شـكراً لقـاتلى شهداء نجع حمـادى .... !!

رشدى عوض دميان

بقلم: رشدي عوض دميان
وهنيئاً لكل من مينا وبولا وأبانوب ، وأيمن وبيشوى ورفيق ، حقاً هنيئاً لكم على أكاليل الشهادة التى نلتموها وعلى هذا الإختطاف الذى به أنتم الآن تنعمون فى الملكوت الأبدى الذى أعدَّه لكم الآب السماوى .
هنيئاً لكم التمتع بالوجود اللانهائى مع رب المجد يسوع المسيح ومع السيدة العذراء القديسة مريم التى ربما لم ترونها أثناء ظهورها وتجليها النورانى العجيب فى الشهر الماضى على قباب كنيستها فى الوراق ، وها أنتم الآن ترونها فى منابع الأنوار السمائية مع الملائكة والقديسين .
هنيئاً لكم وجودكم فى أحضان القديسين الذين أحببتموهم فى حياتكم على الأرض ، وقرأتم سيرتهم وتعلمتم من فضائلهم ومحبتهم ، ومنكم من تَسَّمى بأسماءهم ، وها أنتم الآن تحيون معهم فى السماء وتتمتعون بأنوارهم فى الموضع الذى هرب منه الحزن والكآبة والتنهد .
هنيئاً لكم الحياة الأبدية التى نلتموها وأنتم فى الحُلَلْ النورانية التى لبستموها أثناء حضوركم قداس عيد الميلاد المجيد فى الكنيسة المجاهدة على الأرض ، وها أنتم متسربلين بها فى الكنيسة المنتصرة مع وليد المزود فى السماء .

وشكراً لمحمد الكمونى ولقرشى أبو الحجاج ولهنداوى السيد محمد !!
o    شكراً لكم لأنكم بجريمتكم البشعة هذه قد أثبتم للعالم المتحضر ما هو المعنى الحقيقى لهذا الفكر الشيطانى المُتوارث عن جهلٍ وعن حماقةٍ وعن تخلف وإفلاس معنوى ، هذا الفكر الإرهابى الدموى الذى تؤمنون وتدينون به ، هذا الفكر الناسف والمدمر لكل قيم ومبادئ وأعراف !!
o    شكراً لكم لأنكم بفعلتكم الشيطانية هذه قد أثبتم لأصحاب العقول الصلبة والمتحجرة أن كل كلمة قالها لنا الرب هى كلمات ووعود صادقة وحيَّة وفعَّالة وأقوى من كل سلاح ذو حدين ، لقد قال لنا ’’ فى العالم سيكون لكم ضيق ، ولكن ثقوا أنا قد غلبت العالم ‘‘ وها أنتم وكل من على شاكلتكم قد برهنتم أنكم من أحد أسباب هذا الضيق ، وها نحن نرى مينا وبولا وأبانوب وأيمن وبيشوى ورفيق وقد غلبوا هذا العالم وتركوه لكم ولإبليس رئيسه وإلهكم !!
لقد قال الرب إلهنا عنكم : ’’ أنتم من أب هو إبليس وشهوات أبيكم تريدون أن تعملوا ‘‘ وها هو العالم كله يشهد أنكم فعلاً أولاد إبليس الذى من شهواته القتل والقتال عندما قتلتم مجموعة من الشباب فى عمر الزهور خارجون لتوهم من الكنيسة ، هذا المكان المقدس الذى لا تعرفون أنتم معنى قدسيته !! خارجون والفرح يملأ قلوبهم إحتفالاً بميلاد يسوع المسيح الفادى والمخلص ، هذا الفداء والخلاص الذى هيهات لكم أن تعرفوه هؤلاء الأبرياء الذين إغتلتموهم فقط لأنهم لا يحملون علامة الوحش على جباههم !!          
o    شكراً لكم لأنكم قد رددتم بالنيابة عنا على علماءكم ودعاتكم وعلى سدنة القرآن والحديث من الذين لم ينفكوا ليلاً ونهاراً عن ترديد القول والإدعاء بسماحة الدين !!
o    شكراً لكم لأنكم قد جئتم لى أنا شخصياً بدليل آخر أرد به على من كان يقول فى الأسابيع الماضية أنه يدافع عن إخوته من ( النصارى ) قبل أن يدافع عن أهلِهِ من المسلمين !!
o    شكراً لكم لأنكم قد فضحتم وكشفتم كذب ونفاق من يدعى دائماً بأن الرئيس هوالحارس على القيم والمبادئ والأمن والأمان والرفعة والإزدهار لشعب مصر ( العظيم ) ؟!!
o    شكراً لكم لأنكم قد عملتم بالحديث الذى يقول : ( لا تصافحوهم ولا تبدؤوهم بالسلام ولا تعودوا مرضاهم ولا تصلوا عليهم وألجئوهم إلى مضايق الطريق وصَّغِّرُوهم كما صغَّرَهم الله ) !!
بل لكم جزيل الشكر والثناء والتقدير على ما قمتم به من عملٍ خير قيام !! لأنكم فعلتم أكثر بكثير مما طُلِبَ منكم !! فلم تكتفوا بعدم السلام والمصافحة ، ولم تقفوا فقط عند حد إلجائهم إلى مضايق الطرق ، بل محوتموهم من الطريق تماماً حتى لا يضايقونكم مرة أخرى !!
ولكن أقول لكم أن إلهكم لا يقدر أن يُصَّـغِّرهم لأنه ليس له أى سلطان عليهم !! 

