رفيق رسمي
بقلم - رفيق رسمي
نحن نناقش نتيجة سياسة التعليم عموماً وسياسة تحفيظ القرآن في كافة مراحل التعليم والمشكلات التي يقع فيها المسلم والمسيحي معاً من جراء تلك السياسة لعل أولوا الأمر منّا غافلون وهمساتنا الرقيقة تلك تجعلهم ينتبهون ويصححون ما اقترفت يداهم (فنحن حسنوا النية ونعتقد أنه سهواً منهم غير متعمد وغير مخطط إليه) فلكل كبوة جواد ولكل سقطة عالم وجلَّ مَن لا يسهو.
فعلى سبيل المثال لا الحصر عندما يسألك طفلك لماذا ندرس ديناً ليس ديننا؟ فبالله عليكم فبماذا يجيبهم الأب المسيحي؟ وماذا تتوقعون منه أن يجيب؟ هل يسعفكم ذكاءكم وعلمكم الغزير في الرد؟؟ ثم يسأل الابن أيضاًَ ولماذا لا يُدرس المسلمون ديننا أيضاً؟ وهل في ديننا عيباً أو عاراً أو كفراً كما يقولون عنه ؟ هل لديهم ملكات في عقولكم غير الحفظ لتتوقعوا الإجابة؟؟ هيا اعملوا عقولكم بقوة يا عباقرة تحفيظ القرآن في المدارس، ماذا يتوقع علماء فرض الدين بالقوة الجبرية وعباقرة التربية والتعليم؟ وعلماء الأزهر الأفذاذ أن يُجيب الأب المسيحي على طفله؟؟!!
أعطوني إجابة واحدة فقط يقولها الأب المسيحي لابنه؟؟ هل يعتقدون الجهابذة الأفذاذ أنه سيقول لابنه أن دينهم هو الأفضل والأصح مما نعتقده ونحن على ضلال مبين وهم على حق كل الحق؟ ألم يفكر عباقرة وضع المناهج في هذا السؤال وإجابته كيف ستكون؟ هل هم بهذه السذاجة المطلقة الكاملة؟ أم هو غباء عاطفي وعقلي؟ هل لديهم نطفه من العقل يفكرون به؟ أم هي سياسة فرض الواقع بالقوة والإرهاب؟
وألا يعلمون إن رد فعل حماية الإنسان لمعتقداته وإيمانه سيكون أقوى وأشد في تلك الحالة؟ وهل يتوقعون بعد ذلك الخير من سياساتهم تلك؟؟ ماذا سيكون رد فعل المسلم إن كان في نفس الموقف؟ ولماذا يحب لغيره ما لا يحب لنفسه ويسمح لها بما لا يسمح لغيره؟ أهذه هي تعاليم دينه السماوي الذي يريدنا أن نعتنقه بدلاً من الضلال الذي نحن فيه؟؟!!
فهم يقولون لنا ليل نهار أن تعاليم الدين الإسلامي سمحة كل السماحة وبها عدل كامل ومساواة مطلقة بين كافة حقوق كل البشر بلا استثناء واحد مهما كان جنسه أو لونه أو عِرقه أو دينه، وهذا هو البرهان العملي والدليل الواقعي المطبق فعلاً على أرض الواقع والذي ينفذوه عملياً والذي هو أبلغ من كل فصاحة وبلاغة على وجه الأرض.
أنه البرهان الكامل والدليل المعجز على إثبات الأقوال بالأفعال، إذاً بالله عليكم قولوا لي ما هو الحل لهذا الأب المسكين؟؟ الواقع في معضلة صعبة للغاية؟ وماذا يفعل مع أبنه أو أبنته حتى يحصل على درجات اللغة العربية؟؟ أكتب ما يريدونه وأمن بعكسه، أكتب ما لا تعتقد فيه وما لا تؤمن به وهنا يلقي فيه بذور في غاية الخطورة، هل يدرك خبراء التعليم لديكم ما هي أضرارها؟ وهل يلومه أحد إن تعلم بعضهم تلك الحيل لينجح في الامتحان ثم الحياة بعد ذلك؟!!!
كما أنهم بتدريس القرآن للأطفال يقعون في خطا إسلامي كبير للغاية وهم لا يدرون أيضاً وأخر مَن يعلم (أم يطبقون مبدأ الغاية تبرر الوسيلة والضرورات تبيح المحذورات)!!
