بقلم: جرجس بشرى
لابد أن نتفق أولاً على حقيقة مُهمة وجوهرية وأساسية وهي أن "أقباط مصر" هم سكان مصر الأصليين، ونحن إذ نقول ذلك لم نتبع خـُرافات مُصنعـة، بل أن هذا القول له ما يسنده ويدعمه من التاريخ، لدرجة أن الموسوعة الحرة "ويكبيديا" أشارت إلى أن كلمة "أقباط" ما هي إلا جمع لكلمة "قبطي"، وأن الأقباط إسم كان يدل على ساكني وادي النيل من المصريين قبل دخول الإسلام ، ثم انحصرت كلمة قبطي بعد الفتح العربي لتدل على المسيحيين المصريين عبر العصور.
كما أشارت الموسوعة إلى أن كلمة "قبط" كانت تدل على أهل مصر دون أن يكون للمُعتقد الديني أثر على ذلك الإستخدام، إلا أنه بسبب كون المسيحية كانت الديانة السائدة بين المصريين وقت دخول العرب المسلمين مصر فقد إكتسب الإسم كذلك بُعدًا دينيًا، كما إنحصرت كلمه قبطي علي مر العصور لتشير لمسيحيين مصر ، وكذلك في الخطاب الرسمي للدلالة على المسيحيين المصريين تحديدًا.
ومن المؤكد أن أقباط مصر هم أكبر أقلية دينية في منطقة الشرق الأوسط بلا مُنازع، كما أن الكلمة العربية "قبط" (بحسب الموسوعة الحرة ويكيبيديا أيضًا) هي تعريب للكلمة القبطية "گپتياس"، ومن اليونانية "أَيگپتيوس Αιγύπτιος" التي تعني مصري.
ولقد رأيت أن أبدأ مقالي بهذه المقدمة للتأكيد على أن أقباط مصر ليسوا بمستوطنين ولا بغرباء ولا بجاليات في هذا البلد، ولكنهم أصلها وعبق تاريخها، وقد أكد عميد الأدب العربي د/طه حسين في كتابه "مستقبل الثقافة في مصر" على أصالة الأقباط والكنيسة القبطية بقوله "الكنيسة القبطية مجد مصري قديم" كما تؤكد المصادر التاريخية المُنصفة على أن أقباط مصر هم أحفاد الفراعنة، وأنه لمن الأمور المخزية أن قامت الحكومات المصرية المُتتالية خاصة (حكومات ما بعد ثورة يوليو 1952) بتهميش الأقباط ونفيهم عن الحياة السياسية في مصر للدرجة التي أصبح فيها من الصعوبة بل ومن المستحيل على القبطي "المسيحي" أن يفوز بعضوية كرسي في البرلمان!
كما تم تهميش سكان البلد الأصليين (الأقباط) عن الوظائف القيادية والعليا، ووضع قيودًا ظالمة على حرياتهم الدينية لدرجة أن وصلت العنصرية الحكومية تجاههم إلى حد أعمال سياسة "التواطؤ و التحصين" في حوادث العدوان الطائفي على الأقباط لدوافع دينية بحته، والتحصين هنا يعني تحصين الحكومة المصرية للجناة المسلمين المعتدين على الأقباط في حوادث العدوان الطائفي، حتى لا يطولهم عقاب، حتى ترسخ في أذهان العامة من الشعب أن دم القبطي "المسيحي" في مصر بلا دية، الأمر الذي ساهم وبشكل واضح في تكرار الحوادث، وتطور أشكال العنف ضد الأقباط، بحيث أنك تجد أن هناك عقابًا جماعيًا يقع على الأقباط من عامة الشعب في حوادث فردية بين طرفين أحداهما مسلم والآخر قبطي.
ولن أكون مُبالغًا إذا قلت أن السياسات العنصرية الغبية التي تتخذها الحكومة المصرية تجاه أقباط مصر أدت وبشكل واضح إلى تحويل أقباط مصر من سكان ومواطنيين أصليين إلى ما هو أشبه بــ "الجالية"، وإن كانت الجاليات الإسلامية في الدول الغربية أوفر حظًا وتتمتع بكافة الحقوق مع المواطنيين الأصليين في هذه البلاد.
لقد أرتكبت الحكومات المصرية المتاعقبة جُرمًا كبيرًا في حق أقباط مصر وجعلتهم يشعرون بالإغتراب والغُربة في وطنهم الأصلي مصر، وقد ساهم في ذلك بشكل وأضح وملموس سلبية الأقباط، وصمتهم على الجرائم اللإنسانية التي تـُرتكب كل يوم في حقهم، لدرجة أن وصلوا إلى هذا الوضع المُذري من التهميش والإضطهاد بكل ما تحمله كلمة إضطهاد من معنى، وبات مطلوبًا أمن الأقباط أن يحتجوا بكافة الطرق السلمية والمشروعة في الداخل والخارج لوضع حد لهذا الظلم، قبل أن يتحولوا بالفعل إلى جالية في وطنهم وبلدهم مصر، وإن كانت الجاليات حاليًا تتمتع بحقوق كفلها لهم القانون الدولي لا يتمتع بها الأقباط! |
|
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|