إيلاف - زيد بنيامين
ما سر تعلقه بالكوكاكولا.. وكيف تحول الى حمل على اكتاف السادات
الدخيّل يصف تصرف القذافي بالمخزي وبدرخان بالمعيب
هل كانت قطر تعلم بمداخلة القذافي في القمة العربية؟
لم يتغير الشيء الكثير في الزعيم الليبي معمر القذافي منذ وصوله السلطة قبل ثلاثين عاماً حتى اليوم، الا زيادة القابه لتضم الى جانب اسمه (عميد القادة العرب) و (امام المسلمين) و (وملك ملوك افريقيا)، اما العرب فتغيروا كثيراً، فمن قمم (الصمود والتحدي) الى قمم (رأب الصدع) و انتهاءً بقمة (ادارة الخلافات) في الدوحة. منذ ثلاثين عاماً والقذافي ينتقل من معسكر الى اخر كان اخر ذلك نزع اسلحته المحظورة بعد ان شاهد ما حل بالرئيس العراقي صدام حسين حينما استحلت القوات الامريكية عاصمة الرشيد امام اعين العرب في ابريل 2003، بينما كان العراقيون يحتفلون بأنتهاء زمن الحروب والمواجهات مع الجيران ومع النفس ايضاً.
كان من الواضح ان قطر تريد ان تخرج من القمة العربية على ارضها بشيء على حساب الكل، وكانت المصالحة السعودية الليبية قد تكرر الحديث عنها قبل القمة، قبل ان يخترق القذافي المحظور اثناء القمة ويقاطع مضيفه ليفضي ما في قلبه امام القادة العرب قبل ان يعود ليعلن ان "مستواه العالمي" لا يسمح له بالتنازل اكثر، اما العاهل السعودي فقد اكتفى بالتحديق في الزعيم الليبي ومن ثم بين للعالم انه أكبر بكثير من كل ما يتصوره عقل او منطق.
يمكن مشاهدة مذيعة الجزيرة فيروز زياني تحاول اثناء المحلل السياسي السعودي خالد الدخيل عن رايه السلبي تجاه مداخلة الزعيم الليبي اثناء احدى الوقفات التي تلت تلك المداخلة (غير المرسومة)، فالرجل يريد ان يقول ان السعودية غير قادرة على قبول المصالحة الليبية التي تمت بتلك الطريقة (غير المهندمة) بينما تحاول فيروز بابتسامتها ان تؤكد للجميع ان الامور بخير وان القذافي (ما يقصد) محاولة العودة الى اجواء القمة، الا ان ممثل الاتحاد الافريقي اطال كلمته وهو ما احرج الجزيرة واعادها عدة مرات الى خالد الدخيل.
ليس العاهل السعودي هو من يتصف بالصبر وحده مع العقيد القذافي، فقد سبقه الى ذلك الزعيم المصري الراحل انور السادات، الذي عاش كابوساً اسمه معمر، وذلك ما قبل وخلال حرب اكتوبر 1973، حتى انه كان يكتفي بالرد على مكالمات القذافي خلال تلك الحرب بالقول "ايوة يا معمر" و "حاضر يا معمر" و "حنشوف يامعمر" و "ما تبعت حد يتابع معانا هنا يا معمر".
كان السادات قد فتح قناة اتصال سرية خلال حرب اكتوبر مع هنري كيسنجر الذي كان وزيراً للخارجية الامريكية ومستشاراً للرئيس الامريكي فيما يخص قضايا الامن القومي، ومنذ اليوم الاول اكد السادات ان حربه مع اسرائيل لن تتوسع وانما جاءت لتحريك عملية السلام، فيما كان يروي السادات للرؤساء العرب خلاف ذلك ومن بينهم القذافي، والاخير كان يسرع للاعلان عن تطورات المعركة في المؤتمرات الصحفية والتجمعات الشعبية رغبة في كسب المزيد من الشعبية، وهو ما اثار الرئيس المصري انذاك عدة مرات، حتى اضطر الى الاجابة بصورة مقتضبة على مكالمات القذافي.
