لطيف شاكر
بقلم: لطيف شاكر
في ندوة أقامها التيار المصري الفرعوني مؤسس الحزب المصري الليبرالي من خلال غرفة كيميت ساجي على برنامج البال توك، تعرضت الندوة من خلال منظميها والمشتركين فيها إلى أصل اللغة القبطية وتاريخها منذ أن كانت لغة حية في أفواه أجدادنا الفراعنة ومراحل تطورها واختلاف الخطوط التي كُتبت بها من هيروغليفي وهيراطيقي وديموطيقي وقبطي، ومراحل تحول اللغة المصرية وتأثرها باللغة اليونانية في عصور الاحتلال اليوناني والروماني، وناقش الحضور ما تعرضت له لغتنا المصرية القبطية من اضطهادات وتعسفات من قبل الغزو العربي الإستيطاني ومراحل انهيار اللغة التي استمرت منذ أكثر من 6500 سنة قبل الميلاد واستمرت لأكثر من 1500 سنة أخرى بعد الميلاد.
و من أهم النقاط التي تناولها الحضور هي:
1. ماذا تمثل اللغة القبطية لنا؟
2. هل اللغة القبطية لغة دينية أم لغة قومية؟
3. ما هي أهمية اللغة القبطية؟
وبعد الإجابة على هذه النقاط من الحضور ومنظمي الندوة الذين أجمع غالبيتهم على أهمية اللغة المصرية القبطية وأهمية العمل على إنقاذها من الاندثار وإعادتها للحياة, توجهت الأنظار نحو كيفية إحياء هذه اللغة بعد أن حوصرت داخل أسوار الكنائس وباتت مجهولة لغالبية الشعب المصري.
ومن خلال المناقشة تم التوصل إلى عدة اقتراحات وتصورات تتمثل في أن مسئولية إحياء اللغة القبطية تنقسم إلى:
1. مسئولية شخصية: فعلى من يجيد اللغة القبطية المصرية أن يعلم من حوله ويتحدث بها معهم.
2. مسئولية جماعية: فعلى الأشخاص الذين يجيدون الحديث باللغة القبطية أن يتجمعوا في نوادي خاصة وعليهم التواصل فيما بينهم باللغة القبطية والمساعدة على إنشاء فصول تعليمية للغير.
3. مسئولية مؤسسية: فعلى هذه الجماعات التي تنجح في تدريس اللغة القبطية من خلال منتديات ونوادي وفصول خاصة أن تتحول كخطوة منطقية إلى مؤسسات غير حاصلة على ترخيصات رسمية تتبنى فكرة إنشاء معاهد ومدارس لتعليم اللغة القبطية وتقوم بتنظيم حفلات ومسرحيات ومسابقات تعتمد في الأساس على اللغة القبطية، وتبدأ هذه المؤسسات المدنية في إصدار وترجمة الإبداع الإنساني من قصة وشعر وحكمة إلى اللغة القبطية.
4. مسئولية سياسية: وهي تقع على عاتق الأحزاب السياسية المصرية المعارضة التي تتبنى فكرة الهوية المصرية, ويمثل هذا التيار السياسي في مصر حاليًا الحزب المصري الليبرالي والتيار المصري الفرعوني، وأكد المجتمعون أن يتمسك هذا التيار السياسي بمطالبه في تدريس اللغة القبطية المصرية في جميع مراحل التعليم والاهتمام رسميًا بلغة مصر الأصلية، وأكد الحاضرون على أهمية دعم الأقباط سياسيًا لمثل هذه التيارات السياسية المصرية.
5. مسئولية دولية: مُلقاة على عاتق المنظمات الثقافية الدولية وعلى رأسها منظمة اليونسكو والأمم المتحدة التي من واجبها المحافظة على التراث الإنساني، وليس هناك أعرق من التراث المصري الأصيل المتمثل في أقدم لغة حضارية في التاريخ، واقترح القائم على الندوة أن يقيم الأقباط منظمات دولية تهتم بجمع التبرعات لدعم تدريس اللغة المصرية القبطية وكذلك الضغط على المنظمات الدولية كي تتبنى حماية اللغة المصرية القبطية من الإنقراض.
