عماد توماس
حافظ أبو سعدة: الصحفيون والإعلاميون يواجهون صعوبات جمة في الوصول إلى المعلومات والحصول عليها
عصام شيحه: ليس هناك ملامح واضحة للمشروع
فريدة النقاش: ضرورة إلغاء حالة الطوارئ وإعادة النظر في مشروع قانون الإرهاب المقترح
ماجدة موريس: عدم صدور هذا القانون يسيء إلى مهنة الصحافة
أبو العز الحريري: الحكومة تعرقل الجهود الدولية لتنفيذ بنود اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
كتب: عماد توماس - خاص الأقباط متحدون
اتفق عدد من الصحفيين والإعلاميين والقانونيين وبعض ممثلي البرلمان ومتخصصي نظم المعلومات ونشطاء حقوق الإنسان على تأسيس تحالف مصري لحرية المعلومات وتداولها مرجعيته المعايير الدولية، على أن تعد وثيقة تأسيسية للتحالف متضمنة أهدافه وآليات عمله ومعايير الانضمام له، وصولاً إلى مشروع قانون لحرية المعلومات وتداولها يعكس المعايير الدولية في المجتمعات الديمقراطية، مطالبين الحكومة بإعلان مشروع القانون الذي تعده في هذا الإطار للرأي العام وإدارة حوار مجتمعي بشأنه.
جاء ذلك في ختام الحلقة النقاشية التي عقدتها المنظمة المصرية لحقوق الإنسان بالتعاون مع مركز حرية الإعلام بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا - المغرب، بدعم من مؤسسة "بايستر" التابعة لجامعة كاليفورنيا، تحت عنوان "نحو مجتمع معلوماتي حر" أول أمس الأحد 22 نوفمبر 2009 بمقر المنظمة.
تقليل فرص الفساد
من جانبه، أوضح الأستاذ حافظ أبو سعده "الأمين العام للمنظمة المصرية" أن حرية تداول البيانات والمعلومات من الثوابت الأساسية لأي نظام ديمقراطي، كما تشكل أهم أدوات المواطنين من أجل ممارسة كامل حقوق المواطنة, وتأتي أهمية ممارسة المواطن لحقه في الحصول على المعلومات في تعزيز العلاقة المتبادلة بين الدولة والمواطن، وهي ما يجعل المواطن لديه اهتمام كبير في الحصول على المعلومات، والكشف عن مواطن الخلل والتجاوز والحد منها لشعور المواطن بأنه على علم بما يحدث، ومن ثم يقلل من فرص الفساد، مما يساهم في خلق بيئة مناسبة للتنمية المستدامة ولتكافؤ الفرص والعدالة، وصولاً إلى "مجتمع معلوماتي حر".
قوانين تجافي مبدأ حرية الحصول على المعلومات
أضاف أبو سعده أنه بمراجعة الواقع المصري نجد أن النظام القانوني قد حفل بالعديد من القوانين التي تجافي مبدأ حرية الحصول على المعلومات، ومن أمثلتها القانون رقم 121 لسنة 1975 والمعدل بالقانون رقم 22 لسنة 1983، وقرار رئيس الجمهورية رقم 472 لسنة 1979 بشأن المحافظة على الوثائق الرسمية وللدولة وتنظيم أسلوب نشرها. وهناك أيضًا القانون رقم 356 لسنة 1954، والقانون رقم 35 لسنة 1960 بشأن الإحصاء والتعداد، وقانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978، وقانون المخابرات العامة رقم 100 لسنة 1971.
مشيرًا إلى أن الصحفيين والإعلاميين يواجهون صعوبات جمة في الوصول إلى المعلومات والحصول عليها، والإطلاع على الوثائق والبيانات، والرجوع لمصادر الأخبار الرسمية وغير الرسمية على السواء، حيث تتذرع السلطات غالبًا بأمور غامضة مثل الحديث عن أسرار رسمية، أو معلومات تمس الأمن القومي، فضلاً عن قائمة المحظورات.
وأكد الأمين العام أهمية تأسيس تحالف مصري لحرية المعلومات وتداولها ليضطلع بمهام أساسية، أولها: مراجعة وتعديل جميع القوانين والإجراءات التي تعرقل عملية الحصول على المعلومات، لتتوافق مع المواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان والموقعة ومصدق عليها من قبل الحكومة المصرية وملزمة لها طبقًا للمادة 151 من الدستور، وثانيها: صياغة مشروع قانون لحرية تداول المعلومات يعكس المعايير الدولية في المجتمعات الديمقراطية، وثالثها: تنقيح البنية التشريعية المنظمة لحرية الرأي والتعبير عامة وحرية الصحافة خاصة إدخال تعديلات تشريعية على المواد التي تعاقب الصحفيين بالحبس في سائر القوانين المتصلة بالتعبير والنشر والطباعة الموزعة في قوانين عديدة، من بينها قانون المطبوعات وقانون العقوبات وقانون تنظيم الصحافة.
