عزت عزيز حبيب
تحقيق: عزت عزيز - خاص الأقباط متحدون
بعد تنقلات عِدة في وسائل مواصلات مختلفة كان آخرها وسيلة المواصلات المتاحة وهي التوك توك، وصلت لعرابة أبو عزيز في أقصى جنوب غرب محافظة سوهاج.. بلدة صغيرة يميزها الطابع الريفي والغالبية من الفلاحين وهناك مدارس جديدة وبالطبع معاهد أزهرية ومساجد كثيرة بُنيت على الطراز الحديث.
وعندما وصلت لكنيسة القديس العظيم أنبا برسوم العريان بعرابة أبو عِزيز -بكسر العين- وجدت أن هذه الكنيسة عبارة عن حوائط تغطيها ألواح خشبية وبعض قطع القماش وعُرضة لخطورة مياة الأمطار بطريقة مفزعة، والتقيت بثلاثة من الآباء الكهنة الأجلاء وكانوا قد أنهوا للتو طعام غذائهم ولكنهم أصروا أن أتناول غذائي، وحيث أن طعام الصيام له مذاق خاص لديّ فتناولت الفول المدمس والعدس والبصل الأخضر وبعض المخللات، وأثناء تناولي الطعام دخل الآباء الكهنة لغرفة مجاورة وأُغلق الباب عليهم وبحنكتي -أيًا كان نوعها- أيقنت أن أيًا منهم لن يقم بالحديث لي -هذا قبل خروجهم من الغرفة-.
المهم.. بعد الطعام تناولت الشاي الصعيدي وانتظرت خروج الآباء، وبالفعل خرجوا بعد ان انتهي اجتماعهم وتحدثت معهم وكما خمنت من قبل حدث بالفعل، فأجمعوا على أن لا يتحدثوا معي أو يتم تصويرهم -ولهم مطلق الحرية في ذلك-، ولم أجبر أيًا منهم على الحديث وجميعنا يعلم سبب رفضهم، فهم -وكما يقولون- ليس لديهم التصريح بالحديث أو كما نقول نحن كأبناء كنيسة ليس معهم حِل من الأسقف هذا بالرغم من أن أحدهم قال لي أنه أخبر سيدنا الأنبا باخوم أسقف سوهاج وتوابعها بقدومي.
ولم أتعود أنا شخصيًا على أن أجبر أحدًا على فعل لا يرضى هو على فعله... وعليه ذهبت لتفقد كنيسة القديس الأنبا برسوم العريان والتي نشرنا على موقع "الأقباط متحدون" موضوعًا يخصها، حيث أنها بُنيت عام 1926 ويحاول الآباء هنا أخذ تصريح بهدمها وبنائها، ولكن التمييز العنصري البغيض يحول دون ذلك..
وعندما وصلت للكنيسة قمت بتصوير التشققات والشروخ الخطيرة التي تؤثر على سلامتها والمصلين معها، فهي كنيسة من دور واحد لها قباب متهالكة وأسقف من ألواح وعروق الخشب التي عفا عليها الزمن وتآكلت بفعل عوامل التعرية من برد قارص وحر شديد، وتصادف وجودي مع اجتماع للفتيات ومدارس أحد للأطفال ورأيت الأوضاع على حقيقتها.. ولم أتألم كثيرًا علي رفض الآباء التسجيل معي فهم لهم مطلق الحرية كما قلت، ولكن ماذا يفيد الصمت؟ وهل بصمتهم سيتحرك هؤلاء الموتى خلف مكاتبهم؟ ولم ألوم الآباء بالرغم من إيماني بأن مسيحنا لم يعطنا روح الخوف من أي بشر بل أعطانا روح القوة والشجاعة، ولكن قد يكونوا معذورون وبالأخص وهم يعيشون في ظل دولة غاب فيها القانون..
تصادف وجودي أيضًا مع وجود بعض شباب من وجه بحري (القاهرة) ولم أُعِرفَهم بطبيعة عملي ولكن كان لهم تعليق أنهم لأول مرة يرون هذا الكم الهائل من عدد المساجد في هذه البلدة الصغيرة جدًا!!؟
خرجت من البلدة وأنا كلي حزن على حال أهلها وداخلي خوف من أن تتهدم هذه الكنيسة فوق رؤوس المصلين دون سابق إنذار. رأيت كل هذا وتذكرت الغوغاء من الذين هاجوا بعد قرار سويسرا منع بناء المآذن هناك وتمنيت لو حضر هؤلاء إلى هذه العرابة وشاهدوا مدى الظلم والتمييز والعنصرية، ولماذا يأتون إلى هنا؟ فأغلبية كنائس مصر تعاني من نفس الشيء.. فهل هناك من مغيث لهؤلاء المساكين؟ هم يطلبون فقط مكانًا آمنًا للصلاة ولن يكلفوا الدولة أموالاً من تلك التي ندفعها نحن المسيحيون كضرائب وتؤخذ بعد ذلك لتبنى بها مساجد!!؟؟
صور من الكنيسة - اضغط الصورة للتكبير |
http://www.copts-united.com/article.php?A=11606&I=298