بولس رمزي
بقلم: بولس رمزي
في كل من ديروط وملوي وفرشوط روعوا الآمنين من الأقباط وحُرقت ممتلكاتهم ونُهبت ثرواتهم وحُرقت ودُمرت أماكن عباداتهم، والدولة ودن من طين والتانية من عجين ولا هم سوى لأحداث مباراة الجزائر وتبعاتها، بالرغم من أن ما حدث في الخرطوم هو نتيجة طبيعية لتقصير أجهزة الدولة، كما أن كل هذا الترويع الذي تعرضت له الجماهير المصرية في الخرطوم لا يرقى إلى واحد في المائة مما يتعرض له أقباط مصر من ترويع في صعيد مصر، لكن المؤلم لم يكن هذا الترويع على أيادي الجزائريين أو السودانيين بل الذين يروعونهم هم اخوتهم وشركاؤهم في الوطن من المسلمين.
ولمناقشة هذا الموضوع من خلال محورين رئيسيين هما:
أولاً - شبهة التشابه
ثانيًا- سياسة الكيل بمكيالين
ولمناقشة هذين المحورين علينا أولاً توصيف المشكله وتوضيح الكثير من المتشابهات الغريبة في هذا الموضوع، وكذلك الأمر سياسة الكيل بمكيالين التي تمارسها الدوله عندما يكون فيها الطرف المتضرر هو الطرف القبطي.
أولاً – شبهة التشابه
مما لا شك فيه هناك العديد من علامات الإستفهام حول تشابه تلك الأحداث وترابطها بشكل غريب ومريب يدعو إلى التأمل والتفكير كثيرًا حول تلك الأحداث، ومن بين هذه التساؤلات:
1- التشابه الأول: عندما نبحث عن أسباب تلك الأحداث المؤسفة التي تعرض لها الأقباط في كل من ديروط وملوي وفرشوط، نجد أن السبب واحد وهو علاقه بين شاب مسيحي وفتاة مسلمة، أليس هذا الأمر غريبًا أن تظهر مثل تلك العلاقة على فترات متلاحقة وبالذات في صعيد مصر المعروف عنه الحمية والغيرة العنيفة على الشرف؟ ولماذا هذا التوقيت بالذات؟ وهنا لا بد من الإجابه عن هذه التساؤلات وغيرها:
أ- هناك مخطط كبير لإدخال مصر في متاهة الفوضى الطائفية، ومن المعروف للجميع داخل وخارج مصر أن أهالي الصعيد لديهم بعض القيم والمفاهيم الخاصه بهم التي تصل إلى حد القتل فيما يُعرف بجرائم الشرف، وفي الغالب تقتصر الجريمة على أهل الفتاة التي ارتكبت الفعل الفاحش، لكن عندما تكون الفحشاء بين مسلمة وغير مسلم فإن الجريمة هنا تتحول من جريمة شرف ارتُكبت في حق أسرة الفتاة إلى جريمة شرف ارتُكبت في حق كل مسلمي القرية وتثير حفيظة جميع أهالي القرية سواء كانوا متعلمين أو أشباه متعلمين أو رجال دين أو حتي رجال القانون أنفسهم، فالجميع يثورون ويستنهضون للزود عن كرامتهم التي اهدُرت بين أحضان هذا الشخص الغير مسلم، وبالتالي تم استغلال علاقة مُدبرة لبنت ساقطة أخلاقيًا من أجل استدراج شاب قبطي ساقط أخلاقيًا لاستخدامها كذريعه لاستنفار أهالي القرية المسلمين لمعاقبة أقباط القرية جميعًا عن جرم لم يرتكبوه بل ارتكبه شاب فاسد مع فتاة فاسدة والإثنان لا يمتان بصلة للإسلام أو المسيحية، لأن من يرتكب هذا الجرم لا يمكن أن يكون مسيحيًا أو مسلمًا، لكن تركوا فجور البنت وهروب الشاب وانتقموا من كل الأبرياء في القرية ومن ممتلكاتهم ومشروعاتهم وكنائسهم، والغريب في الأمر فإننا نجد أن هناك منشروات تُوزع في القرية، وعندما قرأت إحدى تلك المنشورات تبين لي أن هناك يدًا خفية تلعب في الداخل المصري لأنه لا يمكن لأهالي قرية بسيطة يسكنها بسطاء أن يكتب مثل تلك المنشورات التي من أسلوبها يتضح لك أنه أسلوب الإخوان المسلمين التحريضي.
