مجدى نجيب وهبة
بقلم: مجدي نجيب وهبة
يوم 14 نوفمبر خرج الشعب المصري عن بكيرة أبيه منذ ساعات الصباح الأولى لمؤازرة الفريق القومي لكرة القدم لتحقيق حلم المونديال لكأس العالم 2010.
ملحمة وطنية عزفتها الجماهير المصرية العظيمة لشحن معنويات اللاعبين والجهاز الفني للفوز بالمباراة، حلم ظل يداعب الـ 80 مليون مواطن والذى يتطلب إصرار الفريق القومي لتحقيق الفوز فى المباريات المتبقية جميعها بعد أن فقد في الدور الأول 5 نقاط بما فيهم الفوز خارج ملعبه أو داخل ملعبه، ولم تكن المهمة سهلة ولكن بإصرار العزيمة المصرية للفريق القومي سار الفريق القومي على درب الفوز حتى الوصول للمباراة النهائية بين مصر والجزائر، ولم يكن أمامه سوى حل واحد هو إما الفوز بهدفين والإحتكام إلى مباراة فاصلة، أو الفوز بـ 3 أهداف وقطع التذكرة فورًا إلى المونديال.
كانت مباراة في غاية الصعوبة تلعب فيها الأعصاب الدور الرئيسي في الفوز أو الهزيمة، خرج الشعب المصري العظيم (أطفال و نساء ورجال في سن الشيخوخة وفي سن الشباب) الجميع يهتفون بإسم "مصر" .... "مصر" ويحملون الأعلام، حقًا إنه جمهور عظيم، قالوا جميعًا "يارب" خرج الشعب المصري جميعًا غير مبالي لمشاكل المعيشة أو الأزمات أوالضربات الموجعة التي توجه إلى قلبه، ليصبح كالنسيم الذي يمتّع ... والقلب الذي ينبض بالحب ليثبت للعالم كله أن الشعب المصري يعشق تراب هذا الوطن مهما قست عليه الأيام والليالي.
بدأت المباراة، ولم تنقطع هتافات الجماهير ولم تمضي بضع دقائق ويضع عمرو ذكى الهدف الأول فى مرمى الجزائر لتشتعل المدرجات وتهتف ملايين المصريين وسط الدعاء الذي لم يتوقف " يارب"، وينقذ عصام الحضري عدة أهداف كادت أن تطيح بأمال الجماهير وينتهي الشوط الأول بهدف لمصر للا شيء للجزائر.
ويبدأ الشوط الثاني ولا بد من المحافظة على الشباك نظيفة وإضافة الهدف الثاني حتى نحافظ على هذا الحلم وتمر الدقائق سريعة وتتساقط حتى نصل إلى نهاية المباراة ويحبس الجميع أنفاسه ودموعه وتتوقف دقات القلوب ويتضرع الملايين إلى السماء، ويحتسب الحكم 6 دقائق وتمر تلك الدقائق ولم يتبقى على عمر المباراة سوى دقيقة واحدة، وتنشق السماء لتحقق المعجزة ويرسل الفنان الموهوب "سيد معوض" كورة إلى داخل منطقة الجزاء للجزائر وبرأس "عماد متعب" الذهبية يطير ليضعها داخل منطقة حارس المرمى ويفشل الأخير في صدها لتدخل الشباك وتحقق أغلى هدف للموهوب عماد متعب لتنطلق الجماهير المصرية غير مصدقة والجميع يبكي من الفرحة، وعادت القلوب تَدُب بها الحياة وتنتهي المباراة ليرقص العالم جميعًا في حب مصر ويتعانق الجميع.
وشارك المصريين الإحتفال بالفوز جاليات كثيرة وجنسيات عربية مختلفة في مقدمتهم السعودية والأردن ولبنان والسودان وغزة ودول أوروبية عديدة، ظهر إنتماء مصري بلا حدود، خرجت طاقات من التسامح والعطاء ودموع الفرح التي حملتها عيون المصريين، خرج الفرح من قلوب منكسرة بالهموم اليومية، والكوارث المعيشية التي خلقت حالة إنكسار وأزمة نفسية رافضة التحاور أو المناقشة ... أحزان بداخلنا تفوق الجبال.
أراد 80 مليون مواطن تحقيق النصر لغسل القلوب من الإحباط واليأس والفقر والجهل والبطالة والزبالة وأنفلونزا الخنازير ورغيف الخبز والخضار والفاكهة الملوثة بالكيماوي والإهمال الحكومي الدائم في تقديم الخدمات وتلويث مياه الشرب.
تناسى الجميع وتذكروا فقط لحظة الإنتصار التي تأخرت أكثر من 19 عامًا للتأهل للمونديال ... حقًا إنه شعب عظيم ...
وما أن إنطلقت صافرة الحكم بنهاية المباراة بفوز المنتخب المصرى 2/صفر، ليكون هناك مباراة فاصلة لتحديد الفائزوالذهاب للمونديال، إلا وإنطلقت آلاف الجزائريون في بعض الدول الأوروبية في صورة بذيئة وكريهة، بل وتهديد مئات العاملين المصريين بالجزائر وحرق مكتب مصر للطيران وشركة أوراسكوم وإتلاف أجهزة حجز الطيران وتحطيم مصنع الأسمدة بمدينة بوهران.
كما خرج الغوغائيين من شعب الجزائر في فرنسا يشعلون الحرائق في عديد من الأحياء كما أشعلوا الحرائق في 6 يخوت في ميناء مارسيليا وقاموا بتحطيم مكتبة "الألكازار" ومطعم الوجبات السريعة، كما تم حرق عدة سيارات وإحراق صناديق القمامة.... فهل وصل الغل بشعب الجزائر إلى هذا الكم من الحقد والكراهية "أن يستكثروا الفرحة على شعب مصر العظيم"؟، هل تناسى شعب الجزائر وحكومته وقوف الشعب المصري ومشاركته في الحرب من أجل إستقلال شعب الجزائر من الإحتلال الفرنسي؟! وهل شعب الجزائر تم إستغلاله عن طريق الشحن المستمر للإعلام المزيف والمُضلِل، والقنوات الفضائية الحاقدة على شعب مصر مثل (قناة الجزيرة) التي كان لها دور رهيب في إشعال الأحداث وتضخيمها بالتضليل والفبركة؟
أخيرا نقول إنها مباراة لكرة القدم وساعات قليلة وتقام المباراة الفاصلة، ولكني أردت أن أوضح لماذا كل هذه الكراهية التي تخرج من القلوب ضد شعب مصر العظيم ... لماذا كل هذه الشتائم والبذاءات التي تسيء إلى مصر والمصريين.
إنها لم تكن سوى مباراة في كرة القدم لتكشف زيف هذه العلاقات الهشة لنرفع الحناجر ونردد "أمجاد ياعرب أمجاد" ..... ومهما كانت النتيجة مسبقًا سواء كانت في صالح المنتخب المصري أم في صالح المنتخب الجزائري، فإن الذي حدث يجب أن نتأمله كثيرًا لنتدارك مدى الكراهية والحقد التي تدفع الآخرين إلى قذف هذا الشعب المطحون والعظيم الذي أعطى كثيرًا ولم يجني من وراء هؤلاء سوى الحقد والكراهية.
رئيس مجلس إدارة جريدة النهر الخالد
elnahr_elkhaled2009@yahoo.com
http://www.copts-united.com/article.php?A=10112&I=265