أنطونى ولسن
بقلم: أنطوني ولسن
أعرب الاستفتاء الشعبي الذي أجري في سويسرا عن رفض الشعب السويسري بناء مآذن للمساجد، وكانت نسبة الرفض 57.5%، والاستفتاء شعبي لا حكومي، وهذا له دلالاته الواضحة لأنه يوجد فارق كبير بين قرار الحكومة ورأي الشعب. قرار الحكومة دائمًا يصدر سياسيًا، والقرار السياسي يمكن أن يكون سياسيًا يخص الاقتصاد الخاص بالبلد أو اجتماعيًا أو حتى دينيًا طالما وافقت عليه الغالبية البرلمانية التي المفروض فيها أنها تعمل من أجل رفاهية الوطن.. الذي انتخب شعبه هؤلاء البرلمانيين. أما رأي الشعب فيكون نابعًا من تجارب وأحاسيس يتعايشها الفرد العادي كل يوم وعلى مدار الأيام والسنين لا شك أصبحت له رؤية وأصبح لديه فكرة ثاقبة ومحددة تجاه ما سيدلي برأيه به في استفتاء عام. وهذا ما حدث بالفعل مع الشعب السويسري.
من الطبيعي جدًا أن يشهد العالم معارضات ضد التصويت، خاصة أن العالم الغربي يؤمن بالحرية ويكاد يفضلها على الأديان. ولا نستنكر على المسلمين حكومات وأفراد وهيئات أيضًا المعارضة وشجب الاستفتاء، وقد نرى قريبًا خروج تظاهرات في الدول الإسلامية خاصة والعالم أجمع عامة تهتف بشجب القرار لا بسقوط الحكومة بالطبع. ويزيد على ذلك تهديد الحكومة الألمانية بطرد أئمة المساجد من ألمانيا بعد أيام معدودات لاستطلاع الرأي الذي صوت عليه الشعب السويسري في عدم بناء مآذن للمساجد.
وهنا تأتي الإجابة على عنوان المقال "لماذا الخوف يا وزيرة خارجية سويسرا؟".. ببساطة لأنها ترى في قرارمنع المآذن أنه يُعرض بلادنا للخطر.. هكذا قالت. وأيضا قالت في اجتماع المجلس الوزاري لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا "إنه إساءة إلى تعايش مختلف الثقافات والديانات يعرض أمننا للخطر لأن الاستفزاز قد يستدعي استفزازات أخرى والإهانة تؤجج التطرف". ولها الحق كل الحق في مخاوفها، لأنها وزيرة تهتم برفاهية وطنها ولا تريد له الخراب والدمار الذي يستخدمه الإرهابيون ضد كل من يعارض أو يتعارض مع مصالحهم داخل البلاد التي يتواجدون بها سواء كانت بلادًا إسلامية أو غير إسلامية. والدمار هو السلاح المسلط على رقاب العالم من الإرهاب هذه الأيام.
لكن هل نسيتي سيدتي الخراب والدمار الذي حدث لبلدك وللعالم في وقوفكم ضد الفاشية والنازية؟ لقد عم الدمار أوروبا بأكملها وقاست الشعوب الأوربية الأمرين من تلك الحروب من أجل الحرية التي يتفاخر بها جميع أبناء الدول الديمقراطية وهي التي أخذت العالم الغربي إلى النهوض والتقدم والرقي. فهل تريدين استبدال فاشية ونازية بشرية.. بفاشية ونازية تتوارى خلف عباءة الدين وباسم الدين وباسم الله -الذي هو الخيروالحب والسلام الذي حولوه إلى إله إرهاب- حيث لا يمكن أن تعترضي على أي قرار يتخذونه كما تعترضين الآن؟ وأرجو كل من يعارض ويخاف أن يقرأ التاريخ قراءة محايدة وتأثير العرب على العالم بالسلب وليس بالإيجاب. ولكم في دول العالم الإسلامي العربية والإسلامي غير العربية ووضع الأقليات الدينية به مثالاً حيًا حتى هذه اللحظة. فهل سيدتي وزيرة خارجية سويسرا تريدين لأبناء وطنك أن يحدث لهم ما يحدث لأبناء الآخرين الأقلية؟ ستقولين لي نحن لسنا أقلية. أرد عليك وأقول ستصبحون أقلية إن شئتم أم أبيتم، لأن هذا أحد أهم بنود الإرهاب.. التكاثرفي أي مكان يتواجدون به، وبأي وسيلة شرعية أو غير شرعية. فأيهما تفضلين التهديد بالخراب والدمار الذي يمكن التصدي له بإيقاف كل مد يهدد ما تتمتعون به الأن قبل فوات الأوان؟ أم الخوف وليحدث ما يحدث بعد ذلك؟
هذا متروك لك ولحكومتك الرشيدة وللشعب الذي دل على وعي لما يحدث في عقر داره، وأيضًا لشعوب العالم الحر الذي واجه الديكتاتورية بكل شجاعة وعزم وقوة.
