إسحاق صبحى
بقلم: اسحاق صبحي
سجد منتخبنا الوطنى سجدته الأخيرة في أم درمان، وفشل في استغلال فرصة نادرة قلما تتكرر في الصعود إلى كأس العالم وأعاد الجماهير المصرية لعصر العقد الكروية من جديد.
هل يصلح فريق مثل منتخب الجزائر للعب في كأس العالم؟ الإجابة لا،
لو وقعت الجزائر في مجموعة الكاميرون أو نيجيريا أو حتى موزمبيق وبوركينا فاسو لغادرت التصفيات منذ زمن.
لماذا تعتبر مصر دائمًا البوابة الأمثل لعبور مثل هذه الفرق للمونديال؟
فرق مثل تونس والمغرب والجزائر لا تحقق إنجازات سوى عند ملاقاة المنتخبات المصرية فقط.
هل ينظر عرب إفريقيا لمنتخبات مصر على أنها فرق مغفلة لا يصح لها تحقيق الفوز عليهم؟
إذا أردتم الحقيقة فإن مصر لا تستحق الوصول إلى كأس العالم.
فبالنسبة لمنتخبنا فقد عاد متأخرًا جدًا إلى التصفيات بعد أن فقد 5 نقاط كاملة أمام زامبيا ثم الجزائر في بداية التصفيات، مانحًا الفرصة لمنتخب الجزائر لتصدر المجموعة من بداية التصفيات حتى نهايتها. لقد ظل المنتخب الجزائري في صدارة المجموعة لمدة 6 أشهر، لم يتذوق طعم الهزيمة إلا في المباراة الأخيرة في القاهرة.
معنى هذا أن الجانب الجزائري بدأ العمل مبكرًا دون صخب لتحقيق الهدف والحلم والأمل، وحافظ على حظوظه في التأهل على مدى شهور طويلة، ثم تذكر المنتخب المصري أن هناك تصفيات وكأس عالم بعد فوات الأوان.
منذ عشرون عامًا والمنتخب المصري يفشل في الصعود للمونديال لنفس الأسباب تقريبًا، التأخر في الإعداد والإدارة الفنية السيئة تهاون اللاعبين وارتكاب اخطاء فادحة في المباريات، تديين المباريات والاعتماد على الدعاء ونصرة السماء وكأن الجزائريون لا يستطيعون الدعاء مثلنا.
من يريد التأهل لكأس العالم لا يتعادل مع زامبيا في استاد القاهرة، كذلك لا يعود من الجزائر مهزومًا بثلاثية. هدف واحد في مرمى زامبيا بالقاهرة كان كفيلاً بصعود الفريق دون الحاجة لمباريات فاصلة أو يحزنون، إضافةً إلى ذلك كان لدى فريق مصر 180 دقيقة كاملة لتحقيق الفوز على منتخب الجزائر الضعيف في القاهرة أو الخرطوم وأضاع اللاعبون مباراتين كاملتين وسمحوا للوقت أن يتسرب من بين أيديهم وسط ذهول الجميع.
كان واضحًا جليًا منذ مباراة القاهرة عجز الفريق عن بناء هجمات أو إيجاد حالة مستمرة من الضغط على مدافعى الجزائر، وهو ما كان كفيلاً بإرباك الدفاع الجزائري وإتاحة الفرص لإحراز الأهداف، ودفع المنتخب ثمنًا غاليًا لإهدار الوقت في إرسال كرات طولية عقيمة بلا معنى، ولم يتمكن الفريق من التسجيل إلا حينما ضغط اللاعبون في نهاية المباراة فتمكن عماد متعب من التسجيل.
أما الخطأ الاكبر والذي يصل إلى حد الجريمة فهو نصب الاحتفالات بالتأهل مبكرًا، وهي عادة مصرية أصيلة وسبق أن تكررت بالكربون في كأس القارات منذ خمسة أشهر في الأيام التي سبقت مباراة المنتخب ضد أمريكا، فكانت الهزيمة الصادمة والمدوية والخروج بثلاثية أمام أمريكا بعد الأداء الجيد أمام البرازيل ثم إيطاليا.
خلق الإعلام المصري حالة احتفالية غير مسبوقة، واستغل المباراة تجاريًا وإعلانيًا أبشع استغلال مع إكساء كل هذا برداء الوطنية وحب مصر، وظل على مدى ما يقرب من الشهر يبث جميع الأغاني الوطنية التي تم تسجيلها على مدى الثلاثون عامًا الماضية وكأن البلاد تستعد لمعركة حربية لا مباراة كرة.
إن الاحتفالات الكبرى دائمًا ما تتبعها هزائم كبرى، فلا ينس أحد ما حدث في يونيو 1967 عندما ظل الإعلام المصري يمجد في شخص جمال عبد الناصر مرددًا شعارات سحق إسرائيل وإغراقها في البحر، وتم تهيئة الشعب للنصر الأكيد على مدى شهور ثم تلا ذلك الهزيمة النكراء والخراب والبكاء والعويل، تمامًا كما حدث في 18 نوفمبر الماضي أمام الجزائر في أم درمان.
لكى يعود منتخب مصر للانتصارات فيجب أن يعود أولاً فريقًا لمصر، يدافع عن ألوان بلاده، ومع احترامنا فإن تسمية منتخب الساجدين لا معنى لها ولا محل لها من الإعراب في قواميس الرياضة، فالفرق تتبارى في الملاعب لا المساجد ويفوز من يملك مهارات أعلى ولياقة أعلى وتركيزًا أكثر لا من يملك إيمانًا أقوى أو تدينًا أكبر أو من هو أكثر مهارة في الانحناء والسجود.
http://www.copts-united.com/article.php?A=10374&I=271