تفعيل دعوة الرئيس مبارك
وطالب أبو سعده بتفعيل الدعوة التي أطلقها الرئيس مبارك في ثنايا برنامجه الانتخابي فيما يخص سن قانون لحرية المعلومات وتداولها, مؤكدًا أن هذه الدعوة يجب العمل على تفعيلها ووضعها حيز التنفيذ, ويتكاتف في ذلك الجميع (الحكومة والبرلمان ومنظمات المجتمع المدني)، حيث لا بد من وجود قانون لحرية المعلومات و تداولها من أجل تفعيل ما يسمى ثلاثية (الشفافية ومكافحة الفساد والمساءلة).
وأشار الأمين العام إلى أن السويد كانت أول دولة في العالم تتبنى قانونًا يعطي المواطنين الحق في الحصول على المعلومات لدى الهيئات الحكومية، وهناك العديد من القوانين المعنية بحرية تداول المعلومات في دول العالم، ومن أمثلتها: قانون حرية المعلومات في الولايات المتحدة (1966) ، وقانون المعلومات في تايلاند (1997)، وقانون المعلومات في اليابان (1999)، وقانون الحصول على المعلومات في بلغاريا (2000)، وقانون تشجيع الوصول إلى المعلومات في جنوب أفريقيا (2001)، وقانون المعلومات في المكسيك (2002)، وقانون المعلومات في الهند (2003). ويمكن في هذا الإطار أن تقوم الحكومة المصرية بالاستعانة بالقانون البريطاني (2005) كنموذج، والذي بمقتضاه يكون "من حق أي شخص، بصرف النظر عن سنه أو جنسيته أو مكان إقامته، طلب الإطلاع على معلومات حكومية تهمه وكل ما هو مطلوب منه هو تقديم طلب خطي إلى الجهة المعنية محددًا المعلومة التي يريدها. ويلزم القانون الجهات المعنية بالرد على الطلبات في غضون 20 يومًا من تقديمها"، ولكن في ذات الوقت أوضح الأمين العام أن هناك أمورًا أو معلومات يجب الحفاظ عليها وحجب نشرها أو تداولها، وهذا يرجع للسلطات المختصة التي تقدّر حساسية تلك المعلومات وأهمية سريتها، وبالتالي فإن القانون ذاته يمكن أن يحفظ حق سرية هذه المعلومات، ولكنه يضمن من طرف آخر حرية الحصول على المعلومات الأخرى، خاصة إن سمح للمواطن اللجوء إلى السلطات أو القضاء للحصول على معلوماته فيما لو تمت الممانعة.
واتفق معه في الرأي أ. عصام شيحه "المحامي بالنقض وعضو الهيئة العليا لحزب الوفد" مؤكدًا أهمية الحاجة إلى قانون لحرية المعلومات وتداولها، في ضوء حيازة كل دول العالم لمثل هذه القوانين، بل وأن الدستور المصري نفسه يؤكد على الحق في امتلاك المعلومات، ولكن البنية القانونية تقيد هذا الحق.
مشروع به العديد من العبارات المطاطة
وأوضح شيحه أنه ليس هناك ملامح واضحة للمشروع الذي تعده الحكومة بشأن حرية المعلومات وتداولها سوى بعض التسريبات الصحفية التي تفيد بأنه مشروع لتقييد الحق في الحصول على المعلومات وليس في إتاحتها، ومن أمثلة ذلك عدم قدرة نائب مجلس الشعب الحصول على أي معلومة من الجهاز المركزي للمحاسبات، فالمعلومات التي ترد من هذا الجهاز تأتي إلى مجلس الشعب مباشرة، كما أن المشروع به العديد من العبارات المطاطة كالسلام الإجتماعي والوحدة الوطنية والشفافية والارتقاء بالمستوى الإعلامي والرسالة الإعلامية، والتحكم في البث الفضائي وفرض سلطة رقابة على البث المسموع والمرئي، وذلك في مخالفة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والتي صادقت عليه الحكومة المصرية وأصبح بموجب القانون جزءًا لا يتجزأ من دستورها الداخلي، كما يمثل المشروع انتهاك لما قرره إعلان الأمم المتحدة / اليونسكو / صنعاء 1966 الخاص باستقلال وتعددية مصادر الحصول على المعلومات، وإعلان ويندهوك 1991 وإعلان المأتا 1992 وإعلان سانتياغو 1994
مشروع غامض وإنشائي
من جانبها، أشارت أ. فريده النقاش "رئيس تحرير جريدة الأهالي" إلى وجود أكثر من مشروع قانون لتقييد حرية تداول المعلومات، فهناك مشروع قانون البث المرئي والمسموع، وآخر خاص بتداول المعلومات وهو الذي طُرح في المؤتمر السادس للحزب الوطني، وبمراجعته نجد أنه مشروع غامض وإنشائي، ولا نلمس فيه قضية حرية المعلومة وتداولها التي تناضل من أجلها مؤسسات المجتمع المدني ومن بينها المنظمة المصرية، مضيفة أن الحكومة تتجه إلى سن قانون جديد للإرهاب والذي سيفرض بدوره قيود عدة على الحريات، وبالتالي المشروع الجديد لحرية تداول المعلومات يندرج في هذا السياق.