فإن الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه: فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ * إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ)
ففي شرح تلك الآية كلام كثير جداً واختلاف أكثر وأكثر ولكن الثابت والمؤكد من (الاحتياط لأن الأخذ بأثقل ما قيل احتياط في الدين) و(الاحتياط واجب التنفيذ) فلذلك إذا أستطاع الإنسان أن لا يمس المصحف إلا وهو طاهر فذلك أولى، وقد جاء في ذلك عدد من الأقوال عند كثير من أهل العلم والحجة من الصحابة والتابعين وعموماً إذا كان بالإمكان أن يتوضأ الإنسان فالوضوء أفضل له إذاً أنه لا يمسه سوى المطهرون، إذاً كيف يكتب في كتب اللغة العربية قرآناً ويرميها التلاميذ والتلميذات على بعض وعلى الأرض وتمزق الكتب وتباع كقراطيس للب ويمسكه التلاميذ المسلمون وهم في غير وضوء بل بعد حصة ألعاب أو زراعة أو لهو في التراب، هل هذا تنفيذ لتعاليم إله القرآن؟؟
فإن كان يفعل بآيات القرآن هكذا من المسلمين وبأمر من علماءهم وخبرائهم فما بالك غير المسلمين غير المؤمنين بها ككلمات مقدسة؟؟ فلماذا تهينون دينكم وقرآنكم وهل تعلمون وتدركون حقاً ما تفعلون؟؟ فهل ما يفعلون من الإسلام في شيء؟؟ فإذا كان المسلمون لا ينفذون تعاليم إلههم ودينهم فكيف يطالبون غير المسلمين بتنفيذها؟؟ أليس في هذا قمة العجب؟؟
ثانياً: الكلمات الواردة في الآيات القرآنية صعبة للغاية وغير متداولة حالياً على الإطلاق مع صعوبة الجمل والتراكيب اللغوية وهذا بالقطع ينفر الصغار لأنهم لا يفهمون ما يقال بل لم ولن يستخدمونه في حياتهم العملية حتى ولو تم شرحه لهم بإسهاب بعد ذلك، ففي جميع لغات العالم مستويان للغة واحد للأدب والآخر للغة المنطوقة، أما في العربية فالأمر مختلف كل الاختلاف فهناك خمس مستويات!!
أعلى مستوى هو لغة القرآن وأقلها هو اللغة العربية العامية الدارجة المستخدمة، ويضاف إلى اللغة العربية مستوى سادس الآن هو لغة الهجين العربية العامية وبين كافة اللغات العالمية التي يتم تدريسها في مدارس اللغات ومستوى آخر سابع يخترعه الشباب لأنفسهم وهو لتعاملاتهم لأنفسهم مثل ( حنروش، احلقله، طرقعله................ الخ ) لا مجال لحصره الآن.
هذا ولم يتم إدراج حصر اللهجات واللكنات في كل محافظه من محافظات الدولة الواحدة في كافة الدول التي تتحدث العربية وهي لهجات ولكنات مختلفة ومتعددة وقد تستخدم محافظة من نفس الدولة الواحدة مفرده بمعنى مخالف تماماً لمعناها المتداول في محافظه أخرى ( لنفس الدولة) فما بالك باستخدامات المفردات العربية من دوله عربية لأخرى؟!!
وتحفيظ مفردات صعبة جداً على الطفل وغير مستخدمة على الإطلاق في حياته العملية بل والأصعب جداً أنه لا ولم ولن ولن ولن يستخدمها هذا يؤرقه جداً لأن الطفل المعاصر برجماتي نفعي ودائماً ما يسأل ويتساءل بعقليته الطفولية البريئة ويأتي على لسانه مثل تلك الأسئلة التي كثيراً ما سمعتها، ألم يكن الله كلي القدرة والعلم والمعرفة قادراً على التبسيط للكلمات والجمل أكثر من ذلك؟ حتى يسهل علينا حياتنا بدلاً من أن يجعلها صعبة؟؟ وكيف يكون إذا (الدين يسر لا عسر)؟؟!!
