ميرفت عياد
كتبت: ميرفت عياد- خاص الأقباط متحدون
يقوم المجلس الأعلى للآثار بدور كبير من أجل الحفاظ على آثارنا الغالية التي تعود إلى آلاف السنين والتي تدل على عظمة أجدادنا الفراعنة، سواء كان هذا من خلال الاكتشافات الأثرية الجديدة أو الترميمات للحفاظ على الآثار التي تم اكتشافها، أو بمحاولة استرداد ما فُقد منها، لذلك من الصعب حصر تفاصيل الرحلة الأثرية التى قام بها المجلس الأعلى للآثار طيلة هذا العام، ولكننا نحاول أن نذكر جزء كبير منها وخاصة الاكتشافات الأثرية التي تدل على عظمة حضارتنا المصرية القديمة، ومن هذه الاكتشافات..
الكشف عن مقبرة بسقارة بداخلها 30 مومياء وتوابيت حجرية وخشبية:
حيث أعلن فاروق حسني وزير الثقافة بأن البعثة المصرية التي يرأسها د. زاهي حواس أمين عام المجلس الأعلى للآثار قامت بالكشف عن مقبرة جديدة داخلها مومياوات وتوابيت خشبية وحجرية مغلقة لم تفتح منذ العصر الفرعوني.
وصرح د. زاهي حواس بأن هذه المقبرة تم الكشف عنها بمنطقة جسر المدير والتي تقع إلى الناحية الغربية من هرم الملك زوسر بسقارة -أول هرم بني من الحجر الجيري في التاريخ الفرعوني-. وقال إن المقبرة ترجع إلى عصر الأسرة السادسة من الدولة القديمة أي منذ حوالي 4300 سنة ق.م واسم صاحب المقبرة يدعي سنجم وكان يحمل لقب الكاهن المرتل والمقبرة مبنية من الطوب اللبن، وتم العثور عليها بجوار مقبرتي كل من رئيسة المغنيات ومدير بعثات هرم الملك أوناس من الأسرة الخامسة. وتم العثور داخلها على بئر منحوت في الصخر يصل عمقه إلى 11 متر ويرجع إلى عصر الأسرة 26 أي منذ حوالي 2640 سنة ق.م.
وكشف د. زاهي عن أن حجرة الدفن يوجد بها ما يقرب من 30 مومياء وهيكلاً عظميًا، كما عُثر فيها على تابوت من الخشب مغلق تمامًا منذ العصر الفرعوني. هذا إلى جانب العثور على مومياء كاملة من العصر الصاوي (640 ق.م) متوقعًا أن يكون هناك تمائم مخفية أسفل لفائف المومياء. ويصل طول التابوت 180سم وعليه النقوش الهيروغليفية. كما عُثر على خمس فجوات منحوتة في الجدران تحتوي كل واحدة على أربع مومياوات يتقدم أحدها كلب وتوجد بالجدار الشمالي فجوتان بها بقايا هياكل عظمية. كما تم العثور على أربعة توابيت من الحجر الجيري الجيد وأن أحد هذه التوابيت مازال مغلقًا بالجبس منذ أيام الفراعنة ولم يُفتح بعد وسوف تقوم البعثة بفتحه.
الكشف عن مقبرة أيع ماعت بالقرب من الهرم المدرج:
وبنفس موقع جسر المدير بمنطقة آثار سقارة كشفت البعثة المصرية التي يرأسها د. زاهي حواس عن مقبرتين جديدتين حيث يقع هذا الكشف على بعد أربعمائة متر جنوب غرب الهرم المدرج.
وأوضح د. حواس أن المقبرتين من الحجر الجيري منحوتتان في الصخر وترجع إحداهما إلى "أيع ماعت" ومعناها "الماشى في طريق الحق" وهو المشرف على بعثات الملك أوناس آخر ملوك الأسرة الخامسة (2356-2323 ق.م) والمسئول عن بعثات جلب الحجر الجيري من طرة والجرانيت من أسوان و"المافت" وهي مادة لاستخراج اللون الأحمر ومقرها الصحراء الغربية. وأضاف أنه كان يحمل ألقابًا أخرى مثل لقب "مفتش كهنة هرم أوناس" و"مستأجر أملاك القصر" وكذلك "المشرف على مكتب مستأجري أملاك القصر". وفيما يتعلق بالمقبرة الثانية فهى خاصة بإحدى المطربات وتدعى "ثنح" وعليها ألقاب وعبارات خاصة بها وأهم الألقاب "المشرفة على المغنيات". كما عُثر على منظر للمطربة ثنح وهي تقف وتستنشق رحيق زهرة اللوتس.
