هل هُم حُراس أم غير ذلك؟؟

عزت عزيز حبيب

بقلم: عزت عزيز
لديّ حساسية شديدة تجاه من يُطلق عليهم رجال أمن.. مش عارف ليه لكن أنا حاسس إنها من الله في الله! وقد يكون بسبب ما يقوم به القلة منهم، وقد يكون هناك الملايين لهم نفس الإحساس أو الحساسية، ولذلك أحاول بقدر استطاعتي أن أتحاشى التعامل معهم بقدر الإمكان، ولكن إذا كانت مصالحك وعملك وسكنك يجبرك على ذلك فماذا تفعل؟
مشكلتي التي أعاني منها أنا وثمانية عشر أسرة ممن يعيشون في نفس الشارع الذي أقطن به هي أننا نسكن بجوار مقر إحدى المطرانيات، وبالطبع هناك نقطة أمن صغيرة أو ما يُطلق عليها كمين!! ويتواجد بها أربعة أفراد أمن من أمناء شرطة ومخبرين وعساكر يتغيرون كل أثني عشر ساعة..
ومنذ أوائل تسعينيات القرن الماضي ويتواجد هؤلاء وهم يقومون بعملهم على أكمل وجه، فأي سيارة تدخل المطرانية يجب أن تُفحص جيدًا، ليس خوفًا من متفجرات لا قدر الله ولكن خوفًا من أن تكون حمولتها تحوي أي مواد بناء لا قدر الله برضه..
ولهم مهام أخرى من تبليغ غرفة عملياتهم بأي جديد بالموقع...
وبصفتي مقيم على بعد أمتار قليلة منهم.. فهناك أحداث جسام عايشتها معهم منها أن أحد أفراد الأمن كان يقوم بتسليم النوباتجية وعليه يقوم بتأمين سلاحه ليسلمه لزميله الذي يتسلم منه الخدمة، فأثناء ذلك خرجت كمية حية من السلاح وكان من شأنها أن تقتل أي أحد متواجد من سكان هذا الشارع الذي لا يزيد عرضه عن ستة أمتار فقط وربنا سلم وعَدِت الحكاية دون سؤال أو تحقيق!!؟ وهناك حدث آخر وغير أخلاقي وقع من فردي أمن كانوا بالخدمة هناك وتم تسويته دون محاكمتهم.
أما آخر حدث أو مشكلة فكانت معي شخصيًا بالأمس، حيث أني استيقظت فجأة على دخان كثيف يقتحم عليّ غرفة نومي ورائحة لا تُطاق حتى كدت أختنق، وبسرعة أيقنت أنها قادمة من عند هؤلاء الذين يُطلق عليهم حراسًا، حيث يقومون بتجميع الزبالة وأشعال النار فيها وسط الشارع وأسفل منزلي!! فانزعجت جدًا وتعصبت لأقصى درجة، ولما لاحظت زوجتي عليّ هذا قالت لأحد جيراننا أن يذهب لينبههم حتى يطفئوا النيران ولكن لم يستجيبوا، وعليه قمت بالإتصال بمديرية الأمن مباشرة والتي أخذت كل بياناتي واتصلوا بمأمور المركز الذي أتبعه وفي دقائق حضرت سيارة شرطة وبها ضابط برتبة نقيب وحاول أن يستفذني بسبب أنني اشتكيت للمديرية ولم أشتك لمركز الشرطة الذي أتبعه أولاً، ولكن لم أعطه فرصة، وطلب مني أن أذهب معه لمأمور المركز فرفضت وقلت أنني تقدمت بالشكوي لمدير الأمن وهو فقط الذي له أن يطلب مني أن أذهب ولن يستطع أحد ان يجبرني علي هذا.. وعندها ذهب ولم نر وجهه ثانية...
هذه المشكلة تؤرقني كثيرًا، فهؤلاء المكلفين بالحراسة -على حد قولهم- يقومون يوميًا بجمع الزبالة وإشعال النار بها وبصورة مدمرة لصحة الأهالي، وكانوا يشعلون النيران أيضًا في أعواد خشب الشجر وذلك للحصول على الفحم الذي يستخدمونه في الشيشة مما كان يترتب عليه تلوث خطير للمنطقة التي نعيش بها، وطلبت منهم أكثر من مرة أن يمتنعوا عن هذه الأساليب المميته للأطفال والمرضى منهم بأمراض صدرية أو حساسية ضد هذا الدخان ولكنهم لم يمتنعوا، وما زاد المشكلة وكما قلت أنهم أكثر من مجموعة تتغير مرتين يوميًا، ومن الغريب هنا أن هناك تسعة عشر أسرة في هذا الشارع لم يتكلم منهم أحد ولم يشتك أو يتظلم أيًا منهم أيضًا، وهذا ما أثاره الضابط وقال لي.. يعني مفيش غيرك انت اللي في الشارع؟ وعندها رددت وقلت له يمكن مفيش حد يعرف يتعامل معاكم غيري!!؟ وحقيقي مش عارف ليه الخوف من هؤلاء!!؟
سكان الشارع يعيشون في آلم وحزن من هؤلاء وتصرفاتهم، فأذا أراد أحد من يسكنون في هذا الشارع الدخول لمنزله بسيارة أو توك توك مثلاً ويمر على هؤلاء فيجب أن يقف وسين وجيم وغيره!!؟
وحيث صوتهم العالي طوال الليل وصوت جهاز اللاسلكي المزعج دائمًا بجانب أنهم يقطعون الشارع بطريقة تضايق، حيث أن هناك سيدات تدخل الكنيسة وهم يتفرسون فيهن بطريقة غير سوية، وقد اشتكت لي إحدى الفتيات من أحد أفرادهم لأنه وجه لها معاكسة حقيرة مثله، وعندها قلت لها أنه لو كرر فعله هذا لا تتراجعي في أن تخلعي حذائك ولا تترددي في تلقنيه درسًا في الأخلاق التي حُرم منها..
صدقوني قد يكون إحساسي بهذه المرارة هو نفس الإحساس الذي يعاني منه الكثيرين غيري ممن يعيشون في نفس الظروف، هذا في وقت أصبحت الأمور لا تحتاج لتواجد هؤلاء في هذه الأماكن.. ولكن التضييق علي دور العبادة يُجبر هؤلاء ان يقوموا بعملهم على أكمل وجه.
وأتذكر هنا أنني كنت بزيارة لأحد أديرة الصعيد وشكى لي أحد الخدام هناك أنهم يعانون من الأمن الذي يمنع دخول جهاز تكييف صغير خاص بغرفة الزوار، حيث انهم يفتشون كل ما يدخل وبتدقيق وكأن جهاز التكييف هذا يمس أمن وسلامة الوطن، وبعد ذلك يدّعون أنه لا قيود على دور العبادة..
فهل سنرى قريبًا ترك هؤلاء للكنائس ليحميها الله وليس هؤلاء؟