الأقباط متحدون
نبيل عبد الفتاح: أعترض على وصف الفقي بذهبية عصر الأقباط حاليًا وحادث نجع حمادى سيتكرر.
التمييز ضد الأقباط قائم ومن ينكره مصاب بـ "العمى السياسي".
عبد الناصر استخدم الدين لتعزيز الحكم والسادات أفرط في توظيفه ومبارك كسّر عظام الجماعات المسلحة عن طريقه.
خاص الأقباط متحدون
قال نبيل عبد الفتاح "مدير مركز تاريخ الأهرام ورئيس تحرير تقرير الحالة الدينية في مصر" للزميل جابر القرموطي في برنامج "مانشيت" على قناة "أون تي في" أن الرئيس حسني مبارك ورث حصاد كارثي لعمليات الاستخدام المكثف للدين في كافة نواحى الحياة.. والتي أدت بدورها إلى تآكل المجال الاجتماعي الذي يجمع المصريين في ظل تقاعس واضح للدولة مما أدى إلى تمدد الحركات السلفية وهيمنتها وأصبح المجال العام شبيهًا بالدولة الدينية..
وأبدى عبد الفتاح اعتراضه على ما قاله الدكتور مصطفى الفقي بأن الأقباط المصريين يعيشون حاليًا "عصرًا ذهبيًا وقال "إنني مختلف جذريًا مع الفقي ولا يجوز التعبير عن أي فئة في مصر أنها تعيش عصرًا ذهبيًا ... وأخرى تعيش عصورًا غير ذهبية.. لأنه تعبير به قدر من المبالغة.. وأتساءل ..بناءًا على أي مؤشرات نطلق أحكامًا تنص على أن الأقباط يعيشون عصرًا ذهبيًا؟
وأكد عبد الفتاح على وجود تمييز ضد الأقباط في عدة أمور ومجالات.. مشيرًا إلى أن بعضه ذو جذور تاريخية وبعضه كنتاج لمجموعة تحولات في أنماط التدين الزائدة في المجتمع والمغالاة والتشدد وعدم التعامل معه بحزم.. وقال: "التمييز موجود ويكذب المرء إذا قال عكس ذلك... ونكران وجوده نوع من العمى السياسي..".
وأوضح أن حادثة نجع حمادي التي حدثت الأربعاء الماضي لن تكون الأخيرة وأنها سوف تتكر، طالما استمرت العوامل والظروف المنتجة لهذا العنف، وقال "ما كان يحدث تجاة الأقباط وضرب الكنائس وحرق المحلات والمنازل وغيرها كانت تقوم بها جماعات إسلامية مسلحة لأهداف أهمها ترويج صورة للنظام وكأنة مهتز وعاجز عن حماية تلك الأقلية ..الآن الوضع مختلف لأنه ليس لأهداف سياسية... وإن ما يحدث هو نمط من العنف يقوم به مواطنون تجاه آخرين، ربما يعرفون أسماء بعض وليست جرائم ثأرية كالمتعارف عليه... وإنما هي جريمة على أساس ديني وعلى الدولة أن تتصدى لها بالقانون والحزم والردع...".
وعن وضع الإخوان، أشار عبد الفتاح إلى أن حسن البنا كان رجلاً ذا مخيلة أوسع ممن سبقوه لأنه كان يعرف حدود اللعبة السياسية جيدًا.. ولا أحد من خلفائه ولا حتى حاليًا يعلم هذه الحدود خاصة بعد سيطرة سطوة التيار المتشدد عليها.. ولا يزال حتى الآن لدى الإخوان المسلمين شبحان: هما الأقباط والمرأة وكل ما كانت أمورًا مخفية داخلية أصبحت اليوم علانية رغم أن هذا ضد الدين ومباديء الإسلام..".