شكراً لمحمد الكمونى ولقرشى أبو الحجاج ولهنداوى السيد محمد على قيامهم بالكشف عن الوجه الآخر  لأكذوبة الأخوَّة فى الوطن الواحد ، ونفاق شعار النسيج الواحد الذى بات مَقِبتاً وكريهاً وعَفِناً !!
o    شكراً لكم فها أنتم تعيدون تاريخ أجدادكم عمرو بن العاص ومعاوية بن أبى سفيان وما فعلوه بأجدادنا حتى بعد أن هانت عليهم ممتلكاتهم وأموالهم وتنازلوا عنها وأعطوها لهم فقط لكى يبقوا ويحافظوا على إيمانهم المسيحى ، هذا الإيمان الذى يحفظنا ويحفظ الكنيسة على مر العصور والأزمان !!
o    شكراً لكم فلقد سرتم على النهج الذى رسمه لكم شيوخ ودعاة الفكر البدوى القِبَلى البدائى وواضعى الأجندة الحديثة للخطاب الدينى !! بدءاً من الشيخ محمد متولى الشعراوى الذى على مدى أكثر من ربع قرن من الزمان قد نجح فى أن يملأ صدوركم وعقولكم بالكراهية والحقد والإستعلاء على من هم من غير المسلمين ، ومروراً بشيوخ خطبة الجمعة من الذين علموكم الدعاء - أيضاً على غير المسلمين من أحفاد القردة والخنازير - بالموت والدمار والفناء وخراب الديار ، ونهاية بالشيخ يوسف القرضاوى الذى أفتى لكم بعدم وجوب تهنئة المسيحيين والمشاركة  فى الإحتفال بأعيادهم !! وها أنتم قد حولتم فرحتهم بعيد الميلاد إلى مرثية حزن وألم وبكاء على الأرواح التى أُزْهِقَتْ ، وعلى الدماء الذكيَّة التى أُرِيِقَتْ ، لعل إلهكم يرضى عليكم بما فعلتموه ، وعسى أن ينشرح صدر الشيخ القرضاوى ويسعد لأن فتواه الأخيرة قد أتت بالثمر الذى يرجوه !!         
o    شكراً لكم ، فلقد صرخت أقلام الناس الشرفاء من المسلمين المتنورين الذين لم يسلموا عقولهم وفكرهم لهؤلاء الشيوخ والدعاة !! ومن أولئك الذين صرخت أقلامهم الدكتور طارق حجى والدكتور على السمَّان والأستاذ إبراهيم عبسى والأستاذة سحر غريب وغيرهم ، هؤلاء من الذين بكوا وحزنوا معنا وفُجِعَت قلوبهم مع قلوب آباء وأمهات مينا وبولا وأبانوب وأيمن وبيشوى ورفيق  وعلت أصواتهم مستنكرة ومشمئزة من فعلتكم الجهنمية الشيطانية وجريمتكم الهمجية اللا إنسانية !!

