الأب طوني خضره: الإعلام المسيحي رسولاً في مجتمعه (1-2)

مارغريت خشويان

من خلال نشأتى المسيحية تعلمت كيفية العيش في جهاد مستمر.
بقدر ما يتذوق الإنسان الموسيقى يصير طبيعيًا أكثر.
الخطاب الديني حاليًا كلاسيكي يصلح أكثر للمتحف.
إعلامنا بالشرق يبعد كثيرًا عن خدمة الإنسان والقضايا.
الكهنوت منحني فرصة كبيرة لتقاسم الأحزان والأفراح مع الناس.
حوار: مارغريت خشويان

الأب طوني مع المحررةطوني وديع خضره رئيس الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة من مواليد بشري – محافظة الشمال في 7/4/1961، نشأ في عائلة مسيحية كبيرة مؤلفة من 13 ولدًا وتربي فيها على قيمة التضحية، وعاش في منطقة بعيدة جدًا عن بيروت حيث لم يكن لا دولة ولا كنيسة تصل إليه،ليعيش كما كان المسيحيون المتمسكون بالقيم والأخلاق المسيحية الأصيلة.....ألتقينا معه لنتعرف على جوانب خدمته الإعلامية والروحية في عالمنا فجاء اللقاء ثري كشخصية الضيف.

** ما هى القيم التي أضافتها نشأتك الدينية لشخصيتك؟
 ومن خلال هذه التربية اكتشفت قيمة العيش في جهاد مستمر، تلقيت دروسي الابتدائية في مدرسة صفره الرسمية – دير الأحمر في البقاع، بعدها انتقلت إلى المعهد الأنطوني في بعبدا حيث تخرجت منها حائزًا على البكالوريا اللبنانية –القسم الثاني– فرع الفلسفة.
 ونظرًا إلى طموحنا نحو الأفضل تكوّنت عندي رؤية للمستقبل.. كيف نكون –كمسيحيين- جماعة واحدة، وكيف نكون متضامنين، لدينا استراتيجية معينة تحفّزنا للتفكير بكل مسيحي أينما كان في لبنان أو في الشرق الأوسط.
 في هذه الحياة التي عشتها مع أهلي واخوتي وأنا أكبرهم اضطررت في عمر 10 سنوات أن اعمل أجيرًا عشت في مجال البناء. كانت حياة الضيعة تسعدني لأنها عائلة واحدة، في الفرح والحزن للجميع، وبالتالي دفعتني كل هذه القيم التي حملتها في حياتي مواطنًا وراهبًا إلى أن أكون الأخ والعامل والإنسان الذي يضحي كما والديّ. كل هذا ولّد فيّ نوعًا من المجانية وعدم الأنانية.
 
* حدثنا عن دعوتك الكهنوتية؟
- في الحقيقة، أتيت إلى الدير ولم أكن أعي كثيرًا الحياة ولكني لست نادمًا أبدًا، وإذا خيّرت أن أعود إلى الماضي لكنت اخترت نفس الطريق، لأنه لديّ إحساس أني أب لكل الذين أعمل معهم. أحس أن هذا الحب الكبير الذي أوجده الله في حياتنا أستطيع أن أعيشه مع عائلة كبيرة وليس فقط ضمن عائلة صغيرة. هذا واقع يومي أعيشه مع العالم، وبالتالي كل إنسان مدعو في حياته ومعموديته إلى الرسالة، الأم التي تربي أطفالاً وتدعوهم للأعمال الصالحة مثلها مثل الراهب والكاهن مدعو أن يكون ناجحًا في رعيته. لا يجب أن نميز بين دعوة ودعوة، بين علماني ومكرس. الذي لديه 5 وزنات كحامل الوزنتين يجب أن تكون وزنته ملآنة من عمل الله. لهذا السبب أحسست أن الله دعاني ليس لأكون أبًا لعائلة صغيرة بل لأن أصل من خلال عملي الكهنوتي إلى أكبر عدد ممكن من الناس. أعرف أن العيش في الجماعة يغني، ولهذا السبب وعيت لاحقًا صوابية اختياري للرسالة الكهنوتية. وبعدها تحققت من هذا الأمر وتبنّيته. عندما تمسحين دموع الناس كل يوم، تنظرين وتلاقين نفسك وحيدة، عندها تكونين بحاجة إليهم. من هذا المنطلق أحسست أنني فرحان بدعوتي. هي صليب وفرح أتقاسم فيها الأحزان والأفراح مع كل الناس، وأستطيع أن أصل إليهم بطريقة أسهل.
 الكهنوت قضية مهمة كثيرًا بالنسبة لي، فمن خلاله أستطيع أن أصل لكل الناس وأشاركهم في كل ما يشعرون به من أحزان وأفراح.
 
الأب طوني مع المحررة* حدثنا عن الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة في لبنان، ما هي مهمته وما هو هدفه؟
- تأسس الإتحاد في العالم سنة 1927، وكانت فترة تحضيرية للحرب العالمية الثانية، وقتها كان يقول هتلر لوزير الإعلام "لا أريد أن يرى أحدًا إلا صورتي ولا يسمع إلا صوتي"، في هذه الفترة انطلق الإتحاد برعاية الفاتيكان كي لا يخلقوا إعلامًا للحرب بل إعلامًا للسلام. تجمعت المؤسسات الإعلامية الكاثوليكية الغربية في أوروبا وأنشأت الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة. لكي تقول أنه في مقابل طرح شعار "الإعلام للحرب"، نطرح شعار "الإعلام للسلام". وهكذا بدأ الإتحاد بتحديد أخلاقية الإعلام، وهذه الاخلاقية مهمة كثيرًا، وأصبحت تدرَّس في الجامعات. استعمال الإعلام المسيحي للبشارة دعم الإعلاميين المسيحيين في مكان وجودهم لكي يمارسوا رسالتهم، وضرورة الوقوف معهم ودعمهم، دعم كل ما يمكن أن يقوّي الإعلام المسيحي والإعلاميين المسيحيين توجيههم وتدريبهم على أن يقوموا برسالتهم. هناك الكثير من المغريات في العالم ويجب تحصين الإعلامي ضدها. يعمل الإتحاد على الإنسان الإعلامي المسيحي أو أي إعلامي آخر لكي يكون رسولاً في مجتمعه.
يقول البابا يوحنا بولس الثاني في رسالته في مناسبة اليوم العالمي للإعلام في العام 2000: الإعلامي هو شاهد للمسيح ولسنا بحاجة بعد اليوم إلى معلمين بل إلى شهود. هدفنا الأساسي في الإتحاد هو أن يكون الإعلامي شاهدًا في مؤسسته وحيث هو حتى يخدم خير المجتمع ويخلق رأيًا عامًا صحيحًا. ونحن اليوم في لبنان نعاني كثيرًا من هذا الموضوع، يجب أن يكون لدينا إعلاميون مسيحيون يسعون إلى خدمة وخير المجتمع، ويكونوا خير رسل في حقلهم. دور الإتحاد هو في ان يفعّل عمل الإعلاميين المسيحيين لكي يقوموا بدورهم الإعلامي والرسولي في المجتمع.