كنت قد قابلت قبل نحو عام من الان الكاتب المصري انيس منصور الذي روى لي حادثة جمعت بين الرئيسين السادات والقذافي مع الكوكاكولا حيث قال:
في مرة من المرات كنا رايحين العمرة..
السادات والقذافي في السعودية
فدخلنا صلينا في الكعبة من جوة..
وقبل ما نصلي كنا في جدة
فالسادات كان بيقول للقذافي:
يا معمر ما تتأخرش عشان الناس دول مؤدبين
بيقول عن السعوديين طبعاً
كانت على ايام الامير فواز .. امير مكة.
قالوا داه الامراء السعودين مهزبين
ومش راح يقولولك تعال انزل
حتى لو لطعتهم برة عشر ساعات
فقالوا الريس حاجة: يا معمر ما تكسفناش مع الناس دي
فقال له معمر: يا رايس ازا انا اتاخرت اضربني بالعصاية دي..
فقال السادات: انا بعملها يا معمر..
فجينا انصلي في الكعبة من جوة
فسمعت زعيع كدة
وشفت الرئيس القذافي اتكعبل
وما افهمتش
وكنا احنا تلاتة بس انا والسادات ومعمر
واحنا نازلين
راح الريس يتوضا في زمزم وانا رحت معاه
فقلت ياريس انت كنت بتزعع ليه..
قالي وهو بيصرخ.. الراجل الحـ(....)ان ده القذافي
ماسك ايدي
وبقول انعاهد ربنا .. لنصرة القضية الفلسطينية
فقلتوا ... فلسطينية ايه
هو انت عملت حاجة
انت ما دفعتش ولا مليم..
ونزلوا في بعض زعلانين
فلما جينا نعمل السعي
كان المفروض نبقى مع بعض
بس انقسمنا قسمين
المصريين ماشين مع انور السادات
وبدوا يركضوا ورا القذافي فرقتو
وكان القذافي وفرقتو بيجروا زي اللي بيجرو في اختراق الضاحية..
جري.. جري
ولما جينا في تقصير الشعر
كان القذافي بقول .. (وين المرة .. وين المرة)
كان بيدور على مراتو..
طلعت انو مراتو معاه
واحنا مكناش نعرف
واحنا راجعين جالنا بئة..
عربيات والدنيا ظلمة
30 او 40 عربية من اللي عارفها انت بقة
وفجأة وقف الموكب كله
واحنا مش عارفين
كنا احنا وراهم
ورا خالص يعني
فتاني يوم سالت الامير فواز
فقلت له: طويل العمر ايه اللي حصل
قال: اسكت على اللي حصل..
متكتبش الحاجات دي الا بعد ما تستأزن من السادات
القذافي كان عاوز كوكا كولا!
فقالوا يا فخامة الرئيس
احنا بينا وبين جدة عشر دقايق بالكثير..
قال القذافي للامير: ابداً انا عاوز (كوكا كولا)!
وقف الموكب كله والسادات بيحاول يقنعوا:
يا معمر .. ما فيش
نزل واحد من العربية جابلو (كوكا كولا)
مخلصهاش
وصلنا لجدة..
وكما كانت افريقيا في دمه، حيث رفع شعار (افريقيا للافريقيين) حال وصوله السلطة عام 1969 على غرار شعار (نفط العرب للعرب)، بقي موقف الرئيس الليبي من البيسي كولا على حاله مسانداً للمنتجين رغم موجات المقاطعة العربية التي استهدفت المشروبين، وفي ذلك وجهة نظر يحدثنا عنها الاخ الزعيم نفسه في لقاء عقد في كوناكري حينما قال في 25 يونيو 2007 "تعرفوا البيسي كولا؟، اكيد تعرفوها، تعرفوها، تعرفوا الكوكا كولا؟.. اذاً، لمانسألوا عن البيسي كولا والكوكاكولا يقولون هذا مشروب امريكاني واوروبي، وهذا غير صحيح، الكولا افريقية، هم خذوها منا مادة خام رخيصة، وصنعوها وعملوها مشروب وباعوها لينا بثمن غالي، لماذا البيبسي كولا والكوكا كولا غالية، لانهم هم خذوا الكولا متاعنا وصنعوها وباعوها لينا، احنا يجب ان نصنعها ونبيعها ليهم" .
الزعيم الليبي سيكتشف قوة افريقيا اثناء حصار بلاده خلال ازمة لوكربي، حيث ساهمت العديد من الدول الافريقية الى جانب عدد من الدول العربية ومن بين اهمها السعودية في فك هذا الحظر والوصول الى تفاهم بين طرابلس والغرب عبر تسليم المتهمين في هذه القضية الى القضاء.
على مدى 67 عاماً هي سنوات عمره قضى اربعين منها في السلطة، تقلبت ولاءات القذافي كثيراً، مثلما تقلب شكله كثيراً، فهذا الرجل الذي تراه اليوم كان يلقب بين اصدقائه بالـ (الجميل)، في خلال فترة صباه التي قضاها في سرت وهو اصغر اطفال محمد عبد السلام بن حمد بن محمد القذافي وزوجته عايشة بن نيران.
تلقى العلوم الدينية في بدايته خلال الفترة بين 1956 و 1961 وبعد دخوله الثانوية سيبدأ في انشاء خلية عسكرية مع اصدقاءه من اجل السيطرة على البلاد على طريقة الزعيم المصري جمال عبد الناصر، الذي يعتبر ملهمه الاكبر خلال حياته.
بدأت اراءه السياسية تظهر للعلن بحلول الستينات حيث لم يكن قد وصل العشرين وقد تم ابعاده عن مدينته بسبب ذلك، وبعد دراسته التاريخ في جامعة ليبيا، دخل القذافي الاكاديمية العسكرية في بنغازي بحلول العام 1963 وهناك بدأ التنظيم العسكري الذي شكله يأخذ صورة اكثر تنظيماً.
انتقل الى بريطانيا من اجل نيل المزيد من الخبرة بحلول العام 1965 حيث تدرب في كلية الاركان البريطانية ليعود العام التالي الى بلاده.
في الاول من سبتمبر 1969 سيطفو اسم القذافي على السطح حينما نجح في الوصول الى السلطة على حساب الملك ادريس الاول بينما كان الاخير يستجم في اليونان بعد تلقيه لعلاج طبي، وقد تم التحفظ على قريبه وولي عهده سيد حسن الرضا المهدي السنوسي ووضعه تحت الاقامة الجبرية، وسرعان ما تم انهاء الملكية واعلان الجمهورية (الجمهورية العربية الليبية) التي تغيرت اليوم لتصبح ليبيا صاحبة اطول اسم دولة في العالم (الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى).
في الفترة التي تلت تسلمه بحث القذافي عن الوحدة مع اقرانه، لكن ملهمه سرعان ما سيغادره بعد قمة 1970 حيث سيتوفى جمال عبد الناصر، تاركاً حمله القذافي الثقيل على الرئيس انور السادات.
استخدمه السادات من اجل زيادة جماهيريته في بداية تسلمه الرئيس المصري للسلطة خلفاً لناصر، حيث اقنع السادات القذافي بضرورة قيام اتحاد الجمهوريات العربية في 17 ابريل 1971 الى جانب سوريا وليبيا ومصر، ثم جاءت الوحدة الاندماجية بين مصر وليبيا في 1972، والوحدة العربية الاندماجية في يوليو 1973 وهنا بدأ السادات يشعر بثقل الحمل حيث كان على وشك اطلاق حرب اكتوبر، بينما كان القذافي يعيش احلامه الوحدوية.
وفي 1974 اقام وحدة بينه وبين تونس، وفي 1975 مع الجزائر، تلاه مساعي مع سوريا والسودان، ثم المغرب وليبيا في 1984 والاتحاد العربي الافريقي في 1988 ، وازالة الحدود بينه وبين مصر وتونس، لكن كل هذه المشاريع باءت بالفشل.
جاءت بعد ذلك مرحلة المواجهة مع المجتمع الدولي على خلفية قضية لوكربي، واثر انتهائها توجه الى افريقيا محاولاً انشاء الولايات المتحدة الافريقية على غرار الولايات المتحدة الامريكية، ومازال يحاول تحقيق النجاح في هذا المشروع دون كلل.
http://www.copts-united.com/article.php?A=1228&I=33