يقول الرسول (ص) "يسروا ولا تعسروا، أليس الله سبحانه وتعالى بعلاّم الغيوب؟ ألم يكن يعلم ما ستؤول إليه اللغة الحالية المستخدمة الآن من تعديل وتطوير ويستخدم كلمات سهلة علينا مما نستخدمه نحن الآن حتى يريحنا؟ لماذا يهوى الله أن يعذبنا باستخدام لغة صعبة غير مستخدمة الآن ولن تستخدم على الإطلاق؟ ما هي الفائدة الآن في الدنيا التي سوف تعود عليَّ إن حفظتها؟ وهل سأستخدم تلك المفردات في هذه الدنيا مع أصحابي وفي النت؟ ثم لماذا يأمرنا نحن أن نُيّسر وهو لا يفعل ذلك؟
أنها براءة أطفال، ولكنهم أطفال هذا الجيل المفكر المختلف كل الاختلاف عن جيلنا؟ كل تلك الأسئلة وأكثر منها كثيراً ما تأتي على ذهن الأطفال الصغار وهم يريدون إجابات مقنعة (وهم لا يقتنعون بسهولة كما كنّا نحن) أو بالأحرى يحتاجون إجابات وحلولاً لمعاناتهم في زمن الكمبيوتر والنت والفضائيات والموبايل الذي فيه كل شيء مختلف كل الاختلاف وسلس وسهل للغاية ويستخدمون مهارات التحليل والاستنتاج والتخيل والابتكار ومهارات عديدة في العقل غير الحفظ فقط.
كما أن استثمار ملكة الحفظ فقط لا غير تنفر الأطفال وتجعلهم سريعي النسيان جداً ( ففي الإنسان خاصية تسمى التذكر والحفظ الانتقائي، فما لا يرغب فيه الإنسان ينساه انتقائياً أو يتناساه، فالحفظ والنسيان سيكولوجياً انتقائي لما يحبه ويهواه الفرد ولا إرادياً في اللا وعي حسب الاستعداد المسبق له وهو يختلف من فرد لآخر حسب استعداده المسبق وقدراته ومواهبه مما ينشأ رد فعل عكسي وأثر غير مرغوب فيه ومغاير عكس ما تم التخطيط له مسبقاً من الإدارة العبقرية لوزارة التربية والتعليم في المحروسة من العين أم الدنيا.
ثالثاً: إكراههم على الامتحان فيه يجعلهم يتغصبون عليه بالحفظ بالإكراه مما يوّلِد لديهم معه مشاعر مصاحبة سيئة للغاية وعواطف سلبية ستظل محفورة في أذهانهم وعواطفهم طوال العمر مهما مر عليها من زمن حتى وإن أحتفظ الذهن بها لفترة كمعلومات إلا أن الشعور المصاحب لها يكون سيئاً للغاية، فما فائدة معلومات بها مشاعر سلبية؟ لأن ضررها أكيد سيكون به أكبر قدر ممكن من السوء لكل الأطراف وقد تجعل المستهتر منهم يستخدمها للدعابة والهزار وللسخرية أحياناً( كما يحدث في بعض الأفلام العربية لممثلين الكوميديا) فهل يعي كل ذلك علمائنا الأفاضل؟؟
هذا بالإضافة إلى ما هو شعور الطفل المسيحي وشعور زميله المسلم المتحابان كأطفال عندما ينفصلان بسبب الدين لأول مرة في حصة الدين الإسلامي ويخرج المسيحي وكأنه مطرود من الفصل ليبحث له عن مأوى ( فصل آخر) فاضي (ليس به تلاميذ أو حصص)!!!، ومدرسته ليست دائماً متواجدة فقد يكون لديها حصة أخرى!، وما شعور المسلم عندما يرى ذلك المشهد وزميله المسيحي الذي يحبه قد خرج من الفصل وكأنه مطرود، هل يحسده لأنه خرج يشم الهواء في الخارج ليلعب ويلهو وينطلق في الحوش من المعتقل الذي هو فيه، أما هو فقد تم اعتقاله في حصة صعبة جداً عليه من أستاذ أو مدرسة غير تربوية على الإطلاق ثم يقال لكلاً منهما بعد ذلك أنهما مختلفان عن بعضهما، وأن كلاً من الآخر على خطأ وسيدخل النار وهو الذي على صواب وسيدخل وحده الجنة ٍلأن دينه على صواب والآخر كافر، وذات مرة قال لي أبني ((KG1 وهو يبكي: صديقي الذي أحبه ويحبني قال لي لن ألعب معك لأنك مسيحي ولن ألعب معك حتى تصبح مسلماً، فالمسيحيين كفرة هيروحوا النار؟؟ من أين تعلم هذا الكلام وهو طفل؟؟ وماذا أقول له؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
