نبيل المقدس
بقلم: نبيل المقدس
تجتاح الأفراح دائماً في مُدن محافظة البحيرة، خصوصاً مدينة كفر الدوار وتحديداً منطقة مساكن شركة مصر للغزل والنسيج وهى المنطقة التى شهدت مَولِد حسن شحاتة، المدير الفنى للمنتخب، حيث يقوم أقرب المقربين لهُ، وهو السيد أحمد العربى الشهير بـ«حمبوتو» والذي كان كابتن فريقه وهو لاعب فى صفوف كفر الدوار قبل إنضمامه للزمالك عام ٦٧ بالإشراف علي هذه الأفراح . وهذا من حقهِ ومن واجبهِ بل واجب علي كل مصري أن يُقدم لحسن شحاتة الحب والعرفان بالجميل بما قام به من إنجازات عظيمة , بالرغم أنه لم ينجح في التأهل لمونديال 2010 لظروف نعرفها . وقد قرأتُ تصريحاً لحسن شحاتة يُثبت لنا مدي عدم معرفتنا بمفهوم كلمة المواطنة , وما صَرح به الكابتن أو ما يُطلق عليه المعلم حسن شحاتة يُؤدي إلي فتنة بين شعب مصر , ويجعل جميع المَجْهودات التي تُبذل في سبيل توجيه الوطن إلي سياسة المواطنة تبتعد حتي تصير بيننا وبين المواطنة مشوار كبير وعقبات لا بُد أن نتجاوزها مما يصعب علينا أن نبني مصر علي أعمدة راسخة وهي المواطنة .... والتي هي الحل الوحيد للحياة تحت قوانين الحرية والسلام والمساواة. هذا لو كان فعلا هو هدف الحكومة وليس شعاراً تتشدق به بين جميع بلدان العالم .
يقول حسن شحاتة بعد فوزه علي منتخب نيجيريا ,[ أنه يسعي دائما أن يكون جميع لاعبي المنتخب علي مستوي أخلاقي عالي ... هذا كلام جميل ونحترمه جداً .... ويُكمل سيادته أنه يسعي أيضاً أن يكون لاعبو المنتخب علي علاقة طيبة بربهم , ويكفي أن أقول إن محمد زيدان لم يكن يؤدي الصلاة , ولم يكن يعجبني تصرفه عندما ينزوي بعيداُ عنا أثناء صلاة الجماعة , فإجتمعت به , وكان ذلك قبل مباراة البرازيل في كأس القارات وقلت لهُ إن لم تكن مقتنعاً بالصلاة فقم بها علي أساس أنها فرض عليك , وستجد الله واقفاً إلي جوارك وسيوفقك في حياتك , وبالفعل أدي زيدان الصلاة ووفقه الله في إحراز هدفين , ومن يومها وهو يواظب علي الصلاة , وكذلك الأمر مع عمرو ذكي الذي أقنعتهُ بالصلاة , ويختم حسن شحاته تصريحه الذي جاء بجريدة المصري اليوم بتاريخ 14 - 1-2010 عدد 2040 أن الجيل الحالي يضم مجموعة من اللاعبين المحترمين , ولم يكن مُمكناً أن أقحم عليهم لاعبين لا يؤدون الصلاة .] هذا التصريح خرج من فم المدير الفني لمنتخب كرة القدم الأكثر شعبية في مصر ... تصريح لا يخرج إلا من شخصية أمية ما يزال يعيش في عُصور الجهل والظلمات , ففي أثناء كل مؤسسات الدولة العامة والخاصة تتكلم عن سياسة المواطنة , وتقوم جاهدة في تذليل العقبات لتطبيقها , يخرج علينا هذا المدرب لكي يسكب نار الفتنة بين عنصري الأمة ... فمعني تصريحه هذا أنه لا مكان أو مجال للاعب موهوب مسيحي , بحجة أنه لا يستطيع الصلاة جماعة مع إخوته من الفريق . بل أصبح قانوناً مُتعارف عليهِ بعدم السماح لتأهيل لاعب مسيحي في الفريق القومي . كما هناك ظاهرة أخري , وهي أن نسبة لآعبي مسيحي النوادي الكبيرة المنتشرة في أرجاء القطر المصري بالنسبة لمسلميها تكاد تصل إلي الصفر .
