CET 00:00:00 - 03/11/2009

مساحة رأي

بقلم: منير بشاي – لوس أنجلوس
الإنتخاب حق لم يحصل عليه المواطن بسهولة، ولذلك فمن العبث أن يضحي به بسهولة. وحتى في الدول الديمقراطية فإن هذا الحق لم يُمنح لكل فئات المجتمع بطريقة تلقائية، فإلى وقت قريب في الولايات المتحدة كان الجنس الأسود (النيجرو) وكذا النساء غير مسموح لهم بالإنتخاب، ناهيك عن حق الترشيح للمناصب. وفي سبيل الحصول على هذا الحق حدث نضال كثير، وقامت معارك ضارية، وضحى الكثيرون بأرواحهم. ولكن من الجدير بالملاحظة أن هذا النضال في أمريكا قد أتى بثماره ليس فقط بالحصول على حق الإنتخاب بل وتُوج أخيرًا بوصول إثنين لقمة المنافسة على منصب رئيس الجمهورية داخل الحزب الديمقراطي أحدهما نيجرو وهو باراك أوباما والثاني امرأة وهي هيلارى كلينتون، ونجح أوباما فى حزبه، ونافس مرشح الحزب الجمهوري في التصفية النهائية، ثم فاز ليصبح أول رئيس من أصول أفريقية فى تاريخ أمريكا.
لا أتوقع أن نفس هذا السيناريو سيحدث في مصر قريبًا، وأدرك العقبات التي تقف في طريق الممارسة الديمقراطية في مصر، وأعلم حجم التعصب الذي يسيطر على عقلية بعض الناخبين بل ولا استطيع إغفال عامل الفساد والتزوير في العملية الإنتخابية من جهة السلطات، كل هذه أمور واردة. وللأسف قد دفعت البعض وخاصة من بين الأقباط إلى نوع من الإحباط والعزوف عن المشاركة في الإنتخابات معتقدين أن الإنتخابات هي تحصيل حاصل ولا جدوى منها وما هي إلا تضييع للوقت لأن النتيجة محسومة ولا يمكن تغييرها.

ولكن على العكس، نفس هذه الأمور بدلاً من أن تدفع الأقلية القبطية إلى الإنسحاب من المشهد فإنها يجب أن تدفعهم أن يعيدوا تجميع صفوفهم ومحاولة ابتكار إستراتيجيات جديدة للتغلب على الصعاب وتفعيل صوتهم الإنتخابي، وبذلك لا يتركوا الساحة للآخرين أن يفعلوا بهم ما يشاؤون.
للأسف الوضع الذي يسود مصر الآن يدفع الكثير من الناخبين إلى التصويت على أساس الهوية الدينية، مضى الوقت الذي كان المرشح المسيحي ينجح بالإنتخاب الحر في دوائر تكون الغالبية الساحقة منها مسلمون، والعكس أيضًا كان صحيحًا فالمسلمين أيضًا كانوا ينجحون في دوائر كان معظمها من المسيحيين. وعسى أن تمر غمة التعصب الكريه وترجع مصر إلى سابق روح التسامح والتعايش المشترك. ولكن إلى أن يحدث هذا فليس من مصلحة الأقباط أن يهملوا في ممارسة حقهم الإنتخابي بل في اعتقادى أنه رغم كل شيء فإنه في الإمكان استعمال العملية الإنتخابية لتحسين أحوالهم.
أهم شيء على كل قبطي مؤهل للإنتخابات أن يعمله هو أن يستخرج له بطاقة انتخابية وأن يمارس حقه الإنتخابي كمواطن أصيل له الحق في إبداء رأيه في القضايا التي تهم الوطن، عدد المسجلين يمثل قوتهم الإنتخابية وإذا سجل جميع الأقباط أنفسهم فإنهم سيمثلون قوة إنتخابية لا يُستهان بها، وحتى إذا كان عددهم ليس بالقوة الكافية حاليًا لإنجاح المرشح القبطي فإن هذه القوة الإنتخابية تستطيع أن تكون عاملاً في نجاح أو سقوط المرشحين الآخرين طبقًا لموقفهم من القضايا التي تخص الأقباط.

إذا كان الأقباط لهم هذه القوة الإنتخابية فستجد المرشحون يتسابقون إلى محاولة خطب ودهم، سيأتون لهم حيث هم ويعرضوا عليهم برامجهم الإنتخابية ويمكن أن تحدث مفاوضات معهم ووعود بالتأييد الإنتخابي أو التعضيد المالي لمن يقدم برنامجًا يشتمل على وعود بدراسة مشاكل الأقباط وإيجاد حلول عادلة لهم.
هذا ما تقوم به الأقليات المختلفة في أمريكا مثل الجالية اليهودية، وقد نجحوا في أن يكونوا طائفة مؤثرة بعد أن كانوا من المهمشين والمضطهدين، وهذا ما يجب أن يفعله الأقباط الآن في مصر بعد أن كانوا مهملين له فى الماضي.
ولا أنسى ما قاله المرحوم د. فرج فودة في خطابه للأقباط عندما زار أمريكا... قال أنه سقط فى الإنتخابات في شبرا المنطقة التي بها كثافة قبطية كبيرة لأن الأقباط مكثوا في بيوتهم ولم يذهبوا للإنتخابات، ولو كانوا قد انتخبوه لنجح وبذلك يكون لهم نائبًا متعاطفًا معهم في مجلس الشعب.

الأقباط قوة لا يُستهان بها إذا اتحدوا وسيكونون قوة أكبر لو أضيف لهم أقباط المهجر، وأطالب بأن يُسمح لأقباط المهجر بالمشاركة في الإنتخابات طالما ما يزالوا يحملون الجنسية المصرية كما تفعل كثير من الدول بالنسبة لأبنائها الذين يعيشون في الخارج، أنا لا أطالب بحق الترشيح الذي لا يحق لمزدوجي الجنسية ولكن بمجرد الاشتراك في الإنتخاب.
لست في وهم لأعتقد أن الإنتخابات وحدها يمكن أن تحل جميع مشاكل الأقباط، ولكنها جزءًا هامًا من اتخاذ الأقباط موقفًا جديدًا وجريئًا وهو نبذ السلبية والخروج من العزلة إلى الحياة العامة وإعلان أنهم جادون في أخذ حقوقهم الدستورية والإنسانية بكل الوسائل السلمية المشروعة. وتشمل هذه المشاركة السياسية في الأحزاب، والدخول في انتخابات النقابات، والشكوى من الظلم وتصعيدها إلى أعلى سلطة في الدولة، وأيضًا حق الإلتجاء للقضاء. بل وحق التظاهر المشروع الذي قد يصل إلى العصيان الإجتماعي إذا لزم الأمر وقوبلت مطالبهم العادلة بالإصرار على التغافل. كل ذلك يجب أن يكون مطروحًا، وإن كنت أتمنى أن لا يضطر الأقباط إلى استخدام هذه الأساليب الإحتجاجية غير التقليدية. وفي اعتقادي أن إدراك السلطات أن الأقباط جادين وأنهم قد يضطروا إلى استخدام أساليب غير عادية قد تدفع السلطات إلى تلبية مطالبهم العادلة وبذلك لا يكون هناك ضرورة إلى استخدامها.

الحقوق لا تُمنح ولكنها تُنتزع، ولا يضيع حق وراءه مطالب. وكما قال مارتن لوثر كنج: لا يستطيع أحد أن يركبك إلا إذا كنت منحنيًا.

Mounir.bishay@sbcglobal.net

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت عدد التعليقات: ١٠ تعليق