الكشف عن مخازن أثرية بالعين السخنة:
وقامت البعثة المصرية الفرنسية العاملة بالكشفت عن تسعة مخازن وثلاثة ممرات ضيقة يحيط بها مبني مستطيل به غرفة واحدة يرجع لعصر الدولة الوسطي (2061-1665 ق.م) بمنطقة العين السخنة الأثرية، والتي تبعد حوالي 120 كم شمال شرق القاهرة.
وأوضح د. زاهي حواس أن البعثة بدأت أعمال التنقيب الأثري في هذه المنطقة منذ عام 1999 حيث عُثر على بقايا مدينة كاملة ترجع لعصر الدولة الوسطى والتي من المرجح أنها كانت مركزًا إداريًا وقديمًا هامًا في هذه المنطقة.
وأضاف أن التنقيب الأثري داخل هذه المخازن كشف عن مجموعة كبيرة من الأواني الفخارية حفر عليها أسماء ملوك الأسرة الرابعة (2649-2513ق.م) والخامسة (2513-2374ق.م) بالإضافة إلى مجموعة ألواح من خشب الأرز والخاصة بالسفن التي استخدمها المصري القديم في رحلاته عبر خليج السويس للوصول إلى سيناء حيث مناجم الفيروز والنحاس.
أكد جورج كاسيل "رئيس الفريق الفرنسي" ان الدراسات الأولية على هذه المخازن أوضحت أنها مقسمة إلى جزئين، جزء لتخزين السفن والحبال الخاصة بها والجزء الآخر كان لتخزين الأواني. ووسط هذه المخازن عثرت البعثة على مبنى مستطيل مساحتة حوالي 600 م2 ويتكون من عدة حجرات وممرات مما يؤكد أنه المبني الرئيسي لمجموعة المخازن.
اكتشاف بقايا مومياء الملكة شيشتي
ومن ناحية أخرى قامت البعثة المصرية التي تعمل في منطقة سقارة بحفر حجرة الدفن الخاصة بالهرم الجديد، واستمرت البعثة في الحفر للوصول إلى المدخل الأصلي للهرم في الشمال وقد وجدت البعثة أن المدخل مغلق تمامًا بكتل ضخمة من الجرانيت وذلك لمنع اللصوص من الدخول ولم تستطيع البعثة الدخول في المدخل. ولكنها قامت بالدخول لحجرة الدفن من أعلى الهرم. وعُثر بداخلها على تابوت ضخم من الجرانيت الذي أحضره المصري القديم من أسوان ووجد أن غطاء التابوت يزن حوالي 6 طن تقريبًا وقاعدته حوالي أربعة أمتار. ولكن وجدت البعثة أن التابوت قد سُرق ما بداخله.
وأوضح د. حواس أنه تم العثور داخل التابوت على بقايا مومياء الملكة التي دُفنت داخل الهرم، فقد عُثر على الجمجمة والأرجل والحوض وكذلك على قطع من الجسم ملفوفة بالكتان وعُثر أيضًا على فخار يرجع إلى الدولة القديمة والعصر المتأخر، كما عُثر أيضًا على غطاء ذهب للأصابع كان موضوعًا على أصابع الملكة، وأوضح د. حواس أنه عثر على أجزاء من التابوت الذي كان موجودًا داخل التابوت الجرانيتي أيضًا وعثر على بقايا علامات هيروغليفية من التابوت.
حيث يرى د. حواس أنه رغم عدم العثور على اسم للملكة التي دفنت داخل الهرم ولكن كل الأدلة تشير إلى أن هذا الهرم ليس هرمًا عقائديًا بل هو هرم دفنت فيه ملكة ولذلك يعتقد أن الملكة هي الملكة ششتي أم الملك تتي أول ملوك الأسرة السادسة من الدولة القديمة أي منذ حوالي 4300 ق.م (2311-2300 ق.م).
والجديربالذكر أن المجلس الأعلى للآثار قد أعلن يوم الحادي عشر من نوفمبر الماضي عن اكتشاف الهرم الجديد بمنطقة سقارة الأثرية يبلغ طول ضلع القاعدة أثنين وعشرين مترًا وقد عُثر حول الهرم وداخل ممراته على مجموعة من القطع الأثرية والتماثيل الصغيرة.
الكشف عن أرضيات أثرية ببني سويف
ومن جانبه أعلن فاروق حسني وزير الثقافة عن اكتشاف مجموعة من الأرضيات الأثرية ترجع لعصر الانتقال الأول (2190-2061 ق.م) في منطقة إهناسيا المدينة ببنى سويف (120 كيلومتر جنوب القاهرة) وذلك أثناء استكمال أعمال التنقيب الأثري التى تقوم بها البعثة الإسبانية التابعة لمتحف الآثار القومي بمدريد.
وصرح د. زاهي حواس بأنه أثناء استكمال أعمال الحفائر داخل صالة الأعمدة بمعبد الإله حري شف حاكم الأرضين كشفت البعثة عن لوحة ترجع لعصر الرعامسة ونقش محفور عليه الأسماء المختلفة للملك رمسيس الثاني (1304-1237 ق.م) وجزء من باب وهمي.
قالت د/ كارمن بيرى داي رئيس البعثة الإسبانية إن البعثة عثرت على باب وهمي كامل لإحدى المقابر الغير معروفة وأبواب وهمية أخرى وموائد للقرابين محروقة بالإضافة إلى بقايا عظام بشرية وهياكل عظمية محروقة أيضًا وفي حالة سيئة من الحفظ داخل الجزء الغربي من الجبانة، أما داخل الجزء الشرقي فعثرت البعثة على دفنتين بهما هياكل عظمية سليمة وفي حالة جيدة من الحفظ.
ويُذكر أن مدينة إهناسيا تعرف في النصوص المصرية القديمة باسم "حت نن نسو" أي مقر الطفل الملكي بينما عرفت في النصوص اليونانية باسم "هرقليوبوليس" نسبة إلى هرقل والذي ربط الإغريق بينه وبين الإله المصرى للمدينة "حري شف". كانت إهناسيا عاصمة الإقليم الواحد والعشرين من أقاليم الوجة القبلي كما ظلت عاصمة لمصر طوال الأسرتين التاسعة والعاشرة (2165-2016ق.م ).
الكشف عن الميناء الثاني لمعبد الكرنك
كما كشفت البعثة المصرية العاملة بمعابد الكرنك السد الكبير الذي شيده المصري القديم لحماية معابد الكرنك من خطر مياه الفيضان والذي يصل طوله إلى 250 مترا حتى الآن عن الميناء النهري الثاني والذي شيده المصري القديم لزيارة معابد الكرنك في شهور انحسار مياه الفيضان صرح بذلك فاروق حسني وزير الثقافة.
ومن جانبه أوضح د. زاهي حواس أن البعثة قد توصلت العام الماضي عن الكشف عن ميناء الكرنك الأول والذي يتكون من منحدر ضخم يؤدي إلى نهر النيل قديما والذي استخدم في جلب الأحجار والقرابين إلى داخل المبعد. وقد قام طهرقا من ملوك الأسرة 25 (690-664 ق.م) بعمل منحدر ملكي في منتصفه ليقسمه إلى ثلاثة أقسام بعد تشييد هذا المنحدر.
وأضاف أن هذا الميناء يقع شمال مدخل الكرنك وكان يستخدم في زيارة معابد الكرنك في موسم انحسار مياه الفيضان والذي يبدأ من فصل الشتاء نهاية بفصل التحاريق. ويتكون الميناء المكتشف من درجين مشيدين من الحجر الرملي النوبي والذي استخرجه المصريون القدماء من محاجر جبل السلسلة ويتميز بقدرته على مقاومة مياه النيل وعوامل النحر. أن هذين الدرجين متقابلان يؤديان إلى أرضية بطول خمسة أمتار وبعرض 2.5 متر لاستقبال السفن.
وقال الأثري منصور بريك رضوان "مدير البعثة الأثرية بالكرنك" إنه تم العثور على العديد من الفتحات التي شكلها المصري القديم في جسم السد بجوار الميناء لربط السفن بها عن قدومها لزيارة المعابد. وإن هذا الكشف يعكس أهمية معابد الكرنك قديمًا حيث إنها المرة الأولى التي يكشف بها عن مينائين للسفن أمام أحد المعابد المصرية القديمة. وقد تم الكشف عن مدينة بطلمية ورمانية تقع فوق هذا الميناء مما يؤكد أن حركة مياه نهر النيل كانت تختلف عبر العصور، وأن النيل تحول مجراه قليلاً جهة الغرب وتمكن المصريون القدماء من استخدام المنطقة للسكنى في العصور البطلمية والرومانية.
كشف أثرى بمنطقة ذراع أبو النجا بالأقصر
هذا الى جانب قيام البعثة الأثرية الأسبانية التابعة للمركز القومي الأسبانى للبحوث بمدريد بالكشف عن خمسة أقراط وخاتمين من الذهب ترجع لعصر الأسرة الثامنة عشر (1569-1315ق.م)، داخل حجرة الدفن الخاصة بجحوتى رئيس الخزانة والمشرف على الأعمال فى عهد الملكة حتشبسوت (1502-1482 ق.م) والواقعة فى منطقة ذراع أبو النجا بالبر الغربى بالأقصر.
ومن جانبه أوضح د. زاهى حواس أن الدراسات الأولية التى قامت بها البعثة أسفرت على أنه من المرجح أن تكون هذه الخواتم والأقراط تخص جحوتى أو أحد أفراد أسرته حيث كان كبار الموظفين والنبلاء يرتدون المجوهرات مثل الملوك .
وأضاف د.حواس أن هذه الدراسات أوضحت أيضًا أن المقبرة تعرضت للسرقة خلال العصور الفرعونية كما تعرضت محتوياتها مثل التابوت والمومياء والأوانى الكانوبية الخاصة بمقبرة جحوتى للحرق خلال عصر الإنتقال الثالث (1081-725ق.م) والتي تعرضت خلاله مقابر الملوك والأفراد على حد سواء للسرقة والنهب، ومن المعتقد أن الأقراط الخمس والخاتمين ربما سقطوا خلال عملية سرقة المقبرة ومومياء المتوفي آنذاك وهو الأمر الذى أدى إلى العثور على عدد قليل من القطع الأثرية الخاصة بأثاثه الجنائزي، كذلك تم إزالة إسم صاحب المقبرة وأمه وأبيه بالجزء العلوي لحجرة الدفن ولكن من الممكن قراءته .
واوضح منصور بريك المشرف على آثار الأقصر أن مقبرة جحوتي تتميز بأنها المقبرة الرابعة في الأقصر لأحد كبار رجال الدولة التي تم تدوين نصوص كتاب الموتى على جدران حجرة الدفن حيث كان هذا الأمر قاصرًا على الملوك فقط فضلاً أن صاحبها قد لعب دورًا مهمًا خلال حكم الملكة حتشبسوت ومن بينها الإشراف على نقل مسلات الملكة حتشبسوت من أسوان إلى الأقصر وهو ما تؤكده إحدى اللوحات الموجودة داخل المقبرة.
الكشف عن تمثالين للملك أمنحتب الثالث بكوم الحيتان:
ومن ناحية أخرى قامت البعثة الأوروبية المصرية العاملة بمعبد أمنحتب الثالث بمنطقة كوم الحيتان بالبر الغربي بالأقصر بالكشف عن تمثالين ضخمين للملك أمنحتب الثالث وعتب كبير أثناء أعمال التنظيف الأثري للصالة الأمامية للمعبد.
ومن جانبه أوضح د. زاهي حواس بأن التمثال الأول مصنوع من الجرانيت الأسود ويصور الملك جالسًا مرتديًا النمس والنقبه الملكية أما التمثال الثاني فمصنوع من حجر الكوارتزيت ويصور الملك على هيئة أبو الهول أما العتب فمصنوع من الحجر الرملي ومقسم إلى عدة أجزاء عليها كتابات هيروغليفية توضح وظيفة المعبد "فهو ثبت المليون عام بناه الملك أمنحتب الثالث لعبادة الإله آمون رع" .
http://www.copts-united.com/article.php?A=12024&I=308