ب- أما بالنسبه للتوقيت فقد سبق للسيد هيكل المتحدث الرسمي لهؤلاء المحرضون بأن مصر بالتاكيد سوف تشهد فوضى عارمة إذا لم يؤخذ بمقترحاته ونصائحه، وهذه بشائر الفوضي العارمة التي بشرنا بها السيد هيكل على صفحات جريدة المصري اليوم.
ج– تكرار الأحداث في كل من ديروط وملوي وفرشوط بنفس السيناريو، الأمر الذي يؤكد لنا أن تلك الأحداث مُدبرة ومُخطط لها سلفًا وليست أحداثًا عشوائية بل هو سيناريو محسوب.
د– لماذا يكون الأقباط ضحايا هذه الفوضى؟ لأنهم يعلمون جيدًا أن أي حادث ضد الأقباط سوف تتناوله وكالات الأنباء وسوف يضع الدولة في حرج دولي كبير، ودائمًا وأبدًا يستخدمون الأقباط كورقة للضغط، فالجميع يستخدمون الأقباط ورقه للضغط بما فيهم الحكومة المصرية ذاتها، حتى الإدارة الأمريكية تستخدم الأقباط كورقة ضغط.
2 – التشابه الثاني: الأحداث المؤسفة التي تعرض لها مشجعي الفريق المصري في الخرطوم، وهنا يتضح لنا المخطط واضحًا، فإن ما تعرض له المصريين في كل من الجزائر والخرطوم نجد أنها تمت بنفس الطريقة التي تعرض لها أقباط مصر في الصعيد، فقد تم ترويع المصريين الآمنين في الجزائر وتدمير وحرق ونهب ممتلكاتهم بنفس الطريقة والأسلوب الذي تم في الصعيد، كذلك الأمر في الخرطوم تم ترويع المصريين وتدمير ممتلكاتهم هناك بنفس الطريقة والأسلوب، الأمر الذي لا يدع مجالاً للشك أن هناك أيادي خارجية تعبث في حق المصريين داخل وخارج البلاد، فنجد ما يلي:
أ- إثارة الشعب الجزائري بإشاعة أن هناك قتلى للمشجعين الجزائريين في القاهرة، الأمر الذي أثار حفيظة الجزائريين ضد المصريين هناك وممتلكاتهم، نفس السيناريو وهو وضع الجماهير تحت ضغط الإثارة وتوجيهها نحو الهدف.
ب- استدراج السودانيين -أو تحييدهم على الأقل- لاستكمال المخطط الرامي إلى كسر الكبرياء المصري، ونجحوا في استمالة تعاطف السودانيين من خلال الرسائل الموجهة لشحن وتحفيز السودانيين ضد كل ما هو مصري، ولم تذكر لنا وسائل الإعلام المصرية أن أعدادًا هائلة من جريدة الشروق وزعت على مدار اليومين السابقين لمبارة أم درمان وما تحويه هذه الجريدة من تحريض مباشر ضد مصر والمصريين، ولا يفوتني أن هذه الجريدة وُزعت مجانًا على السودانيين.
3 – جميع النخبة والمثقفين المصريين أدانوا الأحداث التي تعرض لها المصريون وممتلكاتهم في الجزائر والخرطوم فيما عدا جماعة الإخوان المسلمين التي التزمت الصمت، وعندما نطقوا تكلموا عن التهدئة وخلق أجواء المصالحة لكن لم تصدر منهم كلمة إدانة واحدة.
4 – مما تقدم يتضح لنا أن ما تتعرض له مصر داخليًا وخارجيًا ما هو إلا مخطط إيراني تشترك فيه بعض القوى الداخلية.
ثانيًا – سياسة الكيل بمكيالين
تم الاعتداء على أقباط الصعيد وحرق ممتلكاتهم ومقدساتهم، ونُهبت ثرواتهم ولم نسمع عن تحرك جديًا من الدولة للقضاء على هذا المخطط، ولم نسمع اعتذارًا واحدًا لما تعرض له الأقباط من إهدار كرامتهم وإزهاق أروحهم، لماذا تطالب الدولة حكومة الجزائر بالاعتذار وهي لم تقدم للأقباط اعتذارًا عما تعرضوا له؟ ألم يكن الأقباط لهم حق على الدولة حمايتهم والدولة هي التي قصرت في هذا ووجب عليها الاعتذار هي الأخرى؟ كما تطالب الدولة الجزائر بتعويضات عن ما لحق بالممتلكات المصرية للتخريب، فالأقباط أيضًا يطالبون الدولة بتعويضهم عن الخسائر الناتجة عن أعمال النهب والقتل والتدمير والتخريب التي تعرض لها أقباط مصر من إخوتهم المصريين.
http://www.copts-united.com/article.php?A=10727&I=279