بقلم: د.أحمد الخميسي في بيان المجلس جاء أن الملتقي يرمي إلي " إعادة الهيبة لذلك اللون الأدبي المميز ورصد حالة القصة القصيرة في العالم العربي " . وبهذه المناسبة طبع المجلس عشرة كتب ، بعضها جديد مثل " المشهد القصصي العربي " لمجموعة كتاب عرب ، وكتاب الصديق حسين عيد " القصة العربية القصيرة قضايا ورؤى"، وكتاب ملخصات للأبحاث المقدمة تصدرتها دراسة للناقد الكبير إبراهيم فتحي عن " مغامرات الشكل في قصص يحيي الطاهر عبد الله " ، وكتاب يضم تعريفا بكل مشارك ، وكتاب " ثقافة العنف " لأحمد عبد الرازق أبو العلا ، وأعاد المجلس طباعة بعض الكتب المهمة مثل " الأعمال الكاملة ليحيي الطاهر" و " القصة القصيرة في مصر" للدكتور شكري عياد، و" المفارقة في قصص يوسف إدريس" لنجاة على . لا أعرف لماذا لم يطبعوا كتاب يحيي حقي " فجر القصة "؟ . ويشير ذلك كله إلي عمل جاد وراءه جهد حقيقي . ولن أتوقف هنا عند جلسات المؤتمر التي تناولت نشأة القصة ، وأصول الفن القصصي ، والقصة والصحافة الأدبية ، والسرد القصصي في التراث، وغير ذلك ، فقط أود أن أنوه بما أعتبره إنجازا حقيقيا كبيرا للمؤتمر ، وأعني الكتاب المكون من ثلاثة مجلدات ضخمة وهو " من عيون القصة المصرية القصيرة " الذي اقترح فكرته أديبنا خيري شلبي وعكف عليه د. حسين حمودة . وأعتقد أن هذا الكتاب هو إنجاز المؤتمر الحقيقي ، أو على الأقل إنجازه الأول والأساسي ، غير المسبوق . أقول هذا لأن مهمة المجلس في اعتقادي ، وأيضا مؤسسات الدولة الثقافية ، هي بناء الصناعة الثقيلة في الثقافة وهو ما لا تقدر عليه مبادرات فردية . ويستطيع كاتب ما أو مترجم أن يقدم كتابا هنا أو هناك ، لكنه لا يتمكن من رصد أسماء الكتاب جميعا وتواريخ نشر القصص وغير ذلك . هذه المهمات الثقيلة هي مهمات مؤسسات الدولة الثقافية . وقد تصدى الكتاب الذي يدور الحديث عنه لمهمة من هذا النوع ، فحاول بابتكار وجهد خلاق بذله د. حسين حمودة أن يقدم لنا جدارية من أبدع ما يمكن لفن القصة القصيرة المصرية . أهمية الكتاب ليست في أنه الأول من نوعه فحسب ، لكن أيضا في أنه بعث تاريخ ذلك الفن السردي وأحياه ووضعه كاملا تقريبا ، متأججا بأرواح كتابه ، عبر أزمنة مختلفة ، في جدارية مشعة . في الكتاب سنجد من عهد نشأة وتأسيس ذلك اللون الأدبي قصة " في القطار " للعبقري محمد تيمور مؤسس القصة القصيرة ، وقصص لشحاته عبيد ، ويحيي حقي ، وطاهر لاشين ، ثم قصص من الأربعينات للشرقاوي وسعد مكاوي وأحمد رشدي صالح وغيرهم ، ثم من الخمسينات يوسف إدريس ولطيفة الزيات ومحفوظ ، ومن الستينات بهاء طاهر ويحيي الطاهر عبد الله ، والغيطاني ، وأبو المعاطي أبو النجا ، ومحمد إبراهيم مبروك ، والبساطي ، ثم تأتي القصة الرائعة التي كتبها أحمد هاشم الشريف في حينه وترددت أصداؤها طويلا بين أبناء ذلك الجيل ، أعني قصته " اللصوص " . وبعد ذلك تلمع أسماء جديدة ذات تأثير ضخم مثل المبدع محمد المخزنجي الذي قدم الكثير لاستمرار القصة القصيرة ، ومحمود الورداني ، وغيرهما ، وأخيرا تحل القطفة الأخيرة الجميلة التي تضم أسماء مثل منصورة عز الدين ، وحسن عبد الموجود ، وحسام فخر ، وحنان الديناصوري ، وآمال الميرغني ، وغيرهم . أهمية الكتاب المعنوية ليست فقط في أنه يضع أمامك كل تلك اللوحة بكل ثرائها وتموجها واختلاط أوائلها بأواخرها ، لكن في أنه يشيع ذلك الشعور العميق بأن هناك معنى واحدا عاما وضخما مثل جدار ، يترك عليه كل كاتب أثرا ، إما شمعة صغيرة ، أو مصباحا هائلا متقدا ، أو حتى تنهيدة أسى أو أمل خفيفة قد تزول مع الزمن . ينشر هذا الكتاب الجميل شعورا عميقا بأن كتاب القصة جميعا أبناء مهمة واحدة ، منذورون جميعهم من مختلف الأزمنة لفن أجمل وحياة أفضل . كنت أود أن أكتب أكثر لأقدم المزيد من الشكر لكل من ساهم في هذا الجهد ، لكن المساحة نفدت ! |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع: | الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت | عدد التعليقات: ٠ تعليق |