سهيل أحمد بهجت
بقلم: سهيل أحمد بهجت
تعيش مصر حاليًا أزمة افتقار إلى الديمقراطية ومخاوف الشارع المصري من توريث الحكم لجمال مبارك نجل الرئيس حسني مبارك هي مخاوف مشروعة ومنطقية لأن الواقع العربي والإسلامي يشهد بالفعل توجهًا ثقافيًا نحو ثقافة إلغاء التعددية وتقبّل الرأي الآخر، بل إن أحزابًا معارضة بحد ذاتها هي التي تدعم بقاء هيمنة الدكتاتور وحكم الأقلية الفاسدة، وخير مثال هنا هو "حزب الإخوان المسلمين" الذي يدعم مبارك في الباطن ويشتمه في العلن، وكذلك نموذج حماس التي تبكي الآن على "عرفات البطل"!! الذي كان يموت في سجونه أعضاء حماس تحت التعذيب.
مصر التي تتجه من سيء إلى أسوأ في ظل الحسنيين ـ نسبة إلى حُسني ـ وشعبها يعيش أزمات متتالية ستنتهي بالتأكيد إلى أن يصبح البلد نسخة من الصومال أو أفغانستان، هذا الشعب من حقه الطبيعي الآن أن يبحث لنفسه عن ديمقراطية وتعددية تتيح له أن يوصل الأكفأ والأفضل إلى مواقع السلطة وأن يُهيّء لجانًا وخبراء وقضاة لمتابعة الفساد والمفسدين، وهذا الأمر من جهة صعب التحقق ـ لكنه ليس مستحيلاً ـ في بلد ذي نظام رئاسي مستبد تتحكم به ثقافة قومية عروبية وطائفية إسلامية سُنّيّة بشعة، لكن لو حصل وتقبّل الفنان الكبير عادل إمام وأخذ بنصيحتنا وترشح للرئاسة، فإني متأكد أن غالبية الشعب سيقف مع ذلك الذي ينظر بعين المساواة إلى المصريين دون أن يُميِّز بين المسلم والمسيحي أو البهائي أو العربي وغير العربي، فهذا الفنان وخلال أكثر من عمل فني مثل (الزعيم) و(حسن ومرقص) وغيرهما كثيرًا، أظهر وعيه الكامل لثقافة المواطنة والوطن وأن مصر يجب أن تكون للمصريين ـ حاملي الجنسية المصرية ـ أولاً وأخيرًا.
الأمر الذي يجعل التغيير صعبًا هو هيمنة ثقافة الظلام الإسلامية (عادل إمام جسد هذه الثقافة الخطرة في أكثر من عمل كالإرهابي والإرهاب والكباب وطيور الظلام) هذه الثقافة الظلامية التي ترفض النظام في خطاباتها لكنها تبقي عليه بفعل تبنيها للخطاب الدكتاتوري ووصمها للديمقراطية بأنها (مؤامرة غربية) كما أنها تعتبر دكتاتورية حسني وبطشه (عزة إسلامية)، بمعنى أنها استكبار طائفي واقعي للمذهب السني الذي هو في طريقه إلى الانقراض على المدى المنظور.
لكن لو قرر عادل إمام أن يخرج إلى الشعب؟، وأنا هنا أدعو كل الأحرار في مصر إلى التظاهر لدعوته للترشح لانتخابات الرئاسة والخروج من نفق الدولة الحُسنيّة اللا مباركة المظلم والبدء في الانضمام إلى صف الأمم الراقية والعصرية، ولا تنسوا أن رئيس أعظم دولة في العالم وهي أمريكا خلال الثمانينات والذي أنهى الاتحاد السوفيتي كان رونالد ريغان Ronald Reagan وهو ممثل سينمائي، وكذلك حاكم ولاية كاليفورنيا أرنولد شيواردزينيغر Arnold Schwarzenegger هو أحد أشهر الممثلين في العالم وله دور كبير في إدارة سياسة هذه الدولة وتوجيه الشعب نحو مواقف معينة، ولولا أن الدستور الأمريكي يمنع المواطنين الذين لم يولدوا في الولايات المتحدة للترشح للرئاسة لكان هذا الممثل الشهير أحد أشهر رؤساء الولايات المتحدة، فكونه ممثلاً وفنانًا لم يمنع ـ بل له تأثير ـ من أن يكون له رأي وموقف وثقافة سياسية، فالممثل، دونًا عن أنواع أخرى من الفن، له ارتباط وثيق بالجمهور والشعب عمومًا يعرف عن فنانيه أكثر من أي قطاع آخر.
وقد يقول قائل: وما علاقتك أنت العراقي بمشاكل الشعب المصري.."؟
و الجواب هنا هو أنني لا أؤمن بالتدخل في شؤون الآخرين ـ باستثناء المساعدة والتدخل الإنساني ـ ولا أؤمن بأخوة أو أشقاء على أساس قومي أو طائفي، لكن مصلحة العراق الديمقراطي التعددي الجديد أن يكون جيرانه متبنين لثقافته التي من أولوياتها الإنسان والفرد والحرية وحق الشعب في تغيير ومحاسبة ممثليه ورؤسائه، هذه العوامل ستجلب للمنطقة الرفاهية والسلام والاستقرار وبذلك نضمن المستقبل، وأخيرًا نتمنى من الفنان عادل إمام أن يخرج ثقافتنا من عزل الشعب والفن عن السياسة وسيكون انتخابه خطوة جبارة نحو التغيير الحقيقي والفعلي.
sohel_writer72@yahoo.com
http://www.copts-united.com/article.php?A=11540&I=297