وقد أكد الحضور على أنه لا يجب أن تلقى المسئولية في هذا الامر على عاتق الكنيسة القبطية، وأنه من الضروري التعامل مع اللغة القبطية وتدريسها بشكل مدني وليس طائفي، وطالبوا بأهمية استغلال الوسائل التكنولوجية الحديثة كالفضائيات والإنترنت في نشر اللغة وتوعية المصريين بأهميتها، واقترح ممثل التيار الفرعوني في الندوة أن يكون للفن دوره في إحياء اللغة من خلال إنتاج أغاني وأفلام قصيرة وأفلام كرتون باللغة القبطية ومترجمة باللغة العربية، وأن تكون هناك مسابقات محلية ودولية في مجال اللغة القبطية، وأن يتم تحديد يوم عالمى للغة القبطية يحتفل فيه العالم كله ومنهم المصريين بالجهود المبذولة لإحياء اللغة القبطية المصرية.
وفي نهاية الحديث اقترح مندوب التيار المصري الفرعوني أن يتم تأسيس جبهة إنقاذ للغة القبطية تعمل بشكل علني ومؤسسي على تطبيق المقترحات السابقة، وأعلن دعم المصري الفرعوني الكامل لهذه الخطوة والفضل يرجع إلى الباحثين والمهتمين بلغة الوطن المصرية وإلى الكليات الإكليريكية والمعاهد القبطية.
ويقول الكاتب والمؤرخ السيد/ عبد العزيز جمال الدين في كتابه مصرية عن انحسار الألسنة العربية.
بعض ملامح تطوير اللغة المصرية
يبقى في النهاية سؤال هام.. هل كتابة اللغة المصرية الحالية بالحروف العربية ذات الأصول النبطية قد قضى على اللغة المصرية.. أم أن اللغة المصرية امتدت وتطورت في ثوب الحروف (العربية) المتطورة عن النبطية ثم خرجت إلى البلدان المحيطة بها وسادت حتى أن هذه البلدان عندما أرادت أن تعرف لغة "الضاد" بمحتواها الحضاري والثقافي المصري الواسع، لم تعرفها إلا على يد العلماء المصريين منذ إنشاء جامعة الأزهر في القاهرة وحتى بعثات تعليم اللغة التي أرسلتها الدولة المصرية منذ أوائل هذا القرن وحتى اليوم؟
للإجابة على السؤال السابق بشكل مستفيض فإن الأمر يحتاج إلى كتابة موسعة شبه إحصائية وتاريخية عن دور الأزهر والبعثات المصرية التي علمت أهل هذه البلدان لغة الضاد قراءة وكتابة.
ولكن ما يمكننا قوله في هذا المجال (وعلى أساس ما بيدنا من كتب التاريخ مثل كتاب السلوك لمعرفة دول الملوك للمقريزي، وكتاب عقد الجمان في تواريخ الزمان للعيني، وكتاب الروضتين لأبو شامة لابن واصل، وكتاب الفاشوش في حكم قراقوش لابن مماتي، وأشعار ابن سودون والوهراني وكتاب تاريخ البطاركة لساويرس بين المقفع)... إن اللغة المصرية القديمة في صوتياتها وتراكيبها وظواهرها النحوية والصرفية وابداعاتها الأدبية ظلت حيه في لغتنا المصرية الحالية، ذلك أن الشعب المصري احتفظ في وجدانه وتعاملاته اليومية بالتراث الثقافي للغته المصرية، والذي تبدي في أشعارهم الصادقة التي بنت الشعر البدوي الوافد، وفي الملاحم الشعبية المصرية التي تمجد البطولة والمقاومة والاستشهاد دفاعًا عن الوطن ضد المحتل الأجنبي، وتعلي من شأن الضمير والأخلاق الحميدة والتي تعتبر استمرار لحياه وبطولات الشهداء والأبطال المصريين قبل المسيحية وبعدها، وللتدليل على ذلك تذكر دون أن نغفل ما سبق قوله: أنه حين دخل العرب مصر كان للمصريين أقدم لغة في التاريخ وهي أم اللغات.. وأن ظروف حياتهم المادية التي تميزت بالزراعة كان لها الدور الأساسي في تشكيل اللغة التي تعاملوا بها ولا يزالون.. فهم لم يتحولوا بالغزو العربي من حياة الزراعة في الصحراء، بل استمروا يستعملون لغتهم بألفاظها ونظام جملها الذي يتلاءم ويتفق مع نشاطهم الزراعي وحياتهم الخاصة.
