بقلم: زهير دعيم
جاء في المنجد : البِشّارة – الخبر المُفرح وجمعها بشائر. والبشير هو حامل وناقل الخبر السّارّ. النذير – اسم بمعنى الإنذار ، الحامل الخبر السيئ
ومن هنا جاءت كلمة الإنجيل ( العهد الجديد ) والكلمة يونانيّة معناها البِشّارة المفرحة والخبر السارّ.
حقًّا فالبشارة ناعمة الجرس ، دافئة المعنى ، هامسة الوقع ، حيّية الفحوى.
قبل عدّة أيام سُئل القمص مكاري يونان عن البشارة ، فقال بما معناه : البشارة ليست تهمة ، وليست إثمًا ، إنّها فريضة ووصيّة أوصانا بها السيّد المسيح قبل ان ينطلق الى السماء أمام الكثيرين في جبل الزيتون ، فقد قال لنا بفمه الطّاهر :
" فتقدم يسوع و كلمهم قائلا دُفع إليَّ كل سلطان في السماء و على الارض فاذهبوا و تلمذوا جميع الأمم و عمّدوهم باسم الاب و الابن و الروح القدس و علّموهم ان يحفظوا جميع ما أوصيتكم به و ها انا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر آمين "
من هنا يظهر ان التبشّير وصيّة علينا ان نقوم بها على أحسن وجه ، وهذا يعني ان نحمل السلام للأمم ، كلّ الأمم ، ونحمل رسالةً مملوءة بالمحبة والخلاص المجّانيّ وتضمن الأبدية ، حيث تُلقي بهمومك وخطاياك وقلقك وأتعابك عند أقدام المصلوب ، فيتجدّد الدّاخل وتختطّ لك طريقًا مقدّسًا ، يفوح عطرًا وقداسةً، وينحني تحت حمل من الثمار الحلوة اليانعة.
قد نقع في الخطّية ، ولكننا لا نعشقها ولا نلهث خلفها ، بل سرعان ما نجثو عند المصلوب تائبين.
إذن التبشير كلمة جميلة ، إيجابيّة ، مُثقلة بالأفراح ، رغم ان الكثيرين يعتبرونها في هذه الأيام نقيصة !!! فكثير من المسيحيين تنازل عنها وتغافل وطواها مع ستار الأيام ، فإنّها حسب رأيهم "وجع" رأس تقضّ المضجع وتؤثر سلبا على " الوفاق الوطنيّ " وقد تجرح " النسيج الاجتماعيّ " الحسّاس ، وقد تُغضب البعض الذين اعتادوا على سماع انهم الأفضل والأروع والأصدق ...فانكمش الكثير من المسيحيين وأهملوا وصيّة السيّد الأخيرة تملُّقًا ومهابةً وخجلاً..
تضحكني هذه النظرية القائلة انّ كلّ الأديان سماوية ، تصبّ في بحر الإيمان والإله الواحد !!!..وكيف تصبّ والواحدة تناقض الأخرى وتصيبها في الصّميم؟
وكيف تصبّ وإله هؤلاء يختلف عن اله أولئك ..أترى الله الحقّ يتغيّر؟
لا ... لا علينا ان ننفض الغبار عنّا ونُشمِّر عن سواعدنا ونخبّر الدُّنيا بالخبر السّارّ ؛ خبر الخلاص المجّانيّ بالسيّد الإله المُتجسّد.
علينا ان نفاخر الدنيا ونرفع الرؤوس بشممٍ بهذا اليسوع الرائع الحيّ ، لأنه الطريق والحقّ والحياة.
قد نجد عقبات وعثرات في الطريق ، وقد نصادف عنادا ورفضًا ، فليكن ، ولكن علينا ان نتيقن أنّ في داخل كلّ إنسان طفل صغير و يوحنّا المعمدان.
انّها أنانية وما بعدها أنانيّة إن غرفت أنت وحدك من نبع الحياة وتركت جيرانك وأقربائك ومعارفك ظمأى .
إنّها انانيّة مُفرطة ان تعرف السبيل الى الملكوت ولا تعطى "الخارطة" لجارك وحتّى لأعدائك.
قد يقول قائل : إنّها صعبة ، مُحرجة ، تحتاج الى جرأة .
ولكننا ننسى انّ الرب الإله قال : افتح فمك وأنا أملأه ..علينا ان نبادر ، أن نرميّ ولو كلمة عن يسوع ، أن نزرع البذرة ..وهو هو الذي يُنمّي ، هو الذي يهتم ويتابع المشوار ويقرع على القلوب والضّمائر .
البِشّارة ليست إثمًا.
البشارة ليست تُهمةً.
الجريمة ان نقف نحن المؤمنين مكتوفي الأيدي وأرتال البشر تنهر وتهرول نحو الجحيم.
الجريمة ايضا حين نحاول ان نثني غيرنا عن حمل البشارة ، بحجّة الوفاق الوطني والتوازن والنسيج الاجتماعي وكلّها أديان ، وكلمات أخرى لا تُغني ولا تسمن.
مُبشِّر : كلمة جميلة ، رائعة ، مباركة أتوق الى حملها بأمانة وصدق
مُبشِّر كلمة حروفها من نور ، تحمل رسالة النور الى كهوف الظلمة . |