وأكد عبد الفتاح أن أسباب تغير موقف الطبقة الوسطى في مصر هي الثقافة الإسلامية ذات الجذر الوهابي السائدة في شبة الجزيرة العربية، وهي ثقافة وضعية متشددة "حنبلية" ولا تعكس الإسلام... إنما تعكس البنية الاجتماعية وأنماط السلوك في الخليج والجزيرة والتي انتقلت إلى هنا عن طريق الحركة السلفية أو التوجه السلفي داخل جماعة الإخوان المسلمين... بالإضافة إلى الإنفاق المالي المكثف على الأنشطة الاجتماعية وترويج وتنشيط قراءات وتفسير القرآن الكريم وأشرطة عن الدين الإسلامي تتنافى عن ميراثنا الثقافي في تلقي تلاوة القرآن... بالإضافة إلى وعاظ الفضائيات ووعاظ الطرق والتسطيح المتعمد في الإعلام المصري..
وأضاف نبيل أنه في الفترة ما قبل ثورة 19، والظروف التي كانت تمر بها البلاد، جعلت العلاقة بين المسيحيين والمسلمين مواتية وتولد عنها ثورة 19، حيث الكفاح المشترك لمقاومة الاحتلال البريطاني وبناء الدولة الحديثة، ولكن بعدها بفترة بدأت تتدهور هذه العلاقة تدريجيًا خاصة في نهاية الأربعينات بعد أن أصبح ملاك حزب الوفد من الأثرياء... حيث سيطروا عليه وأصبح من المستحيل على الأقباط من الطبقة الوسطى الترشح للبرلمان.. مما أدى إلى إقبال شباب الطبقات الوسطى على الرهبنة على حد قوله.. وبعضهم انضم للتجمعات اليسارية وبعضهم توجه لتأسيس أحزاب على أساس ديني مثل رمسيس جبراوي المحامي.. موضحًا أن هذه كانت كلها دلالات تشير إلى وجود احتقان وأبواب مغلقة أمام الأقباط..
كما أشار إلى أنه في بداية الخمسينات وقعت حادثة كنيسة السويس الشهيرة... والتي دلت على وجود مشكلة حقيقة، حتى جاءت ثورة 23 يوليو وتركيبة الضباط الأحرار التي لم يكن بها مسيحيون سوى ضابط واحد وفي الصف الثالث برتبة ملازم، في الوقت الذي كان ينتمي بعضهم لجماعة الإخوان المسلمين، وهذا ما أثبت وجود خلل و تراجع دور الأقباط...
وقال عبد الفتاح إن جمال عبد الناصر أدرك أهمية الدين في الحياة السياسية والتنمية فاستغله "الدين" لتأسيس قاعدة لتدعيم الحكم.. ولم يكن الدين الإسلامي فقط بل حتى الكنيسة القبطية تم استخدامها في عمليات التنمية وترسيخ الحكم.. واستخدم الدين الإسلامي كمصدر للشرعية السياسية وأيضًا كمصدر للتوازن السياسي.. والسياسة الخارجية من علاقات عربية وإسلامية وأفريقية ..".
وردًا على سؤال الزميل القرموطي حول أوضاع المجتمع في مصر منذ عام 19، قال عبد الفتاح "الشعب المصرى كله كان واخد راحته من 19 لسنة 29، بفضل فكرة القومية المصرية ومصر للمصريين.. ومن 52 لـ 71 استمر وضع التغيير والتركيبة في المجتمع، ومن 71 لـ 81 بدأ يظهر حجم العودة للدين وتوظيف الدولة للدين لملأ فراغ فقدان الحد الأدنى من الشرعية بين المواطنين.. وهذا حدث أيضًا في فترة حكم جمال عبد الناصر ووصول السادات للسلطة وظهر الفراغ السياسي.. حتى أن الدين استخدم بكثافة وترسخ فكرة مسلم ومسيحي خلال فترة حكم السادات.. وحاليًا الرئيس مبارك وجهاز الدولة في مصر يتعاطى مع القضية الدينية بطريقة كسر عظام وبنية الجماعات الإسلامية المسلحة..".
http://www.copts-united.com/article.php?A=12471&I=321