حقيقة أن عددًا من الألفاظ العربية قد دخلت اللغة المصرية وجرت على ألسنة المصريين مثلما دخلتها بعض الألفاظ الفارسية والتركية والفرنسية والإيطالية واليونانية والألمانية والإنجليزية واللاتينية...إلخ، والتي تشكل عددًا أكبر من الألفاظ العربية التي دخلت اللغة المصرية... إلا أنهم قد غيروا في صورها وأصواتها وكتابتها وتم تمصيرها لتتآلف مع نظام نطقهم وتخضع لقواعد لغتهم.. فالألفاظ وحدها لا تصلح لغة.. ويظل نظام النحو والصرف المصري هو صاحب البيت كما يظل محتواها الحضاري للتأييد هو حجر الزاوية الذي تقوم عليه وتواصل مسيرتها.
فنحن مثلاً في لغتنا المنطوق لا تستعمل أسماء الإشارة العربية.. هذا وهذه وهذان وهذين وهاتان وهاتين وهؤلاء، فلا تقول (هذا الولد) و(هذه البنت) بل تقول (الولد دا) و( البنت دي). ثم إننا مع المثنى المذكر والمؤنث وكذلك مع الجمع المذكر والمؤنث تتعامل باسم واحد هو (دول) فنقول (الولدين دول) و( البنتين دول) و( الأولاد دول) و( البنات دول) وأن أسماء التحديد ثلاثة فقط هي (دا) و(دي) و(دول) وهي لا تسبق الاسم بل تأتي بعده، فاللغة المصرية القديمة لا تتعامل بأية أسماء للإشارة بل تتعامل بأسماء التحديد، ولا يختلف اسم التحديد باختلاف المحدد أو وضعه في الجملة فتتغير بنيته بالنصب أو الرفع أو غيره... وأن هذا النظام الذي نتعامل به في لغتنا المنطوقة الحالية هو نفسه نظام لغتنا المصرية القديمة.
وإذا كنا في الاسم الموصول لا نستعمل (الذي) و(التي ) و(اللذان) و(اللذين) و(اللتان) أو(اللتين ) و(اللائي)...إلخ، ونستعيض عنها جميعًا باسم موصول واحد فقط هو (اللي)، نجد أن المصريين القدماء كانوا يستعملون اسمًا واحدًا للموصول في جميع الحالات مثلما نفعل الآن تمامًا.
أما المعرف بالنداء في لغتنا على المفرد المذكر والمؤنث ثم الجمع بنوعيه.. نقول (يا ولد) (يا بنت) ( يا أولاد) (يا بنات) لا غير.. ولا يوجد معرف بالنداء للمثنى -مذكرًا كان أو مؤنثًا- فنحن لا نقول (يا ولدين) و(يا بنتين) بل ننادي عليهما (يا أولاد) و( يا بنات).
وفي الضمائر يذكر أنه لا يقول بين الجمع المؤنث أو الجمع المذكر فيقال (هم في البيت) للدلالة على الجمعين، كما لا توجد ضمائر للمثنى الذي يُعامل دائمًا معاملة الجمع في اللغة المصرية القديمة كما هي الحال في لغتنا الحالية.
وتجدر ملاحظة أن جميع اللغات الحديثة الحية قد ألغت صيغة المثنى منها نهائيًا مما يؤكد حيوية اللغة المصرية قديمًا وحديثًا ومواكبتها لتطور الحياة.
ثم أن الظروف الاجتماعية والعادات الفكرية واللسانية وغيرها تؤثر في تطور أصوات اللغات مما ينتج عنه كثير من الظواهر اللغوية التي منها ظاهرة النقل المكاني Melathese وظاهرة التشاكل Assimilation وغيرهما.
كما لم ينطق المصريون نطق بعض الأفعال كما تلقوها من العرب بطيئة لا تجسد حيوية الفعل وحركاته، فلم يستسيغوا نطق (يرتعش) هانئة خالية البال فبدلوا في مواقع حروفها لتسرع، وتوحي وتؤثر وتصبح (يترعش) كذلك الحال مع (يهتز، يحترق) وغيرها.