ويقول سليمان عبد المنعم في صحيفة الوطن السعودي : إن فكرة المواطنة ستظل إحدى أهم إضافات الفكر الإنساني. وهي للمجتمع العربي ليست ترفاً فكرياً ولا مجرد نظرية سياسية أو قانونية، إنها سفينة نوح التي ستحمي من يلوذ بها من خطر التفتت الداخلي. فهذا ما لا يفعله حسن شحاتة , فهو يضع عناصر التفتت بين الطوائف المصرية , لكونه يهتم بل يضع في شروطه أن كل من له نصيب في الفريق القومي هو الذي يتبع الصلاة أي يكون علي دينه. نحن كمسيحيين لم يخطر علي بالنا الهوية الدينية للاعب وطني مصري , بل كل همنا أنه يجيد فقط اللعبة لكي يكون لنا شرف التفوق . والمشكلة أنه يبدو أن حسن شحاتة يعيش في عالم آخر ولا يشعر بما يدور حواليه من أحداث عنف وقتل المسيحيين بدون ذنب , ثم يأتي وبفخر وبدون حياء يتباهي في الميديا بأنه إضافة أنه مدير الكرة ومدربه هو أيضا مُرشداً روحانياً لللاعبين , فيهديهم إلي معرفة الصلاة والتقوي ومباديء الإسلام . ونسي حسن شحاتة أن أول من تكفل به وأسكنه شقته بحدائق القبة هو كبير مشجعي الزمالك الأستاذ جورج سعد المسيحي والذي كان له الفضل في أن يصبح نجما من نجوم الزمالك.
من الطبيعي جدا وأنا أولهم عندما يقرأ أي مسيحي هذه التصريحات الخايبة سوف يمتليء بالشعور بأنه غريب عن هذا الوطن ... فالمواطنة عبارة عن إطار قانوني، و العنصر الأكثر أهمية في هذا الكيان السياسي. فهو المعيار الوحيد لما يتمتع به الفرد من حقوق وما يفرض عليه من التزامات ككونه مواطناً في وطن جامع يدين له بالولاء بصرف النظرعن خصوصيته العرقية أو الدينية أو اللغوية أو حتي الوجهه السياسية. والمواطنة بهذا المعنى القانوني تُوهب الفرد حقوقاً أصيلة وعلى رأسها حقه في المساواة وتكافؤ الفرص وحماية كرامته الإنسانية.
كنت أتمني أن يتم تدريب كل مسؤول في بلدنا مصر قبل أن يتولي منصبه عن ماهية المواطنة !؟... لأن المواطنة دعامة إجتماعية تسمح للفرد خصوصية تميزه عن غيره من باقي شعوب الدول الأخري ... فهى تُنمي فيه الشعور بالانتماء والولاء. وهذا الشعور يزداد ويتقوي لدي المواطن بقدر ما يكفل له نظام الدولة حقوقه الأساسية . فنجد المواطن في الدول التي تمارس المواطنة منضبطاً ويشعر بالمسؤولية ويشارك بحماس وإقتناع في تحمل نصيبه من الضرائب والواجبات العامة وعدم التمييز بينه وبين من يختلف معه في العقيدة أو اللون أو التوجهات السياسية وهذا بسبب ولائه وإنتمائه أولا ً للوطن .
وما يلفت نظرنا جميعاً , هو سجود اللاعبين عند تحقيق هدفاً في صالحهم ... وأحب أن أسأل ... هل هذا السجود هو لتقبيل أرض الملعب كناية عن حبهم لوطنهم ؟... لكن ماذا يكون التبرير عندما يسجدون في بلد آخر ؟! . أم يكون هذا السجود من قبيل التعبد إلي الله ليقدموا له الشكر والحمد ؟ ألم يفطن هؤلاء اللاعبون أن أرض الملاعب نجسة ومعرضة بالبثق كل حين وحين من اللاعبين كما نراهم علي شاشات التليفزيون نتيجة الإرهاق والتعب , كما أنهم يسجدون بدون نظام وبدون إتخاذ الإتجاه الصحيح للقبلة !!! ... أليس كل هذا ضد الشرع ويُعتبر كل السجود باطل وغير شرعي حسب تعبيراتهم . ؟؟
كلمة اخيرة ... أقول فيها أن الرياضة والفنون والثقافة أرض خصبة للمواطنة , حيث يسهمون في تحقيق التجانس الإجتماعي بين المواطنين ويعمق القواسم المشتركة بينهم بغض النظرعما قد يوجد بينهم من مظاهر إختلاف أو تمايز، بل لعل الشعور بالمواطنة يذيب أحياناً هذه المظاهر.
فعلا ... إن اللحظة البسيطة والعابرة التي يتفاعل معها الشخص عند رؤيته لعلم بلده أو سماعه لنشيدها الوطني هى على بساطتها لحظة كاشفة عن حقيقة شعـــــــوره بفكــــــــرة المواطنــــــــة....!!!!!!!!
تمانينـــــــــا القلبيـــــــة لفريقنــــــــا القومي المصـــــــري بالحصــــــول علي كأس افريقيـــــــــا...!!!!!!
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=12733&I=326