على هامش هذا الموضوع.. فقد استفزني تعليق السيد عمرو موسي الأمين العام للجامعة العربية في تصريحه عن الاستفتاء الذي وافق عليه 57.5% من السويسريين الأحد على منع بناء المآذن في سويسرا بالقول "يمس حقوق المواطنين والمقيمين الذين يتدينون بالدين الإسلامي". ما هذا القول يا رجل؟!! نسمع صوتك مجلجلاً في كل أمر ماعدا ما يخص وطنك الذي يريد البعض ترشيحك للرئاسة. أين أنت يا أمين عام جامعة فاشلة لم تستطع حل ما هو يشكل أخطارًا حقيقية على المجتمع العربي المفكك؟ وأين أنت وجامعتك من الانتهاكات التي تتخذ ضد الأقليات المسيحية والبهائية والنوبية وأيضًا البدوية في مصر وفي الدول العربية التي أنت أمين عام جامعتها؟ كيف يا رجل تستحل أجرك الذي تتقاضاه دون أن تنجز شيئا تستحق عليه الأجر؟ كيف؟!!.
تعليق آخر على ما صرح به المجلس العلمي الأعلى بالمغرب في بيان أصدره أنه "يستنكر هذا التوجه مهما كان مصدره ويرى فيه نوعًا من أنواع التطرف والإقصاء، مستغربا لهذا الموقف الذي يجده مناقضًا للصورة الحضارية التي للمسلمين عن سويسرا..".
صدقت أيها المجلس الأعلى بالمغرب في بيانك الذي أصدرته. إن هذا الموقف الذي اتخذه الشعب السويسري حقًا وحقيقة وبالفعل مناقضًا للصورة الحضارية التي للمسلمين عن سويسرا، لأنكم تعودتم واستمرأتم قولة أمين. وأنكم رأيتم في الحرية والديمقراطية في الغرب نقطة ضعف فأردتم استغلالها أسوأ استغلال للانتشار.. في بداية الغزوات استغل العرب ضعف الإمبراطوريات التي كانت في ذلك الوقت وأطاحت بالسيف رقاب الشعوب واحتلتها وحولتها إلى ما هي عليه الآن، والآن يستغلون الحريات في العالم الغربي ويدعون أن هذا العالم صار عالمًا ماجنًا فاسدًا بعيدًا عن عبادة الله وأنكم أنتم ستصلحون من حالهم وتجعلونهم يعبدون الله الحق.
حقيقة اللي اختشوا ماتوا.. ائتوني أيها السادة ببلد عربي لا ينخر فيه سوس التعصب والاضطهاد والكُره والبغضاء والرياء والنفاق والكذب وأنا والعالم الغربي وغير العربي نؤمن بما تقولون وتنادون به. لقد فشلتم فشلاً مروعًا في إقناع أبسط البسطاء بأنكم حقا تريدون الخير للإنسانية، لأنكم لم تقدموا شيئًا واحدًا يفيد الإنسان إن كان في أوطانكم أو في أي مكان.. فقط لقد قدمتم الدمار والخراب ودماء أبرياء. فهل تستحون وتعرفون الله الحق والحياة والحب ؟؟!!!.
أشك في ذلك!!.
http://www.copts-united.com/article.php?A=10842&I=281