هل يجب أن تستقبل الكنيسة المصرية وفودًا رسمية للتهنئة بالعيد؟!

جرجس بشرى

بقلم: جرجس بشرى
بدافع الغيرة المقدسة على الكنيسة القبطية وبدافع الحزن الشديد من الممارسات اللاإنسانية التي تُمارس ضد الأقباط في مصر وبتواطؤ حكومي واضح ومُخجل، طالبت بعض الأصوات القبطية بعدم استقبال الكنيسة المصرية وفودًا رسمية للتهنئة بعيد الميلاد المجيد، وذلك احتجاجًا على الجرائم المتتابعة والانتهاكات السافرة التي تحدث ضد الأقباط العُزل في وطنهم مصر.
ومن المؤكد أن هذا المطلب يعتبر مطلبًا شرعيًا وعادلاً ومقبولاً، إلا أنه من وجهة نظري المتواضعة لا يُعتبر حلاً وحيدًا في مواجهة جرائم هذه الحكومة العنصرية التي أهدرت بلا هوادة حقوق المسيحيين وأباحت للمتطرفين والمتشددين الإسلاميين إزدراء المسيحية وكتابها المقدس بلا رادع!
وأظن (والظن هنا ليس إثمًا) أن عدم استقبال قداسة البابا شنودة الثالث لوفود رسمية أو ممثلين لدول خارجية للتهنئة بالعيد لا يعتبر حلاً عمليًا للانتهاكات والعدوان الحادث ضد الأقباط في مصر، وقد يؤدي مثل هذا القرار من الكنيسة إلى زيادة حجم الهوة النفسية والاجتماعية بين المسلمين والمسيحيين في مصر، في وقت نحتاج فيه إلى تضافر الجهود التي ترمي إلى رأب الصدع بين جميع المصريين ليعيشوا جميعهم في ود وسلام.
كما أن الكنيسة المصرية لا يمكن وتحت أي ظرف أن تغلق أبوابها في وجوه الوفود الرسمية المصرية القادمة للتهنئة بالعيد، وخاصة في مناسبة مقدسة تحتفل بها الكنيسة بعيد ميلاد السيد المسيح رئيس السلام.
كما أن الكنيسة نفسها تدرك جيدًا أن الضيقات التي يشنها عليها عدو الخير من وقت لآخر سوف لا تنال من عظمتها وثباتها وصمودها بل تزيدها تعزية سمائية وفرحًا لا يُنطق به ولا يُعَبر عنه، لالتصاقها بوعد الرب المسيح القائل للمؤمنين به "في العالم سيكون لكم ضيق ولكن ثقوا أنا قد غلبت العالم" وأيضًا "كل آلة صورت ضِدك لا تنجح، وكل لسان يقوم عليك في القضاء تحكمين عليه" و"أبواب الجحيم لا تقوى عليها".
ولتعلم الحكومات المصرية المتعاقبة وكافة الذين يجتمعون اجتماعًا ليس من الرب للقضاء على الكنيسة أن محاولاتهم سوف تبؤ بالفشل المؤكد، وأنهم سوف لا ينجحون –أبدًا- في نزع تعزياتنا بمسيحنا القدوس في أحلك وأصعب الأوقات.
وإنني من هنا أطالب الرئيس المصري محمد حسني مبارك للحضور لتهنئتنا بالعيد هو وولديه جمال وعلاء بل وزوجته الفاضلة سوزان مبارك، وليبدأ صفحة جديدة يثبت فيها حسن نواياه تجاه الأقباط قبل فوات الأوان، بعد سكوته المريب على تهميش المسيحيين واضطهادهم في مصر طيلة فترات حكمه الممتدة لمصر.
وأقول أن هناك طرقًا أخرى عملية بل وفعالة للاحتجاج على الاضطهاد الواقع على الأقباط ومنها أن يحتج الأقباط بكل الوسائل الشرعية والسلمية وفي أي مكان في العالم وصولاً إلى حقوقهم العادلة والمشروعة، ولقد رأينا قداسة البابا شنودة الثالث نفسه يحتج على الظلم والتهميش الواقع ضد الأقباط وذلك في الحوار الذي أجرته معه مؤخرًا الإعلامية المتميزة لميس الحديدي في برنامج "اتكلم".
إنني من هنا ومن على منبر الأقباط متحدون الذي هو منبر لكل من لا منبر له أهنئ العالم كله والكنيسة المصرية بعيد الميلاد المجيد، وأرجو من الله أن يعيده على العالم كله بكل خير وسلام.