شكراً لكم ، فقد طلع علينا الكثيرون من أصحاب القبلات الغاشَّة المسمومة والإبتسامات الصفراء المذمومة لكى يقولوا لنا أن الوحدة الوطنية بخير ، وأن الحادث لا يعدو أن يكون حادثا فردياً لا يستدعى منَّا كل هذا التهويل وتلك المبالغة !! وأن العدل سوف يأخذ مجراه وسوف يتم الضرب على أيدى المعتدين بكل شدَّة !!
ولست أريد أن أستعجل وأسبق الأحداث بأن أتوجه بالشكر مقدماً نيابة عنكم إلى المحامين الذين سوف يقومون بالدفاع عنكم وربما يثبتون أنكم مختلون عقلياً وتحتاجون للعلاج النفسى بدلاً من العقاب بالسجن أو بالإعدام  كما أتوجه بالشكر مُقدَماً أيضاً إلى رجال القضاء الذين سوف ينظرون فى قضيتكم ، وأقول أنهم ربما يصدرون الحكم ببراءتكم من التهم الموجهة إليكم ، وبمعاقبة كل من مينا وبولا وأبانوب وأيمن وبيشوى ورفيق ، بل وكل من كان يحتفل معهم فى الكنيسة فى نجع حمادى ليلة عيد الميلاد المجيد ؟!

حقيقة فلقد إعتصرتنى مشاعر الحزن والألم ، والأسى والأسف على ما آلت إليه المشاعر الإنسانية - هذا إن وجدت أساساً فيكم - ؟! لقد شكرتكم أولاً لأن أياديكم الآثمة دفعت بكل من مينا وبولا وأبانوب وأيمن وبيشوى ورفيق إلى موضع الراحة الأبدية التى لا تعرفونها أنتم ، ويقينى أنكم لن تعرفوها ؟!
ولكنى أسألكم ، لماذا إغتلتم الأمل والرجاء والحب الذى كانت تنبض به قلوبهم ؟ صدقونى أنا لم أعرفهم معرفة شخصية ، ولم أتقابل معهم ، ولكنهم من المؤكد كانت لهم أحلامهم وطموحاتهم وآمالهم الحلوة والطيبة مثلهم مثلى ومثل سائر كل البشر على وجه الأرض ، ولكن وبكل تأكيد ليست مثل أحلامكم وطموحاتكم وأهدافكم القذرة والشريرة !! وأعود أسألكم مرة أخرى ، لماذا قتلتم الفرحة فى قلب أم تنتظر بشوق ولهفة عودة إبنها من الكلية أو من العمل أو بالأكثر من الكنيسة فى ليلة العيد ؟ ولماذا محوتم الأمل من صدر أب كهل يتطلع إلى اليوم الذى يرى فيه إبنه وهو يُزَّف إلى عروسه ؟ ولماذا أسدلتم الستار على مشاعر المحبة وعلى الأوقات الحلوة التى تفيض بالمرح والسعادة والتى تجمع الأخت بأخيها ؟

o    لا تحزنوا يا أمهات مينا وبولا وأبانوب وأيمن وبيشوى ورفيق ، لا تحزنوا لأنهم قد مضوا إلى ديار النعيم  الأبدى فى الأحضان الأبوية .
o    ولا تيأسوا يا آباء مينا وبولا وأبانوب وأيمن وبيشوى ورفيق لأنهم قد زُفُّوا إلى عريسهم يسوع المسيح
o    وإفرحوا يا أخوات مينا وبولا وأبانوب وأيمن وبيشوى ورفيق وليكن هذا الفرح الذى فيكم هو أيضاً من أجلهم ، ذلك لأنهم حيث هم الآن ، يطلبون عنكم ومن أجلكم وأيضاً من أجل الكنيسة كلها .

وأخيراً أتوجه بواجب العزاء والمشاركة القلبية لأسرة المجند أيمن حامد هاشم المنوط بالحراسة الأمنية فى كنيسة السيدة العذراء ومار يوحنا بنجع حمادى وهو الذى لم يكن له لا ناقة ولا جمل فى ساحة تلك الغزوة البربرية ؟! ولكنه دفع حياته - بدون إرادته - ثمناً لوحشية وقسوة وهمجية مجموعة من بنى جلدته وهم محمد الكمونى وقرشى أبو الحجاج وهنداوى السيد محمد وكل مَنْ هم مِنْ وراءهم !!
ما يحزننى أن أيمن حامد هاشم قد مات ولم تتح له الفرصة لكى يشهد على ما فعله بنى جلدته ؟! ولكنه وهو حتى جثة هامدة يشهد أيضاً على فعلتهم الوحشية !!
o    أطلب من الرب أن يشمله هو أيضاً بالرحمة والمغفرة ، لأن إلهنا المتحنن ، الفاحص القلوب والكُلى  هو إله صالح وإلى الأبد رحمته .
 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع