نشأت المصري
بقلم: نشأت المصري
كثيرًا ما نجد أشخاصًا تقلدوا مناصب ومراتب حساسة, تُصنع قراراتهم من منطلق المنصب والمرتبة التي يتبواؤنها, فيأخذون هيبتهم وكرامتهم من هيبة وكرامة كراسيهم, فمنهم من أفاد البشرية من منصبه، ومنهم من كان كأن لم يكن، ومنهم من أضر بالبشرية والمجتمع وأضر بالكرسي الذي تقلده.
وتجد أيضًا من فرض نفسه على كرسيه ومن فٌرض عليه الكرسي أو أخذه بالسطوة والعزوة والقوة, وأيضًا من أخذه بالجدارة.
أي أن المناصب والكراسي هي وراء عظمة الكثيرين, وليس العكس.
لهذا!! كل هؤلاء يموتون ويُعيَّن مكانهم وبنفس الطريقة التي سبق ونُفذت مع من سبقوهم, فتموت الشخصية ويبقى الكرسي يحمل بعضًا من تواريخ من جلسوا عليه.
ويدوم الكرسي وتنمحي الأشخاص، ويموت الأشخاص وتحيا المناصب.
ولكن قليلين هم من صنعوا التاريخ, ولم يصنعهم التاريخ، قليلون من حفروا أسماءهم بأحرفٍ نورانية على وريقات التاريخ, فكانوا أعظم من التاريخ وأعظم ممن كُتبوا على كثير من وريقات التاريخ، لأن التاريخ كَتبَ عن من هم طالحون ومن هم صالحون, ولكن الأحرف النورانية تعبر عن قمة الصلاح في مدونات التاريخ.
كتب التاريخ عن موسى النبي الذي بحلمه استطاع أن يعبر بهذا الشعب الغليظ الرقبة.
كتب التاريخ عن إيليا النبي الذي استطاع أن يمحو عُبّاد الوثن من أراضيه وعشيرته.
كتب التاريخ عن داود النبي الذي استطاع أن يلملم شعب الله في وحدة أراضيه ويصنع منهم شعبًا يهابه كل سكان الأرض, كما أنه بتواضعه ووداعته استطاع أن يكون مقربًا جداً لله حتى حُسِب قلب داود حسب قلب الله.
رب المجد يسوع استطاع بشريعة المحبة أن يغير مجرى التاريخ عن الحروب والدماء إلى التضحية والفداء بالمحبة والسلام.
وكثيرون أيضًا من رواد التاريخ المعاصر........ إلخ.
إلى أن حابانا الله بالمهندس عدلي أبادير الذي استطاع بمحبته التي استمدها من مسيحيته أن يجمع فكر ورأي إخوته المصريين في المهجر في كافة بقاع الأرض, واستطاع أن يتبنى قضية أهله الأقباط المهمشين في موطنهم مصر, واستطاع أن يجعل من قضيتهم قضية رأي عام عالمي تتناوله جميع المحافل الصحفية الدولية.
استطاع أن يُرجِع الثقة للشعوب التي أذلتها العنصرية لتطالب بحقوقها بكل قوة، واستطاع أن يضيف معانٍ جديدة للأبوة العاملة بالمحبة.
جنّد نفسه وفكره وماله وأصدقاءه ومحبيه حول ما يؤمن، وما يعمل من أجله حتى أصبح الجميع في داخل وخارج مصر أقباطًا متحدين.
ونحن الآن نحزن ونئن متوجعين من شدة الحزن على فراقك، ليس لسبب انتقالك عن هذا الفاني لتربح الباقي, ولكن لشعورنا أننا فقدنا الأب في فترة ربما تكون أكثر حساسية من الفترات السابقة, نحتاج من يعضدنا ويأخذ بأيدينا, ولكن عزاءنا الوحيد أنك لم تتركنا إلا ونحن أقباط متحدون.
هنيئاً لكَ الملكوت في أحضان القديسي, اذكرنا أمام عرش النعمة ليجعلنا الله نحن الأقباط دائمًا ودومًا متحدين ولا نتفرق أبدًا, وذكراك سوف تدوم إلى الأبد في هذا الدهر مدونة بأحرف نورانية في أوراق التاريخ الذي صنعته أنتَ بإيمانك بقضيتك وقضية أبنائك الأقباط, وفي الدهر الآتي في ملكوت السماوات, كما قال الإنجيل المقدس.
"ذكرى الصديق تدوم إلى الأبد"
http://www.copts-united.com/article.php?A=12074&I=312