وطالبت النقاش بضرورة إلغاء حالة الطوارئ وإعادة النظر في مشروع قانون الإرهاب المقترح لأنه سيقنن حالة الطوارئ ويجعلها حالة دائمة، وهذا يعد اعتداء على الحريات العامة والمواثيق الدولية التي وقعت عليها الحكومة.
وانتقدت رئيس تحرير الأهالي أسلوب تعامل الحكومة مع الصحف والأحزاب، مشددة على أنه هناك حذر من التعامل مع الصحفيين الممثلين لهذه الصحف ولا يتم منحهم المعلومات التي يريدون الحصول عليها، مؤكدة أهمية تأسيس التحالف المصري لحرية المعلومات وتداولها، وصولاً إلى مشروع قانون مقترح في هذا الصدد.
إساءة إلى مهنة الصحافة
أكدت أ. ماجدة موريس "نائب رئيس تحرير الجمهورية" أن عدم صدور قانون لحرية المعلومات وتداولها هو العلاقة السيئة بين الحكومة والصحافة بوجه عام، فالصحفي يتحول إلى مخبر لكي يحصل على المعلومة وقد لا تكون صحيحة أيضًا، فيقع تحت طائلة القانون.
وناشدت موريس بضرورة سن هذا القانون لأن عدم صدوره يسيء إلى مهنة الصحافة، ويجعلها مهنة لا تلتزم بشفافية المعلومات، وبالتالي يكون هناك قدر من التظليل بصدد ما ينشر. مشيرة إلى أننا نفتقد المعلومة فيما يخص مستقبلنا في ظل غيبة قانون المعلومات.
دستور جديد للبلاد
طالب أ. أبو العز الحريري "عضو مجلس الشعب السابق" بسن دستور جديد للبلاد وفقًا لما استقرت عليه الدول التي أخذت قدرًا من الحرية، وذلك قبل الحديث عن مشروع قانون لحرية المعلومات وتداولها، إذ ينبغي توفير البيئة السياسية المناسبة لهذا القانون، مع ضرورة أخد التجارب الدولية المطروحة في هذا الصدد محل الاعتبار، مؤكدًا أن مختلف المؤسسات والجهات الرسمية تحتكر المعلومة لنفسها ولا يحق لأحد الإطلاع عليها.
وأشار الحريري إلى عرقلة الحكومة الجهود الدولية بشأن وضع إطار مبدئي يخص تنفيذ بنود اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، مضيفًا أن الأمم المتحدة قد وضعت آلية لمراقبة تنفيذ بنود الاتفاقية، وإجراءات الدول الموقعة عليها وعددها 141 دولة في مكافحة الفساد، ويقضى هذا النظام بأن تكون المراقبة متبادلة بين الدول، بمعنى أن تكلف إحدى الدول بإعداد تقرير عن دولة موقعة على الاتفاقية، وتقوم الدولة الأخيرة بمراقبة دولة أخرى وهكذا، على أن تكون الرقابة خاصة بمدى توافر المناخ القانوني والتشريعي والإجراءات الكاملة التي تمكن من مكافحة الفساد وحماية المال العام. ووافقت مصر بعد ضغوط على مراقبة الدول الموقعة على الاتفاقية لإجراءاتها في مكافحة الفساد، لكنها اشترطت أن تكون التقارير الخاصة بذلك سرية، وهو ما رفضته الأمم المتحدة مؤكدة أن التقارير والإفصاح عن نتائجها جزء من ثوابت الاتفاقية القائمة على الشفافية الكاملة.
وطالب عضو مجلس الشعب السابق الحكومة بعلانية تقاريرها والتخلي عن مبدأ السرية إعمالاً للشفافية والمحاسبة، مؤكدًا أهمية تأسيس تحالف مصري لحرية المعلوماتية وتداولها بما يكفل إلى حد ما في مواجهة قضايا الفساد.
وفي نهاية الحلقة النقاشية، دعا المشاركون كافة مؤسسات المجتمع المدني والصحفيين والإعلاميين وكافة المعنيين بالأمر للانضمام للتحالف، على أن تشكل لجنة قانونية تتبع التحالف لسن مشروع قانون لحرية المعلومات وتداولها، وستعقد أولى اجتماعاته خلال الفترة المقبلة لصياغة وثيقة تأسيسية له تتضمن أهدافه وآليات عمله وعضويته.
http://www.copts-united.com/article.php?A=10427&I=272