بقلم د.ماجد عزت إسرائيل
أن تاريخ المسيحية في مصر، هو من تاريخ المسيحية نفسها، والتي بدأت في القرن الأول الميلادي، والكنيسة القبطية على مر التاريخ نموذج فريد للمجتمع المتدين، الذي عاش في مواجهه التميز العنصري، والمتاعب من كل نوع، بما فيها الإضطهاد والظلم الفادح للأقباط.
ونحن مدينون للقديس "مارمرقس الرسول" الذي سميت أول كنيسة في بلادنا على أسمه، وفيها دفن جسده الطاهر، ومن عند ذلك الجسد، كان البطاركة يختارون، وكان أول عمل لهم هو التبرك بمزاره، وإحتضان رأسه الطاهرة وإلباسها كسوة جديدة.
وأصبحت الكنيسة مركز القيادة –يوم الأحد– رائعة في طقوسها القديمة، التي لا تزال تدل على تمسك الكنيسة المصرية الرسولية والرهبانية الأولى، كما قاد بطاركة الإسكندرية المجامع المسكونة، ووضعوا المبادىء القانونية للإيمان المسيحي، وشاركوا في التعليم المسيحي لكل العالم.
ويقال إن الكنائس القبطية إضطرت –بصفة خاصة في الإسكندرية في عام 539م– عندما تم طرد الأقباط الأرثوذكس من كنائسهم بواسطة القوات البيزنطية، لبناء كنائس خاصة بهم مثل كنيستي الإنجيليون " Angelion" قزمان و دميان، وأصبحتا من مراكز العبادة القبطية بالإسكندرية، في تلك الفترة الصعبة.
ومع بداية الغزو العربي (641م)، إعتمد على القاعدة الفقهية الأكثر شيوعًا في مصر في إبقاء الكنائس القديمة قبل الفتح الإسلامي، بل الكنائس والأديرة الموجودة، مع عدم جواز بناء كنائس جديدة، وأجازات تجديد وترميم الكنائس القديمة، وعدم قبول بناء كنيسة جديدة في كل مكان بدلاً من كنيسة قديمة في مكان أخر.
وعلى الرغم من منع الفقه الإسلامي لإقامة كنائس جديدة، أو إجراء توسعات في الكنائس القديمة، وكراهية الأقباط لهذا الشرط –وهو ما تنادى بها كل الأوساط المسيحية بإصدار قانون دور العبادة الموحد وهذا ما نتمناه– فقد شهدت مصر الإسلامية العديد من المحاولات الناجحة للأقباط في إنشاء كنائس جديدة، وفى العصر العثماني حاول الأقباط الإلتفاف حول هذا الشرط بشتى الطرق، فإذا كان الفقه الإسلامي قد إشترط عدم إستحداث كنيسة جديدة، فلقد لجاء الأقباط إلى بناء كنائس وقاعات صلاة جديدة داخل الكنائس والأديرة القديمة، أو بجوارها وأحيانًا داخل أسوارها، وبذلك لا يكون بناء كنيسة جديدة في منطقة جديدة، مع ملاحظة مخالفة ذلك لأحكام الفقه الإسلامي.
وخير مثال على ذلك، قام البابا "مرقس" البطريرك رقم (101)في سنة 1370ش/1653م، ببناء قاعة للصلاة في كنيسة السيدة العذراء، بحارة زويلة بالقاهرة، كما سمح للأرمن بإقامة صلواتهم فيها حتى تبنى كنيستهم في شارع السورين، وأيضا بنى المعلم إبراهيم الجوهري في عام 1773م كنيسة باسم مرقوريوس "ابوسفين" بجانب كنيسة السيدة العذراء بحارة زويلة بالقاهرة.
وهذا المثل الأخير دليل على صدق الإستنتاج القائل بأن الأقباط لجأوا إلى الإلتفاف حول شروط بناء الكنائس عن طريق بناء كنائس جديدة، بجانب الكنائس القديمة أو في داخل أسوارها، لأن المعلم إبراهيم الجوهري كبير المباشرين الأقباط بما له من صلات وطيدة بالإدارة، لم ينجح في بناء كنيسة جديدة في حي المقسم (المقس أي الإزبكية) الذي يعيش فيه، بينما نجح في بناء كنيسته الجديدة في حي أخر بجانب كنيسة قديمة مع أن حي المقسم ظل طيلة العصر العثماني بلا كنيسة، وهو أكبر الأحياء القبطية بالقاهرة.
وأخيرًا نجح أحد الأراخنة الأقباط وهو المعلم "إبراهيم الجوهري" في الحصول على فرمان لبناء الكنيسة المرقسية بالإزبكية عام 1800م، وربما يتسأل البعض كيف حدث ذلك؟ |
|
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|