وهل بتعليمهم هذا نخلق جيل جديد من الأصحاء الأسوياء نفسياً واجتماعياً ومعنوياً؟؟ أم هي طرق متعمدة مخطط لها لغرس التفرقة والعنصرية والتعصب الأعمى وما ينتج عنه لكافة الأجيال مسلم ومسيحي من بذور النفاق والوصولية وتعليم النفاق كبذرة ستجمع حولها كل الصفات المشابهة والمؤيدة لها على مر سنين عمره في كافة مراحل التعليم وسوف تتأصل في كافة مراحل الحياة بعد ذلك، تلك البذور تنمو وتترعرع وتأتي بثمار عديدة للنفاق والوصولية لتحقيق الهدف ويرضعونهم مبدأ الميكافلية (الغاية تبرر الوسيلة) وتحقيق الغايات تبيح أقذر وأحط الوسائل (وهم لا يدرون ويعتبرون أنفسهم أحكم الحكماء وأحكم من الله ذاته الذي لا يفرض نفسه على أحد)!!
ولكن هل نعذر ذكاء علماء المسلمين الجم الفياض الذي فسر لهم إن فيما يفعلوه به كل الخير للبشرية كافة بتعليمهم الإسلام بهذه الطريقة، ألم يدركون حتى الآن أنها كارثة كبرى على الإسلام نفسه وعلى المجتمع كله المختلف والمتنوع الأديان والأعراق والملل وإنهم يدمرون مفهوم الدولة ويكوّنون بؤر مريضة تكون وباءاً على العالم أجمع يسببها عباقرة المناهج الدراسية في المحروسة من العين وكافة العالم الإسلامي، هل هذا يرضي خبراءهم وعلماءهم الأفاضل وهل هي ظاهرة تربوية صحية سليمة؟ أجيبونا يا خبراء التعليم الفطاحل؟
وماذا نتوقع من أمراض نفسية في ظل تلك البيئة الموبوءة التي يخلقونها هؤلاء الأفذاذ؟؟ وهل عباقرة وضع المناهج الأفذاذ يعون ماذا يصنعون بأبنائهم وأبنائنا؟ ومتى سيفيقون من غفواتهم بعد أن وصلنا إلى هذا المستنقع المتعفن الرائحة؟ ألا يشعرون بها أم أصبحوا يستعذبونها؟ وتكيفوا معها ويتلذذون بها؟؟ ألم يدركوا بعد أنهم يشوهون الأطفال المسلمون أولاً قبل غير المسلمين وهم لا يدرون؟؟؟؟؟؟ ومتى سيدركون أن زرعهم فاسد؟؟
وبعد ذلك نلوم على الجيل كله، وأولوا الأمر منّا غافلون عمّا زرعت يداهم من ثمار فاسدة ووباء فكري مدمر وميكروبات ثقافية قاتلة وهم يغرقون في بحور من الغفلة ويتلذذون في نعيم الجهل ويرتعون في نعمه التخلف (ذو العقل يشقى في النعيم بعقلِهِ وأخو الجهالة في الشقاوة ينعمُ...)
أنهم بذلك يعملون بكل جهدهم على صناعة جيل مشوّه نفسياً تشويه كامل، فهل هذا هدفكم يا سيادة الوزير الموقر؟؟ وهل أولو الأمر منّا يسعون إلى تحقيق ذلك؟؟
إن تعليم الدين دوره ومكانه المؤسسات الدينية لا التعليمية فهل تخاف المؤسسات الدينية من هزلها وضعفها ووهن دورها فتوكلها إلى مؤسسات أخرى حتى يكون التأثير أقوى؟؟
إن دور التعليم أن تعلمه إن هناك أديان عديدة كلها تصب نحو خدمة هدف واحد وإبراز تأثير الأديان المختلفة في صناعة مجتمع آمن وإنسان يحب أخيه الإنسان مهما اختلف معه لا أن يتم به زرع الشقاق والخلاف والتعصب.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=1239&I=34