د. مينا ملاك عازر
بقلم: مينا ملاك عازر
يدايا ثقيلتان لا تطاوعانني على الكتابة.. فلم أكن أرى يومًا ضرورة ما للكتابة في موضوع بناء مصر للجدار الفولاذي، فكنت أرى أن من حق مصر بناء ما تريد سواء تحت الأرض أو فوق الأرض داخل حدودها، إلى أن وصلتني رسالة معنية بجدار العار، كانت هذه الرسالة تصف ما تشيده الحكومة المصرية بأنه عار، صحيح أن كثيرين ازعجوا وندد الأكثر بالجدار لكنهم لم يكونوا يهزونني، ولم أكن أعبأ، بهم إلى أن وصلتني الرسالة سابقة الذكر، فعدتُ لتقييم الأمور، وقلتُ نعم هو جدار للعار لأنه تأخر كثيرًا، لأن حكومتنا تباطأت كثيرًا وغضت الطرف أكثر، فصار ما هو ليس حقًا حقًا مكتسبًا، وتبجح السارق ورفع عينه وقال لماذا الآن؟، فقد مضى الكثير من الوقت وأنا أهرِّب ما لذ وطاب، ها قد سبق لي ورفعت علمي على أرضكم ولم تحركوا ساكنًا وقتلت أبناءكم ولم ترفعوا صوبي حجرًا، بل وسأقتل محميًا من هؤلاء الذين يتهمونكم بالعار الساكنين على أرضكم حتى لا تفتحوا أفواهكم وسأقاوم ما تبنونه.
المثير في الأمر أنهم أخيرًا قتلوا شابًا في الحادية والعشرين من عمره لأنه يقوم بواجبه تجاه وطنه ليحمي حدود بلاده في نفس الوقت تقريبًا الذي قام ثلاثة من القتلى ليسفكوا دماء شركاء الوطن في مشهد مأساوي أدعو الله ألا يتكرر وأرى الحكومة ساكنة وأخشى أن يأتي اليوم الذي تتحرك فيه الحكومة لتبني جدارًا فولاذيًا لتحمي الضعفاء فيصرخ فيها سافكو الدماء لماذا تحميهم ومنذ متى ولِما الآن؟! "ما إنتِ ساكتة منذ دهر".
والعار الحقيقي أن أحدًا من هؤلاء الذين يهاجمون بناء الجدار الفولاذي لم يهاجموا أبدًا ولن يهاجموا ذلك الجدار الذي بُنِيّ بين الحكومة والشعب فصارت لا ترى ما يعانيه الشعب وتظن أنها بمنأى عن مصائبه محتمية بالجدار واثقة في متانته موقنة بأن الشعب لن يقتحمه ولن يرفع علمه لأنها ألهته بأفكار تقوده نحو الهاوية ولا ترده إلى الطريق السليم. فاختلطت عليه الرؤى فحكم أحكامًا باطلة، رأى الجدار الحامي لأرضه ولوطنه جدارًا للعار وأقرنه بالجدار العازل الإسرائيلي في سقطة لن يغفرها الشعب لنفسه متى استفاق من تأثير الأفكار المغلوطة والرؤى المشوشة وأدعو الله أن يفوق شعبنا قبل فوات الآوان قبل أن يرتفع الجدار الفاصل بيننا وبين حكامنا.
والسؤال الآن بأي حق نندد بجدار لولاه لاستطاع الإرهابيون وكارهو وطننا أن ينقلوا الموت عبر الحدود ويمنع هذا الجدار تصدير الفسق والرزيلة للمجاهدين الفلسطينيين الذين عليهم أن يتفرغوا لعبادة الله ومقاومة المحتل؟!!.
لا يهمني عدد الأنفاق الذي يقول البعض إنه تجاوز الألفان والبعض الآخر الذي ينفي ويقلل من العدد، فحتى لو كان الغاصبون يمرون علينا عبر نفق واحد فيحق لنا أن نبني جدارًا وأسوارًا فنحن الذين قلنا دع سمائي فسمائي مقفرة وقاومنا المحتل وعرفنا قيمة الأرض وأقرنّاها بالعِرض ودافعنا عنها حتى الدم. إذن أين الكرامة؟! أين اعتزازنا بأنفسنا؟! أين حق التراب؟! كيف لنا أن نصون كل ذرة رمل في داخل حدودنا؟! لماذا تراجعنا لماذا تنازلنا؟!. هؤلاء الذين يرفعون السلاح علينا لماذا لا يجروؤن ويرفعونه على الإسرائيليين بما أنهم يقولون إنهم انتصروا على إسرائيل في حرب غزة العام الماضي؟!، إذن لدينا القدرة على هزيمتها ثانية فلا داعي للخوف منها وتحويل السلاح لصدورنا. أيها الأشاوس الفلسطينيون قاتلوا عن أرضكم ضد من احتلكم ولا تحاولوا أن تحتلوا أرض غيركم.
العار الحقيقي هو ما نفعله نحن في أنفسنا من إنكار حقنا في أن نحمي أرواحنا وجلدنا لذواتنا وإهانتنا لكرامتنا الوطنية. لمصلحة مَن أن نقبل أن تنتهك أرضنا؟! وماذا استفاد الحمساويون مما دخل إليهم عبر الأنفاق طيلة هذه المدة المفتوحة فيها الأنفاق؟ هل حرروا أرضهم؟ هل قاوموا محتلاً؟ هل تقدموا في قضيتهم؟!. طبعًا لا.. لم يفعلوا لأنهم يُتاجرون بقضيتهم، بوطنهم لصالح أولائك المستفيدين والقابعين المختبئين في سوريا وإيران ينعمون بالمال والرخاء في منأى عن يد إسرائيل.. أليس كذلك؟!.
دعونا يا أحبائي نسميه "جدار الكرامة" وليس "جدار العار" دعونا ننتظر اللحظة المأساوية التي ستبني فيها الحكومة جدارًا آخر حول المسيحيين لتحميهم داخل وطنهم من الحمساويين المصريين الذين هم أكثر تشددًا من حماس الفلسطينية.
http://www.copts-united.com/article.php?A=12683&I=325