الأخرى في سكة التعويض بالأموال ثم المصالحة فالتنازل عن البلاغ في النيابة، إلا أن "أمين" رفض كل ذلك "ضفرك عندي يساوي الدنيا يا ماني"، وأصر الحصول على حقه من الدولة "عرضوا عليا مبلغ لحد 200 ألف جنيه وأنا رفضت"، المُعضلة أن أحد المسجلين خطر سلم نفسه إلى النيابة مُعترفا بأنه من أطلق النار على "أماني" بدون قصد خلال احتفالات الفرح، كل ما يطلبه "أمين" هو القبض على القاتل الحقيقي لابنته "الجاني أساسا مسجل خطر لكن لأن عائلته معاها فلوس بتحميه"، قبل أن تُشير "زوجته" إلى جهاز عروستها "أماني" التي مازال ينتظرها لأجل الانتقال معها إلى عش الزوجية "مش هسيب حق بنتي يروح هدر".

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع