بريطانيا: مقاطعة المنتجات الاسرائيلية سلاح يحظى بالتأييد رغم الصعوبات

لندن ـ القدس العربي ـ من هيام حسام

ترفض آرجومند واحد وهي ناشطة سلام بريطانية من أصل باكستاني أن تلبي دعوات أصدقاء لها للقاءٍ أسبوعي في مقهى ستاربكس القريب من مكان عملهم في مدينة ويلمبدون (جنوب لندن).
وتصر واحد على موقفها الرافض هذا رغم أنها لا تنكر المزايا التي يتمتع بها هذا المقهى عن غيره من المقاهي فهو في نظرها مكان جيد وأسعاره في متناول قدرتها المالية كما أن المشروبات التي يقدمها تروق لها. ولا تملك من أسباب تعلل بها رفضها سوى الموقف السياسي الذي تتخذه الشركة التي تدير أعمال المقهى وسلسلة من آلاف المقاهي الاخرى التي تحمل الاسم نفسه في دول عدة من العالم. بريطانيا: مقاطعة المنتجات الاسرائيلية سلاح يحظى بالتأييد رغم الصعوبات
وفي هذا الموقف السياسي قالت واحد لـ"القدس العربي": لا يمكنني أن أشرب قهوتي وأدفع بعضا من مالي لصالح تلك الشركة التي تخصص جزءاً سنوياً من ريعها لدعم المستوطنات الاسرائيلية.
وشرحت: أشعر بالخجل والاحساس بأنني أرتكب جرم الخيانة اذا ما فعلت ذلك... كنت معتادة في الماضي أن أتناول مشروباً في هذا المقهى مرتين على الاقل أسبوعياً وأحياناً قهوتي الصباحية عندما تداهمني عجلة الوقت في طريقي للعمل، ولقد توقفت عن ذلك كله بمجرد أن علمت بأمر تمويلهم للمستوطنات، انه أمر خسيس وغير أخلاقي يجعلني أشعر أن قهوتي بها سموم الخيانة.

ولا تنفرد واحد بهذا الموقف بل يشاركها فيه المئات وربما الآلاف من مناصري القضية الفلسطينية الذين يؤمنون بفعالية سلاح المقاطعة في التصدي للعدوان الاسرائيلي ضد الفلسطينيين. ويضطر بعض هؤلاء الى اهدار ساعات من أوقاتهم وبذل جهد اضافي من أجل الوصول الى متاجر لا يقاطعونها على خلفية مواقفها من الصراع العربي الاسرائيلي.
ولا يخلو الامر من صعوبة كما يقر الطالب البريطاني روبرت فليغ الذي يعيش في منطقة سكنية تنعم بثلاثة متاجر تتبع ثلاث سلاسل كبرى من السوبرماركات البريطانية ولكنه يترك جميعاً ويتوجه لجلب ما يحتاجه من موادٍ غذائية وغيرها من متاجر منزوية بعيدة عن سكناه. ويقول فليغ: الامر غير سهل، ولكني أشعر بالراحة فأنا من جهة أسجل موقفي ضد العولمة ومن جهة أخرى أوجه صفعة لتلك المتاجر التي لا تحترم مشاعر زبائنها ومواقفهم الملتزمة بالعدالة والرغبة في احقاق السلام.
ولكن الامر ليس على هذا القدر من الحسم والبساطة بالنسبة للكثيرين الذين بدأ الاحباط يتسلل الى نفوسهم مع تزايد أعداد المحال والمقاهي والشركات المدرجة على قائمة المقاطعة التي يحرصون على الالتزام بها. وتقول سيدة عراقية اسمها مريم عبد الكريم وهي أم لثلاثة أطفال انها تحاول قدر المستطاع أن تلزم نفسها وأسرتها بمقاطعة كل الجهات التي تتبنى مواقفاً في صالح القضية الفلسطينية، ولكنها تضطر أحياناً الى التراجع عن مواقفها تحت ضغط الوقت أو عدم تأكد المعلومات في خصوص مواقف هذه الجهات.

وأضافت: أشعر بالذنب عندما أتراجع ولكن الامر لم يعد سهلاً كما كان في السابق، اذ لا يكاد يمر يوم دون أن أسمع عن جهة جديدة تضاف الى قائمة المطلوب مقاطعتها.
وكانت اشارةً واضحة صدرت عن الحكومة البريطانية في شأن المقاطعة مؤخراً عندما طالبت الجهات البريطانية المختصة الموردين الاسرائيليين بتحديد منشأ البضائع التي يصدرونها والتحديد بوضوح ما اذا كان مصدرها المستوطنات أم الضفة الغربية وذلك بعد أن مضى وقت غير قليل كانت فيه اسرائيل تضلل المستهلك البريطاني وتروج لمنتجات مستوطناتها على أنها منتجات من الضفة الغربية.
واحتفت الاوساط المتضامنة مع الشعب الفلسطيني بالقرار وتعهدت بمواصلة العمل من أجل حظر منتجات المستوطنات بالكامل في بريطانيا بل وأن تسعى على طريق حظر المنتجات الاسرائيلية بأكملها أيضاً.
من جهتها قالت اختصاصية التغذية والتسويق البريطانية جوانا بليثمات التي تنشط في تشجيع حملات المقاطعة ان قرار حكومتها يعد انجازاً كبيراً ونتيجة مباشرة لجهود الناشطين في حملات المقاطعة.

وأضافت ان القرار من شأنه أن يبرز المنتجات الاسرائيلية التي تلقى المقاطعة الكبيرة من المستهلكين في المملكة المتحدة ما سيضطر السوبرماركات الى أن تجتهد في العثور على بدائل عنها من دول مثل: اسبانيا وقبرص وايطاليا والمغرب.
وتتعالى أصوات بالمطالبة بضرورة توجيه الجمهور الذي يناصر المقاطعة وتثقيفه حول تفاصيل دوره المطلوب بدلاً من تركه نهباً للاجتهادات الشخصية. ويشكك البعض في سلامة القرارات التي يتخذها المقاطعون بمقاطعة المحال التي تبيع المنتجات الاسرائيلية أو المستوطنات الاسرائيلية بالكامل ويقولون انه تكفي مقاطعة هذه البضائع فقط، فيما يعترض آخرون على ذلك، ويقولون ان المشكلة تكمن أحياناً في عدم وضوح المعلومات واختلاط الشائعات بالحقائق حول المحال والبضائع التي يجب مقاطعتها.
ولا توجد احصاءات حول حجم تأثير المقاطعة فيما تتضارب التصريحات خاصةً من الجانب الفلسطيني حول مدى نفعها للشعب الفلسطيني نفسه، ولكن اللوبي الناشط في الدفاع عن المصالح الاسرائيلية عادةً ما يعبر عن عدم رضاه تجاه المقاطعة ويسعى لعرقلتها.
ولا تقل المقاطعة في المجالات الاخرى جدلاً عنها في مجال البضائع والمنتجات.