كذلك عمد المصريون إلى تجسيد كثير من الأفعال بإضافة بعض الحروف إليها فالفعل (يتعظم) ينطق (يتمعظم) و(يتبختر) (يتمختر) فإضافة (الميم) إلى أفعال التعاظم أو التدلل أو غيرها بمنحها مزيدًا من الدلالة والتأثير.
ولعل أهم ما طورته اللغة المصرية على ما تتعامل به من أفعال هو زمن جديد لفعل يمثل الاستمرارcontinuous tense وذلك بإضافة حرف بسيط وهو (الباء) إلى الفعل المضارع، واستعمال كان أو مشتقاتها للتعبير عن فعل الاستمرار في الماضي.. كما في (يشرب) (بيشرب) و(كان بيشرب)..
وتؤثر لغة الحياة السريعة المباشرة في النظام الصرفي مدفوعة بالحاجة إلى التوحيد، وذلك بتحويل كثير من الكلمات إلى صيغ متشابهة مما يفضي إلى إقصاء العناصر الصرفية الثقيلة النطق أو غير المتداولة وخلق عناصر جديدة تفرضها الحاجة إلى تعبير جديد أو انسجام صوتي في الاستعمال، وغالبًا ما يتم هذا التوحيد عن طريق القياس لأن قانون الاقتصاد في الجهد وتجنب إجهاد الذاكرة بما لا يفيد يلعب دورًا مهما في ذلك بحيث أن الصيغ ذات الغلبة تصير مراكز إشعاع قياسي وتجذب إليها غيرها من كل جانب لأسباب متنوعة.
والعجب أن اللغة العربية في مصر كما يقول السيد جمال الدين في طريقها للانحسار يؤكده أيضًا السيد محمد البدري فيقول: فاللغة عند المصري أداة وليست هدفًا، وسيلة وليست قدسًا من أقداسه. فليس غريبًا إذًا أن تنهار اللغة العربية حاليًا لصالح لغات أخرى بل يتخوف البعض من انقراضها لعدم إمكانها من دخول العصر الحديث بكل معارفة وأدواته، ولا يهب أحدُا لإنقاذها. قديما كان التحول اللغوي مرده إلى سياسة الأجنبي المحتل أما الآن فالعولمة والتحولات المعرفية باتت خطرًا ليس فقط علي الثقافات ذات اللغات المقدسة والغير مقدسة إنما على كل حامل للغة لم تعد تفي بحاجة العصر من خيرات مدنية وأمن اجتماعي وعلوم وإمكانية الدخول إلى العصرالحديث.
ولقد قدم الكاتب الفذ الأستاذ "بيومي قنديل" دفاع علمي عن الهوية المصرية المسلوبة والتي تواجه خطرين, خطر الذوبان في الخارج وخطر التفتت في الداخل، وذلك من خلال بحث يتميز بدقة المعلومات الموثقة من مصادر رصينة ومتعددة وينادي باقتراح كتابة اللغة المصرية الحديثة اعتمادًا على الحروف القبطية وخصوصًا حروفها السبعة الديموطيقية كأساس لأبجدية جديدة.
من واقع المقالات الخمس السابقة أريد أن أوضح معلومة عن اللغة عامة، فمن عوامل حيوية أي لغة أن تكون لها لهجات عديدة وخطوط عدة وأن تحوي التجديد وأن تتماشى مع العصر التي تعيش فيها، أما اللغة الجامدة التي لا تقبل التجديد أو ليس لها خطوط تناسب العصر فمصيرها إلى الضعف والزوال, والعكس صحيح فإن اللغة التي تقبل التجديد حتى إن ضعفت أو فترت لأسباب خارجة عن كينونتها مثل اضطهادها أو محاربتها فهي تكمن مؤقتًا لحين إتاحة الظروف التي تسمح لها بالتواجد والانطلاق خاصة إذا وجدت فرصة متاحة واهتمام من البعض.
وفي الحقيقة كل عوامل الحياة نجدها في اللغة القبطية والتي تجد نهضة حاليًا داخلية متمثلة في بعض الهيئات والجماعات والشخصيات المستنيرة التي تريد تمصير مصر وليس تعريبها, أي رجوعها إلى أصولها وأصلها. وخارجيًا أيضًا في تواجد كرسي متخصص في اللغة القبطية في أغلب جامعات أوروبا وأمريكا واستراليا وكندا، بل غدت اللغة القبطية فرصة للباحثين المجتهدين الذي نالوا شهادات الدكتوراة في مختلف نواحي اللغة القبطية.
