بقلم: د.خليل فاضل
ستنا العدراء، نحتاج بشدة إلى وجودك لا إلى ظهورك فحسب!
- نحتاج إلى نفحة من روحك، لا قبس من الضوء يأتى ويمضى، نحتاجك بشدة، إذن فحتما ولابد أن نراك، وتفرحين بنا ونحن الفقراء للرب، نملأ الحوارى والأزقة، لأن بيوتنا ضاقت بأنفاسنا وأحزاننا وأمانينا، وانطفأت فى صدورنا جذوة البهجة والفرحة، تورمت جماجمنا بأمل الانتظار واستبد بنا اليأس وتمكن، فأبطأ من خُطانا ولم نجد ملاذاً سوى الشوارع البسيطة، نسدها من غياب الشمس حتى مطلع الفجر، رغم أن نهارنا أسود ونحتاجك فيه أكثر، ونحن الذين لا نطلب سوى الستر ولقمة العيش والنوم الهادئ وصباح لا تعكره الأخبار والأرقام والأحداث.
- ننتظرك من زمان لتبِلّين ريقنا بقطرة ندى، وتمسحين جبيننا من عرق الشقاء والكدّ والكدح.
- نحتاجك يا ستنا، يا مريم، يا عدرا، لتنقذينا من أنفسنا، من بيع أجسادنا والتجارة فى أولادنا، من قتل ذوينا خشية إملاق وغدر ومرض، وهوان.
- تعالى لتلمى المخدرات من بين أيدى أولادنا، لتربتى على ظهر مسنينا وأراملنا وأطفالنا، لتحمينا من الكذب وغلبة الدين وهمِّ النهار، من غفلة الناس وشرهم، لتمدّين يد العون لوزرائنا ومحافظينا، فهم يحكمون شعبا عنيداً مزعجاً يفرط فى التفاؤل ولا همّ له سوى الأكل والشرب والإنجاب.
- أهلاً بك فى مصر الجميلة، ألم يقولوا فى الترنيمة الرائعة: (مبارك شعبى مصر، دا وعدك من سنين، خيرك أكيد لإنك إله صادق أمين، تيجى بغِناك وتملا بيوت المحرومين، ويفيض النيل، ويروى جموع العطشانين، وصوت الحزن يسكت، نرنم فرحانين).
حتما الإله صادق وأمين، وأكيد أنه أتى بخيره، لكن قطاع الطرق سرقوه فى الليل البهيم، وأكلوا المحاصيل فجفت الحلوق وخوت البطون.
يا ستنا يا مريم، يا عدرا، صُمّى آذاننا عن لغط الحديث وعنت القول وفج الكلام، فهناك من يدعى أن (شعبى مصر مغيب) ومحروم وجعان وزعلان ومضروب ألف جزمة. ساعدينا حتى لا ننتبه لهؤلاء: البرادعى الذى يتحدث فى الممنوع ويتناول الدستور، وينتقد مادتيه المقدستين ٧٦ و٧٧، وعمرو موسى ابن النظام البار الذى طالب بعدم السكوت.
لا تكونى نوراً يظهر فوق الكنائس فى الأروقة الفقيرة فحسب، كونى وهجاً دائماً.. وبرداً وسلاماً علينا، من أزمات المرور فى قاهرة المعز، فلقد احتبس البول فى بطون الرجال، وصرخ الأطفال جهاراً على حجور أمهاتهم، وكل أجهزة الشرطة لا تسمع إلا نفير موتوسيكلاتها فى عز الظهيرة.
يا عدرا، أرض مصر الخضرة بتتروى بالمجارى، وزرع ربنا أكله الأسمنت والمسلح. يا ستنا العدرا، إحنا عارفين إنك مش راضية بالكذب والنفاق والتدليس والهروب بمليارات مصر، والهروب من تنفيذ الأحكام، وعدم تكافؤ الفرص، والكيل بمكيالين.
يا ستنا العدرا سامحى ولادنا اللّى بيهربوا من البلد وبيموتوا فى عرض البحر وعلى شطآن أوروبا، ساعدينا على همّ الضرائب العقارية، وفهمينا ليه كده حجم الرشوة فى وزارات الإسكان والتجارة والثقافة والزراعة.
أخيرا يا عدرا، خليكى جنبنا، لأن مفيش حاجة مضمونة، ولا حدّ محصن ضد الجنون، ساعدينا نفهم أنفسنا، نستفيد من اللى حصل، نفكك الحاضر، ونحاول ولو شخابيط نرسم مستقبل أولادنا المحنية ضهورهم ورؤوسهم، وأنا فاكر معاكى الكتاب المقدس لما سأل: (لماذا يا نفس انت منكسرة) .. ولمّا قال (من يضع يده على المحراث لا ينظر إلى الخلف).
نقلا عن المصري اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=11872&I=304