صبحي فؤاد
بقلم / صبحي فؤاد
في معظم دول العالم - بإستثاء الدول الديكتاتورية- إذا سافر رئيس الدولة او أحد كبار المسئولين خارج بلادهم فإنهم يطلعون شعوبهم على دوافع وأسباب الزيارة والنتائج التي تحققت بعد إتمامها، وليس هذا فحسب، وإنما أيضاًَ تكاليف الإقامة والأكل والشرب والترفية تحاط الجهات المسئولة في هذه الدولة علماًَ بكل تفاصيلها، لأنها تدفع من أموال دافعي الضرائب.
في الدول الديمقراطية كل برامج ولقاءات وتحركات وسفريات الرؤساء وكبار المسئولين لا تتم في الخفاء والسرية، وإنما كل شيء يتم في العلن، ومعروف وواضح مثل شمس النهار، لأن الحاكم وكبار رجال الدولة في هذه الدول يعتبرون موظفين عند الشعب، ولا يعتبرون أصحاب عزب او بيزنس يديرونها على مزاجهم وبالطريقة التي تعجبهم.
وإذا قارنا بين ما يحدث في مصر والدول الديمقراطية فإننا - عكس ما يحدث في الدول الديمقراطية - نجد الرئيس مبارك وكبار رجال الدولة يتكتمون على تفاصيل زيارتهم إلى خاج البلاد، كما لو أن الأمر يخصهم وحدهم فلا يقولون للشعب المسكين لماذا يسافرون، وما هي الأهداف، ومبررات الزيارات المتكررة التي يقومون بها خارج البلد، وكم تكلفة هذه الزيارات التي تدفع من أموال دافعي الضرائب في مصر!!
إننا كثيراًَ ما نفاجىء بخبر يقول أن الرئيس مبارك او الوزير الفلاني سوف يقوم بزيارة السودان او الأردن او السعودية او أى دولة أخرى بدون أن نعرف أي تفاصيل اخرى عن هذه الزيارة اسوة ببقية شعوب الدول المتقدمة.
منذ أيام قليلة توجة إبن الرئيس مبارك "جمال" لزيارة الولايات المتحدة الأمريكية بدون أن يكلف خاطره ويقول لنا ما هي أسباب هذه الزيارة، وما هي الأهداف التي كان يسعى لتحقيقها، وهل تحققت ام لا؟؟ ولماذا أحيطت زيارته بالسرية والغموض؟؟
إن الشعب المصري من حقه أن يعرف لماذا كان إبن الرئيس "جمال مبارك" في زيارة لأمريكا، لأنه ذهب إلى هناك بصفته الحزبية الرسمية، ولم يكن في زيارة خاصة لقضاء عطلة نهاية الاسبوع او أجازته السنوية.
لقد أعطى الغموض الذي أحاط بزيارة "جمال مبارك" لأمريكا الفرصة للكثيرين لترويج الإشاعات، وترديد القصص، وإطلاق الفتاوى التي كانت من بينها أنه ذهب إلى هناك لأخذ موافقة الإدارة الأمريكية الجديدة على توريثه الحكم خلفاًَ لأبيه، وآخرى تقول أنه ذهب لإستئذان أوباما وإدارته لكى يترك حكم مصر لعصابة الإخوان المسلمين!!
إن الشعب المصري من حقه أن يعرف على سبيل المثال، لماذا رفض الرئيس مبارك طيلة ال 28 عاماًَ الماضية التي أمضاها في حكم مصر أن يعين نائباًَ له، وما الذي يخيفه او يقلقه لوجود نائب له؟؟ وهل حقاًَ لم يعين نائباًَ له لإتاحة الفرصة أمام إبنه لكي يخلفه في الحكم؟؟
لا شك ان من حق الشعب أن يعرف من الذي سيتولى الحكم في مصر إذا رحل الرئيس فجأة، او صار غير قادر على العمل لتقدمه في السن، إن هذا الأمر الخطير، يهم كل فرد من أبناء شعب مصر في الداخل والخارج، وليس أمراً يخص الرئيس وحده او أسرته او الولايات المتحدة الأمريكية او إسرائيل او القلة القليلة المحظوظة من المحيطين به.
إننا بقدر ما نحترم الرئيس مبارك ونقدر إنجازاته الكثيرة إلا إننا لا نعتبره من المقدسات، وإنما إنسان مثل كل البشر، عكس ما قال سفير مصر في إسرائيل، إننا نعتبره موظفاًَ عند الشعب المصري لإدارة شئون مصر، وكل ما نأمله قبل إنتهاء فترة حكمه بعد عاميين، أن يعطى شعبه الحرية الكاملة وفرصة حقيقية لإختيار من سيخلفه.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=1048&I=29