وليس إهمال اللغة الفبطية في بلدها تصير اللغة ميتة أو ضعيفة لأن العالم أصبح مثل قرية صغيرة بفضل وسائل الاتصالات التكنولوجية الحديثة، فاذا أُهملت اللغة في مصر فإنها تنشط بفعل إحياء اللغات القديمة والأصيلة في جامعات ومعاهد البلاد المتقدمة، وأصبح الآن الكثير من الأجانب يجيدون اللغات المصرية القديمة ويتكلمون بها ويعرفون قواعدها وأساسها، إذًا فلا خوف على ضياع اللغة القبطية.
بل من عوامل قوتها نجد أنها فرضت كثير جدًا من مفرداتها وتراكيب جملها وقواعدها على اللغة العربية المصرية حتى أصبحت لغتنا العربية في مصر غريبة عن اللغة العربية الفصحى المتواجدة في البلاد العربية الأخرى بما فيها بلاد الخليج وجزيرة العرب، وقد توصل أحد علماء الكلام أن عدد الكلمات القبطية المتواجدة في لغتنا العربية المصرية تتجاوز 3000 كلمة أو أكثر ونحن نتكلمها في بيوتنا وأعمالنا ومعيشتنا، وإنه من الخطأ أن نعتبر الخطوط الهيروغليفية أو الهيروطيقية أو الديموطيقية أو القبطية لغات، إنها مجرد خطوط فقط للغة المصرية الواحدة المتطورة والتي سميت بدخول العرب مصر لغة قبطية وهي في الحقيقة مصرية إلا أنها كُتبت بالحروف اليونانية بالإضافة إلى سبعة حروف من الخط الديموطيقي.
وللإحاطة إن اللغة المصرية القبطية كان يستخدمها الأقباط بعدة لهجات مثل الصعيدية والبحيرية والفيومية والأخميمية والأخميمية الفرعية ولهجة مصر الوسطى.
وختام القول أن اللغة كائن حي يضعف ويقوى، يمرض ويُشفى، وبفضل حماس الغيورين للغة القبطية من الإكليروس والعلمانيين المسيحيين والمسلمين والتي تعيش اللغة القبطية المصرية القديمة في وجدانهم وضميرهم, ستظل اللغة قوية متماسكة وستبقى حية في ضمائرنا لأنها لغة الشعب العامية والدارجة ولا يمكن الاستغناء عنها شئنا أم أبينا..
إننا لا نطالب أبدًا بإسقاط اللغة العربية على حساب القبطية، بل نريد أن تكون اللغة القبطية لغة ثانية بعد العربية، متواكبة معها، متوازية أو متتالية لها، خاصة وأننا نتكلمها فعلاً كل يوم وفي كل مناسبة.. وأن بتعلمنا اللغة القبطية ستكون لنا فرصة ذهبية لاكتشاف حضارتنا الغنية وسبر أغوار تاريخنا وتراث أجدادنا، كما حدث في اكتشاف حجر رشيد بفضل دراسة شامبليون للغة القبطية والتي قادته إلى فك ألغاز الكتابة ورموزها، حينئذ سنحظى باحترام العالم وتقدير العلماء لأننا احترمنا لغتنا الأصلية وحضارتنا القديمة والكائنة في داخلنا والمؤثرة في حياتنا بدون تزييف أو افتراء، لأن الصدق هو أقرب طريق للاحترام والحق.
بل أنني أخاف يومًا ما أن يأتي الغرباء الأجانب ليعلموننا لغتنا, ويكلموننا بها دون أن نفهمها, ويرشدوننا إلى تراثنا ونحن مندهشون, ويدرسوننا حضارتنا ونحن غائبون... كل هذا بسبب كراهيتنا لحضارتنا ومحاربتنا للغتنا القديمة... لغة مصر الأصيلة!!
لقراءة الجزء الأول من المقال أنقر هنا
لقراء الجزء الثاني من المقال انقر هنا
لقراءة الجزء الثالث من المقال انقر هنا
لقراءة الجزء الرابع من المقال انقر هنا
لقراءة الجزء الخامس من المقال انقر هنا
http://www.copts-united.com/article.php?A=10025&I=263